د. وليد ناصر الماس - في خضم العمليات العسكرية التي تشنها روسيا في الأراضي الأوكرانية تتعالى الأصوات غرباً رافضةً هذا التدخل،، ومعلنةً فرض المزيد من العقوبات على روسيا، طمعاً في إلحاق الضرر باقتصادها وإجبار حكومتها على وقف عملياتها القتالية. غير أننا لا نتوقع نجاح سيناريو العقوبات المتصاعدة في إرغام روسيا على العدول عن خطوتها، فموضوع الدفاع عن السيادة القومية لروسيا لا يقبل هذا النوع من المساومات في نظر قيادتها، ونعتقد باستمرار الصراع بين الغرب وروسيا ربما لأعوام قادمة ريثما تتمكن الأخيرة من ضمان أمنها وحماية مصالحها حول العالم.
يشهد العالم اليوم تصاعد حدة السباق بين دول الغرب وتحديداً الولايات المتحدة وأوروبا الغربية من جهة، وروسيا والصين من جهة ثانية، على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، مما حدا بالغرب لتوسيع حلف الناتو ومنح دول عدة العضوية فيه، لاحتواء التهديد الروسي على مصالح الحلف.. تقضيم مخالب روسيا والتقليل من مخاطرها على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها يمهد الطريق لخوض المعركة الاقتصادية الكبرى مع الصين بنجاح، وهو ما بات يدركه الجميع، بعد أن زادت ممارسات دول الغرب بهذا العالم، عابثةً بخريطته السياسية طبقاً لمصالحها التوسعية.
يراهن الناتو أساساً على العقوبات الاقتصادية وفرض المزيد من العزلة على روسيا، غير أن هذه العقوبات لن تكون ناجعة بما فيه الكفاية، فهناك انعكاسات مرتدة للعقوبات على دول الحلف نفسها سيما القارة الأوروبية، فضلاً عن انفتاح روسيا على الصين مؤخراً وتوسيع مجال الشراكة والتبادل التجاري بين الدولتين لتشمل جميع المجالات تقريباً، مما يقلص بدوره من وطأة وفاعلية العقوبات الغربية.
أخطر ما في الأمر، الدعم العسكري الذي تعتزم بعض دول حلف الناتو تقديمه لكييف، سيما تلك الأسلحة المضادة للطائرات والدروع، وهو ما ترفضه موسكو بشدة وتعتبره تدخلاً في موضوع يتصل أساساً بأمنها الداخلي، تطور قد يجر العلاقات بين الجانبين للمزيد من التأزم والانغلاق.
عدم إقرار الناتو بحق روسيا الطبيعي في حفظ أمنها، وإطالة أمد النزاع على مقربة من حدودها، قد يدفع بروسيا لرفع سقف مطالبها، واعتبار الدول البلطية جزءاً من منظومتها الأمنية، ومن الضروري تحييدها عن الصراع الجاري، تطور إن حدث قد يقود إلى حرب شاملة غير تقليدية، وهو ما يخشاه حلف الناتو ولا يرغب له أن يحدث أبداً.
|