الميثاق نت -

الثلاثاء, 11-يوليو-2023
شوقي شاهر -
محاولات جلد الذات التي يمارسها البعض بحق شعب و مجتمع بأكمله هو امر مؤسف، وغير منصف عموماً لاسيما إذا جاء هذا التصرف دون العودة إلى المسببات الحقيقية التي دفعت ذلك المجتمع إلى مثل هكذا ممارسات ،ودون العودة التي التراكمات التي أدت إلى مثل هكذا ، ومن ودون إخضاعها و مناقشتها بصورة موضوعية تكون بعيدة كل البعد عن الدوافع القاصرة و الذاتيه والآنية. فهذا الشعب الذي يشهد له القريب والبعيد وكل من عايشه و خالطه بالأصالة والشهامة والكرم، يمتلك نماذج مشرفة تبهر الجميع كلما أُتيحت لها الفرصة وتهيأت الظروف أمامها. إذ لا يجب توجيه. السهام صوب هذا الإتجاه وعلى هذا النحو، أو أن نعمم عليه بعض من ممارسات القلة القليلة التي قد تسئ للمجموع، فمثل هذا الامر لاتكاد تخلو منه حياة أي شعب من الشعوب، ولا أي مجتمع من المجتمعات. ومن الواجب ايضاً أن لايتم غض الطرف عن حجم ونوعية ومستوى التحديات التي مازالت لاتبرح مكانها، وايضا تلك التي تبرز في مواجهته وأمامه بين الحين والآخر في تحدٍ صارخٍ يكون أكبر من سابقيه . وبالتالي فمن الواجب على كل من يلجاء إلى ممارسة هذا النوع ممايمكن ان نطلق عليه بجلد الذات الإدراك بأن هذه هي مجرد مراحل ومخاضات تكتسب من خلالها المجتمعات المزيد من القوة والوعي كلما تجاوزتها أومرت بها.

يقول جورج اوريل:"إن الطريقة الأكثر فعالية لتدمير شعب هو إنكار وطمس فهم ذلك الشعب لتاريخه".
وجاء في معجم لسان العرب أن جلد الذات هو رمي الأمة بكل العيوب بحيث ييأس الناس من صلاحها وفلاحها.

قد تكون هذه هي أحد أهم الاهداف التي يسعى من خلالها أصحاب ذلك الخطاب المأزوم إلى الوصول إلى مثل تلكم النتائج غير مدركين بأن حركة التاريخ ليست ثابته وهي تتأرجح بين صعود وهبوط، وأن حياة الشعوب لا تستتب على حالٍ واحد وهي تحمل دائماً بين طياتها جينات واسباب العودة من جديد، وتحمل بين جوانبها اشراقات ونوافذ للضوء تستوحي من خلالها الأمل، وتستهدي بها لإقتناص فرص النهوض مجدداً. ولنا في الشعوب التي صارت تتقدم مسيرة التطور والتقدم في العالم أكبر مثال ويمكن السير على منوالها لاسيما عندما نعود بالذاكرة إلى الحال والواقع الذي كانت تعيشه وتعانيه مثل تلكم الشعوب إلى ماقبل قرون قليلة سابقة.

لايجب لأي أحد أن يدعي الكمال، فالكمال لله وحده، كما أنه لايمكننا ان نغفل عن جوانب القصور ومكامن الضعف وعوامل التراجع والتخلف التي أدت إلى الإبتعاد عن متطلبات العصر والتطور الذي يرتقي بمستوى الحياة في حاضرها ومستقبلها. إلا أن هذا لا يمثل نهاية العالم ولا نهاية التاريخ على الاطلاق، ولايمكن الموافقة على كل ما تتضمنه تلك الخطابات المازومة و التي تحمل بين سطورها مضامين تحاول أن تروج لهزيمة الذات. والأسوأ من ذلك انها تدعو للمقارنة مع شعوب أخرى تختلف تماماً من حيث المنعطفات التاريخية والأطوار التي مرت بها،
كما أن من المساوئ التي تتضمنها مثل تلك النوعية من الخطابات المعنية بجلد الذات هو أنها تمثل نوعاً من أنواع الهروب والتخلي عن المبادرة وذلك بمقابل إفساح المجال واسعاً لتتسلل عوامل الهزيمة ولتحل محل عوامل القوة والإرادة.كما يبدو أن الغاية من مثل هكذا خطاب هو التقوقع والإنحسار بل والتراجع عن مواجهة الواقع والسعي نحو إبتكار الحلول وذلك بغية إعلان الفشل وغض الطرف عن خلق وإيجاد مبررات ودوافع النهوض والإنطلاق نحو آفاق أكثر إشراقاً، وهو ما يمثل بكل تأكيد فرصة سانحة أمام الغير ليحدد مصير وقدر مجتمع و شعب بأكمله يكون قد تعرض وأُستهدف من قبل مثل هكذا توجه يستهدف جلد الذات من قبل أبنائه على وجه الخصوص..

والحال اليوم هو اننا بحاجة إلى خطاب مختلف يتضمن نقد الذات لاجلدها، خطاب يعيد الثقة بالذات من خلال إظهار مكامن القوة والإرادة والعزيمة لتقديم الأفضل، ويعمل على التقييم من أجل التقويم ولا يقر بالهزيمة ولا يعترف بها، بل يعتبرها مرحلة ومنطلق للسير و بخطى حثيثة نحو المستقبل بآماله وطموحاته ومواجهة تحدياته، فحياة الشعوب ليست عدماً، ولا تتوقف عند نقطة الصفر أو ما دونه ، بل هي في حركة دائمة، وحراك متواصل يتجاوز كل الإحباطات والمهلكات التي يتعمد خطاب جلد الذات الترويج لها بأسلوب يبعث على الشفقة و بعلم أو بغير علم.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 01-نوفمبر-2024 الساعة: 12:59 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-64491.htm