د. طه حسين الروحاني - ثمان سنوات استقبلت فيها مدينة مأرب ما يقارب المليونين والثلاثمائة الف نازح من خارج المحافظة وعشرات الآلاف من داخل المحافظة الى المدينة بالاضافة الى السكان الاصليين للمدينة حسب تصريحات محافظ مأرب الشهر الماضي..
ثمان سنوات من ايرادات النفط الخام والمكرر، وايرادات الغاز المسال المنزلي وغير المسال المُصدر، والعائد من صادرات الفواكه والخضروات، وايرادات الضرائب والجمارك، وايرادات رسوم المعاملات والرسوم المستحدثة والجبايات والاتاوات..
ثمان سنوات من الابتزاز المالي باسم معركة التحرير، والكشوفات الخاصة واللجان الخاصة التي تصب في السوق المالية للمدينة المستقلة مالياً وادارياً، ومرتبات الجيش القادمة من الخارج، والدعم المقدم من المنظمات، وصناديق الاغاثة وصندوق سلمان، وثاني اكبر حصة من برنامج الاستجابة السريعة بعد صنعاء..
ثمان سنوات دون مشاريع تُذكر، ولا مرتبات سوى تلك المتعلقة بالسلطة المحلية، ولا اي جديد في البنية التحتية للمدينة، ولا أي توسع في شكل او حجم المدينة، ولا اي مظهر من مظاهر المدنية طرأت على المدينة، ولا اي معلم من معالم النهضة العلمية او الصحية او العمرانية، على الاقل بما يتناسب ولو بجزء بسيط من حجم تلك الايرادات والكثافة السكانية..
ثمان سنوات من العجز والاهمال في تقديم الخدمات، ومن الفشل الذريع في ادارة الموارد التي حباها الله، ومن الاستيلاء شبه التام على الايرادات وتقسيمها على حصص القيادات، ناهيك عن التعيينات الحزبية والاقصاءات المزاجية المستهدفة حتى ابناء المدينة، أما الفساد فحدّث ولا حرج بحجم السنوات الثمان أو يفوق.. ثمان سنوات نستثني منها مطاعم المندي والسلتة وكافيهات الشيشة والفنادق الشعبية والمولات المتواضعة والتي تولاها القطاع الخاص من النازحين بالشراكة مع المتنفذين، وللإنصاف لا ننسى شارع ودوار وسط المدينة، ومائة عمود انارة ومثلها اشجار نخيل يتم تصويرها في كل مناسبة ومن كل جهة..
ثمان سنوات تم تتويجها برفع تسعيرة دبة الغاز، الغاز المنتج محلياً، وبطوابير السيارات امام المحطات وعدم التعبئة قبل اربعة ايام في مدينة مأرب، مأرب النفطية، وبأسعار السلع الغذائية والمطاعم التي لا يقدر عليها المواطن ودون رقابة او عمل حد لها، أما ايجارات المنازل والفنادق واللوكندات فبالأرقام الخالية والفلكية احياناً..
ثمان سنوات من تصريحات حسم المعركة العنترية، ومن القبضة الامنية الحديدية الرسمية والحزبية والتي لم يشعر في ظلها المواطن بالامان الحقيقي او الاستقرار التام والكامل، ومن التحجج المستمر بالهجمات الحوثية عند كل منعطف فشل ومع كل صفقة فساد، سواء قبل او بعد جر المعركة الى اطرافها،
ثمان سنوات والمغادرون الى مأرب والقادمون منها يمرون بنا ويعيشون بيننا، نسمع اصواتهم وشكواهم وان كانت خافتة وخائفة، تتناقلها المجالس وتظهرها وسائل التواصل، تفيد ان الحال في مأرب لا يقل وطأة عن الحال في صنعاء، وان صنعاء ليست هي الوحيدة التي تعيش هذه المأساة وتعاني من هذا الاجحاف وان اختلفت الاساليب والادوات، مهما حاول الاعلام اخفاءها او تبريرها..
|