الثلاثاء, 23-ديسمبر-2008
الميثاق نت -     محمد علي اللوزي -
قُبْلة محمومة ومهينة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.. حقق بها منتظر الزيدي الرقم القياسي لأغلى حذاء في العالم.. وأشهر حذاء سلطت عليه الاضواء والتحليلات من كبار المفكرين والفلاسفة والساسة، كلُّ يعرض من خلالها وجهة نظره.. البعض يرى بأنها إهانة ليس بعدها إهانة،‮ ‬والبعض‮ ‬الآخر‮ ‬يراها‮ ‬مجرد‮ ‬احتجاج‮ ‬وتعبير‮ ‬عن‮ ‬الرأي‮.‬ انقسم‮ ‬العالم‮ ‬في‮ ‬الموقف‮ ‬الذي‮ ‬سجله‮ ‬حذاءٍ‮ »‬منتظري‮« ‬الى‮ ‬فسطاطين‮.. ‬البعض‮ ‬مع‮ ‬والآخر‮ ‬ضد‮ ‬هذا‮ ‬الموقف‮ ‬تماماً،‮ ‬كما‮ ‬انقسم‮ ‬العالم‮ ‬في‮ ‬الموقف‮ ‬من‮ ‬الاحتلال‮ ‬الامريكي‮ ‬للعراق‮.‬ لم يكن يخطر ببال بشر أن ثمة حذاء سيأتي عليه زمن يكون في الشهرة مساوياً لجورج بوش من حيث التعرض له إعلامياً .. إذاعات مسموعة ومرئية ومقروءة وصحافة »نت« كلها جعلت من حذاء »الزيدي« الموضوع الرئيسي لدرجة يصعب حصر تناوله ناهيك أنه كان حديث البشرية على هذا الكوكب‮.‬ لتأتي المحصلة تعبيراً عن موقف /ضد موقف/ حرب / ضد حرب، كما جعل بوش البوارج تخضع العراق، جعل الحذاء من بوش يخضع رقبته طلباً للسلامة.. قيل عنه الكثير من النكت السياسية.. وقيل عنه أنه جعل قضية الاحتلال الامريكي للعراق تعود الى مربع الطاولة بعد أن أوشك العالم أن‮ ‬ينسى‮ ‬هذه‮ ‬القضية‮.‬ مجرد‮ ‬حذاء‮ ‬يعيد‮ ‬صياغة‮ ‬حرب‮ ‬وموقف‮.. ‬ويجبر‮ ‬أعتى‮ ‬البشر‮ ‬قساوة‮ ‬على‮ ‬التألم‮ ‬وتحديد‮ ‬مقاسه‮.‬ هذا‮ ‬حذاء‮ ‬رفع‮ ‬كرامة‮ ‬ومرَّغ‮ ‬كرامة‮ ‬بمقاييس‮ ‬المقاومة‮ ‬والرابض‮..‬غير‮ ‬أنه‮ ‬لدى‮ ‬المحتل‮ ‬بداية‮ ‬غير‮ ‬مسبوقة‮ ‬في‮ ‬دحر‮ ‬الرابض‮ ‬على‮ ‬الارض،‮ ‬كما‮ ‬قال‮ ‬أحد‮ ‬جنرالات‮ ‬الحرب‮..‬ من أجل حذاء ضج العالم.. خرجت المظاهرات.. أعيدت كلازمة مستمرة على القنوات الفضائية.. قال عنها البعض عملاً بطولياً خارقاً وتحدياً للكبرياء الامريكية.. وقال البعض عنها إنها خرجت عن الكياسة واللياقة واحترام الضيف. وحده »منتظري« من قال كلمة صدق عند سلطان جائر كما يرى علماء الدين، وآخرون من القوى المناهضة للاحتلال.. دفع بوش ثمن هذا الحذاء غالياً، من سوء طالعه انه جاء بالحروب والكوارث والدمار للعديد من البشرية، لذلك لا أحد ينظر اليه كرجل خير أو محترم، ومن سوء حظه أيضاً‮ ‬أن‮ ‬تتحول‮ ‬الغطرسة‮ ‬الى‮ ‬انحناء‮ ‬أمريكي‮ ‬خشية‮ ‬حذاء‮ ‬يقع‮ ‬على‮ ‬الوجه‮.‬ هذا‮ »‬المنتظري‮« ‬كان‮ ‬له‮ ‬من‮ ‬اسمه‮ ‬نصيب‮ ‬في‮ ‬انتظار‮ ‬الفرصة‮ ‬السانحة‮ ‬لينتقم‮ ‬من‮ »‬بوش‮« ‬بطريقة‮ ‬خارقة‮ ‬للعادة،‮ ‬وهذا‮ ‬بوش‮ ‬الذي‮ ‬دارى‮ ‬الحدث‮ ‬بضحكة‮ ‬كئيبة‮ ‬بات‮ ‬يعيش‮- ‬كما‮ ‬قال‮ ‬محلل‮ ‬أوروبي‮ -‬عقدة‮ »‬الحذاء‮«.‬ محللون‮ ‬نفسانيون‮ ‬اليوم‮ ‬في‮ ‬بحوثهم‮ ‬ودراساتهم‮ ‬يشرعون‮ ‬في‮ ‬جعل‮ »‬عقدة‮ ‬حذاء‮« ‬مصطلحاً‮ ‬نفسياً‮ ‬يُطلق‮ ‬على‮ ‬الانسان‮ ‬المتغطرس‮ ‬الذي‮ ‬ينهار‮ ‬أمام‮ ‬أبسط‮ ‬موقف‮..‬ بلاشك أن هؤلاء المحللين والساسة قد وجدوا مادة مهمة ارتقت بفضائياتهم لتجذب المشاهدين من خلال الحذاء .. إحدى الفضائيات الأوروبية سخَّرت كل بثها »للحذاء«، واستطاعت أن تجلب مداخيل إعلانات وصلت الى 350 مليون يورو.. هو حذاء البركة عند البعض وحذاء النحس عند البعض‮ ‬الآخر‮.‬ يصدق‮ ‬عليه‮ ‬المثل‮ ‬القائل‮ »‬مصائب‮ ‬قوم‮ ‬عند‮ ‬قوم‮ ‬فوائد‮« ‬ومصيبة‮ ‬بوش‮ ‬من‮ ‬الحذاء‮ ‬صارت‮ »‬عقدة‮« ‬استفاد‮ ‬منها‮ ‬تجار‮ ‬الاعلانات‮ ‬ومروجو‮ ‬الاحذية‮ ‬وعملاء‮ ‬الاستعمار‮ ‬ايضاً‮..‬ سيقال عن هذا الحذاء المؤلفات الكثيرة.. وهناك في هوليود يجرى وضع فيلم بعنوان »الحذاء وبوش« ينتظر المنتج له أن يحقق موارد مالية أكبر مما يتوقعه المرء.. هذا الحذاء رزق وافر عند البعض.. ويوم نحس عند البعض الآخر. قام العالم ولم يقعد بعد من أجل حذاء ، كما قام العالم في حرب العراق ولكنه قعد.. فجعله الحذاء ينتفض ثانية.. عقدة الحذاء اليوم تطال المؤتمرات الصحفية.. يخشاها الطغاة والدكتاتوريون .. ومشعلو الحروب.. عقدة الحذاء بدأت وسوف تستمر ولن تهدأ وعليكم كقُرَّاء أن تدخلوا‮ ‬فقط‮ ‬لتصفُّح‮ ‬النت‮ ‬لتقرأوا‮ ‬كم‮ ‬من‮ ‬التحليلات‮ ‬والنكت‮ ‬والمواقف‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬الحذاء‮..‬ الحذاء اليوم مثار القوة والرفض لدى الفلسطيني المقاوم والعراقي الرافض للوجود الامريكي .. مسيرات الحذاء بدأت ضد الغاصبين والمحتلين.. وحدها الاقدر على أن تكون سلاح الدمار الشامل بما تفعله لدى الآخر وهي تكشف سوءاته ونفسيته وعجزه عن المواجهة أمامها.. ووحدها تقاوم‮ ‬البوارج‮ ‬الحربية‮ ‬وصواريخ‮ ‬هوك‮ ‬وطائرات‮ ‬الشبح‮ ‬وأقمار‮ ‬التجسس‮.. ‬وتقهرها‮ ‬تماماً‮ ‬تجعلها‮ ‬تدرك‮ ‬ضآلتها‮ ‬أمام‮ ‬المقاوم‮ ‬المواجه‮ ‬الذي‮ ‬يعيد‮ ‬ترتيب‮ ‬نفسه‮ ‬لمرحلة‮ ‬يغدو‮ ‬فيها‮ ‬الحذاء‮ ‬عنفواناً‮ ‬وغضباً‮ ‬وإرادة‮ ‬لا‮ ‬تهادَن‮..‬ تجعل الكثير يشفي غليله كما الرئيس الفنزويلي الذي بدأ اجتماعه مع حكومته بعرض فيديو عن حذاء منتظري معاد لأكثر من خمس عشرة مرة وتشافيز يضحك من أعماقه ويقول: »عجيب أمر هذا الحذاء« وذلك الجبان "بوش" لقد جعله يدرك جريمته بدقة لدرجة أنه عقدته اليوم »عقدة الحذاء« لا يستهان بها في هذا العالم الذي يموج بالاضطرابات وعدم الاستقرار وتنامي الارهاب بفعل سياسة »بوش« إنها أكثر من رمية أو قبلة مهينة أو احتجاج وتعبير عن رأي .. انها كما قال محلل أمريكي في ندوة قدمها تلفزيون »C.N.N« »منتهى الاحتقار للآخر في التقاليد العربية وبالذات‮ ‬العراقية‮ ‬،‮ ‬لذلك‮ ‬علينا‮ ‬أن‮ ‬لا‮ ‬نفهمها‮ ‬ضمن‮ ‬ثقافتنا‮ ‬الغربية‮«..‬ أما تلفزيون الـB.B.C البريطاني فإنه استقصى آراء الشارع البريطاني ليجد أنه اكثر ارتياحاً أمام هذا العمل، متمنياً أن تكون هذه القبلة موجهة أيضاً »لتوني بلير« رئيس الوزراء السابق الذي قال عن هذا الحذاء : »إنه إحراج شديد لبوش لم أكن أتمناه له«. قالها‮ ‬ورأسه‮ ‬على‮ ‬الارض‮ ‬كتعبير‮ ‬عن‮ ‬أسفه‮ ‬معلناً‮ ‬أن‮ ‬ذلك‮ ‬تعبير‮ ‬عن‮ ‬رأي‮ ‬باسلوب‮ ‬غير‮ ‬لائق‮ ‬أو‮ ‬غير‮ ‬مهذب‮..‬ مدونات‮ ‬كثيرة‮ ‬الآن‮ ‬تستقصي‮ ‬آراء‮ ‬أهم‮ ‬الشخصيات‮ ‬عن‮ ‬هذا‮ ‬الحذاء،‮ ‬وكل‮ ‬يوم‮ ‬هناك‮ ‬جديد‮ ‬في‮ ‬الحديث‮ ‬عنه‮.. ‬ومازال‮ ‬العالم‮ ‬لم‮ ‬يشبع‮ ‬من‮ ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬حذاء‮ »‬منتظري‮« ‬القبلة‮ ‬المهينة‮ ‬لبوش‮.‬ سيئ الطالع في أن قدره ساقه الى هكذا موقف يبدو فيه ضئيلاً للغاية أمام العالم.. العالم الذي أرهقه الطغيان لدرجة انهيار اقتصاد.. وكساد عالمي وإغلاق بنوك وتسريح ملايين الموظفين وافلاس شركات كبرى وانهيار بورصات.. كل ذلك لأن الطالع السيئ لبوش هو الابرز أتى الى البيت‮ ‬الأبيض‮ ‬يشن‮ ‬حروباً‮ ‬ويغادره‮ ‬على‮ ‬قبلة‮ ‬مهينة‮ ‬وفشل‮ ‬اقتصادي‮ ‬رهيب‮.. ‬فيا‮ ‬ترى‮ ‬هل‮ ‬كان‮ ‬الحذاء‮ ‬التعبير‮ ‬الدقيق‮ ‬لما‮ ‬وصل‮ ‬اليه‮ ‬العالم‮..‬؟‮!!‬ أم‮ ‬أنه‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬ذلك‮ ‬صفعة‮ ‬قاسية‮ ‬لطاغية‮ ‬كما‮ ‬يقول‮ ‬تشافيز‮ ‬الرئيس‮ ‬الفنزويلي؟‮!!‬ أم‮ ‬هو‮ ‬لا‮ ‬هذه‮ ‬ولا‮ ‬تلك‮.. ‬وإنما‮ ‬العقدة‮ ‬التي‮ ‬ستبقى‮ ‬ملازمة‮ ‬لبوش‮ ‬لذلك‮ ‬قيل‮ ‬عنه‮ »‬عقدة‮ ‬حذاء‮« ‬ويراد‮ ‬لها‮ ‬أن‮ ‬تدخل‮ ‬مصطلحات‮ ‬علم‮ ‬النفس‮ ‬مثل‮ »‬المازوخية‮« ‬أو‮ »‬النرجسية‮«.. ‬الخ‮.‬ عموماً‮ ‬تبقى‮ ‬قُبْلة‮ ‬منتظري‮ ‬لبوش‮ ‬هي‮ ‬أسوأ‮ ‬قُبْلة‮ ‬في‮ ‬التاريخ‮ ‬الانساني‮ ‬التي‮ ‬لن‮ ‬تنمحي‮ ‬بفعل‮ ‬الزمن‮ ‬إن‮ ‬لم‮ ‬تتطور‮ ‬إلى‮ ‬أساليب‮ ‬عدة‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 05:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-8320.htm