د. عبدالوهاب الروحاني - لا أريد أن أبدو متشائماً في كل ما أكتب عنه أو أتحدث به، لكن الصورة واضحة وليست بحاجة إلى تكبير لنقرأ التفاصيل.. هي سوداء قاتمة لدرجة أنك لا تجد في وسطها ولا في محيطها نقطة ضوء تومض..
البلد مقسم إلى كنتونات صغيرة ممزقة.. يمكن أن نسمّيها مزارع، تسيطر عليها جماعات ليست من الدولة ولا من الوطن في شيء..
حكومات في صنعاء وعدن والرياض تحارب طواحين الهواء، والشعب تحت سيطرتها يموت جوعاً، والموظف بلا مرتب يبحث عن لقمة العيش.. والفوضى ضاربة أطنابها في كل الأرجاء..
حكومات غارقة في الفساد، مشغولة بحساباتها وأولادها ومشاريعها الخاصة، ولا يهمهما شعب يُقتَل أو يُشرَّد، أو يجوع.. باختصار لدينا حكومات ليس لها مشاريع وطنية، أو قضايا لها ارتباط بحياة شعب ومستقبل وطن..!!
عشر سنوات حروب مدمّرة، حوَّلها زعماؤها إلى مشاريع تجارية، جعلوا الأجندة الخارجية تستبيح الوطن، تدمّر وتقتل ما تشاء وكيف تشاء، ليجنوا من ورائها ثروات هائلة.. حروب ونيران كانت لها بداية ولا نرى لها نهاية..
يحلّقون في السماء!!
ألا ترون ما الذي يجري؟! السماء تمطر ناراً، والأرض تشتعل من تحت أقدامنا، ونحن نصفّق لموتنا، ونهلّل لتدمير مقدراتنا.. !!!
كل قرية وكل مدينة وكل شيء في بلدنا أصبح مستباحاً.. حضرموت يا سادة يا كرام قاب قوسين أو أدنى من الانسلاخ عن الجسد اليمني.. هي في الطريق لتلحق بسقطرى، مع اختلاف الكفيل (المستحمِر الجديد)، لتلحق بالجزر المستباحة، وبالمساحات الشاسعة، التي قضمت من أراضي الربع الخالي، والمنطقة الشرقية خلال السنوات العشر الماضية من عمر الحرب..
إنها حرب إفناء وسيطرة وتوسُّع واستحواذ وتفريط، انتقصت من السيادة اليمنية، فالأرض تؤكَل من أطرافها، والهوية اليمنية تتعرض للطمس، هناك تجريف ممنهَج للوعي، وتخلٍّ عن القرار السياسي اليمني، وتحلُّل عن الانتماء والولاء الوطني..
في إطار حديث وِدّي مع صديقي وهو مسئول كبير بينهم، سألت عما الذي ترتبون له في ظل هذه النيران التي تلتهم اليمنيين، قال:
- والله لا أدري، وإذا قال لك أحد غير هذا فاعلم أنه يكذب، هم لا يعرفون شيئاً، كلهم يحلّقون في السماء، القرار ليس بأيديهم..
هذا إذن هو المشهد، وهذه هي الصورة المؤسفة التي يعيشها اليمنيون اليوم.. هل هناك بوادر ؟! "مدري".. وهكذا أصبحنا لا ندري أين نحن ذاهبون؟!، لا ندري ربما إلى المجهول ..!!!
ولا حول ولا قوة إلا بالله.
|