الميثاق نت -

الإثنين, 06-مايو-2024
المستشار المحامي/ محمد علي الشاوش -
خلق الله الناس مختلفين شكلاً وموضوعاً صوراً وأفهاماً وأحاسيس ومشاعر، وأكد في كتابه القرآن الكريم في آيات عدة أن الناس سيظلون مختلفين، وأنه هو وحده سبحانه له الحكم فيما كانوا يختلفون فيه، فهو حق حصري لله سبحانه..

والاختلاف لم يُستثنَ منه المسلمون ولا العرب فهم مثل غيرهم مختلفون فيما بينهم ليس فقط من قطر إلى آخر بل حتى داخل كل قطر على حِدة، واليمن أحد البلدان التي تنطبق عليها مسألة الاختلاف المؤدي إلى الخلاف..

الاختلاف في الخلق هذا انبثقت عنه عادات وأعراف وثقافات وطبائع مختلفة..

حتى في الدين فعلى سبيل المثال، مذهب الإمام الشافعي رحمه الله في العراق غيره في مصر مع أن دين الله واحد في كل مكان، ومع أن الإمام الشافعي هو نفسه سواء في العراق أو مصر ..

والخلاف في الثقافات والعادات والأعراف أسبابه كثيرة منها ما يرجع إلى المكان وعاداته واعرافه وظروفه وطقسه وطبيعته، ومنها ما يرجع إلى الزمان وتغير الأحوال، ومنها ما يرجع إلى الفهم وعوارضه، ومنها ما يرجع إلى طبائع الناس وأذواقهم ..الخ من الأسباب..

ولكن في نهاية المطاف نحن أمام بشر مختلفين وعادات واعراف مختلفة وثقافات مختلفة وطبائع مختلفة، وهي أمور موجودة لا يمكن التنصل عنها أو الالتفاف عليها ..

ولن أبالغ إن قلت إنها مفروضة قهراً على الإنسان باعتباره ميسراً لما خُلق له، كما أن الإنسان ابن بيئته، والبيئات مختلفة..

والاختلاف في الثقافات والأعراف والعادات والطباع وحتى في المذاهب الدينية ليس أمامه إلا أمران لا ثالث لهما :

الأول : الصدام كما هو حاصل الآن بكل ما يعنيه الصدام من دمار شامل لكل مناحي الحياة سواء ما كان منها مادياً أو ما كان منها معنوياً وإفساد في الأرض وإهلاك الحرث والنسل ..

والثاني: التعايش وفق أسس عيش مشتركة مجمع عليها من الجميع أو من الأغلبية على أقل تقدير وهذا ما أمر الله به "وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا"..

ويبقى غير المجمَع عليه ثقافة خاصة بكل طرف لا يفرضها على غيره عنوة، ويتم التعايش والتعامل على أساس الاحترام المتبادل والشراكة..

القادة الصادقون والواعون سواء أكانوا قادة فكر وثقافة، أو قادة سياسيين، أو قادة دينيين، أو قادة عسكريين، أو مشائخ وأصحاب وجاهات اجتماعية، يعلمون أن التعايش هو الأوْلى والأنفع، ويطبقون ذلك عملياً..

والقادة غير الصادقين وغير الواعين والمنحازون إلى طوائفهم ومذاهبهم يكونون دائماً مع الصدام لأنه الوحيد الكفيل بتحقيق طموحاتهم ورغباتهم والتي هي في الحقيقة غير مشروعة ولا تتوافق مع مصالح الشعب..

فيضيعون كل فرصة حل، ويعملون جاهدين على عدم الوصول إلى حل، فأحلامهم وطموحاتهم كلها قائمة على الصدام لا على التعايش، ويستمرون على ذلك حتى يفنوا غيرهم أو يفنيهم غيرهم وتفنى بذلك الشعوب أيضاً.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 17-يونيو-2024 الساعة: 09:44 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-65976.htm