الميثاق نت -

الثلاثاء, 08-مارس-2022
الميثاق نت- نادية صالح -
تؤثر الحروب على المرأة بشكل يختلف اختلافاً كبيراً عن تأثيرها على الرجل، ولكن نظراًَ لاستبعاد المرأة من عمليات السلام، فإنه نادراً ما يتم الحديث عن ذلك وبالتالي لا تتم معالجته عند صياغة معاهدات السلام والدساتير الجديدة.
وغالباً ما تُصنف الحرب أنها "ميدان الأقوياء"، وعلى الرغم من ذلك يكون المتضررون منها هم الفئات الأكثر ضعفاً وأبعدهم علاقة عن إشعالها، مثل النساء والأطفال والشيوخ، ويظهر ذلك جلياً في حالة المرأة العربية في المناطق التي مزقتها الحروب منذ 10 سنوات، وربما أكثر‮.‬
ففي الحالة الليبية تقع المرأة هناك، كضحية من ضحايا كثيرة للفوضى والانفلات الأمني والصراع السياسي والعسكري، أما العراقيات اللواتي عُرفن تاريخياً بمقاومتهن للحروب وظروفها، فقد ضعن في مواجهة انعدام الأمن والظروف المعيشية القاسية، أو بحثهن عن مفقودين لهن في الحرب‮ ‬أو‮ ‬معتقلين‮ ‬في‮ ‬السجون‮.‬
أما السوريات اللواتي يعشن في بلد يرزح تحت الحروب وأوجاع النزاع المسلح منذ عقد كامل وحتى اليوم، فقد بتن أرقاماً في قائمة من الأرامل، والفتيات اليتامى، عدا عن أمهات الضحايا والمفقودين، وهي حال قريناتهن السودانيات في دارفور ومناطق النزاعات الأخرى، حيث لا تزال‮ ‬المرأة‮ ‬تعاني‮ ‬ويلات‮ ‬الحروب‮ ‬والنزوح‮ ‬والتعنيف‮ ‬والأعمال‮ ‬الشاقة،‮ ‬وحتى‮ ‬الاغتصاب،‮ ‬وفق‮ ‬ما‮ ‬تؤكد‮ ‬الإحصاءات،‮ ‬وبحسب‮ ‬ناشطات‮ ‬في‮ ‬منظمات‮ ‬المجتمع‮ ‬المدني‮.‬
في‮ ‬حين‮ ‬تنشغل‮ ‬المرأة‮ ‬اليمنية‮ ‬في‮ ‬البحث‮ ‬عن‮ ‬قيمة‮ ‬علاج‮ ‬الأوبئة‮ ‬الفتاكة‮ ‬التي‮ ‬لا‮ ‬تزال‮ ‬تنهش‮ ‬الأجساد‮ ‬الذاوية‮ ‬بلا‮ ‬رحمة‮.‬
فالحرب‮ ‬والعدوان‮ ‬على‮ ‬اليمن‮ ‬أدى‮ ‬إلى‮ ‬تفاقم‮ ‬مستويات‮ ‬العنف‮ ‬المرتفعة‮ ‬بالفعل‮ ‬ضد‮ ‬النساء،‮ ‬كما‮ ‬أفضت‮ ‬أيضاً‮ ‬إلى‮ ‬تخفيضات‮ ‬كبيرة‮ ‬في‮ ‬تمويل‮ ‬مراكز‮ ‬الرعاية‮ ‬الاجتماعية‮ ‬والنفسية‮ ‬للهاربات‮ ‬من‮ ‬الإرهاب‮ ‬المنزلي‮.‬
وبما أن 80٪ من مجموع السكان يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية، وكون عديد من الرجال يُقتلون أو يصابون بجروح في المعارك، تجد كثير من اليمنيات أنفسهن في مواجهة حتمية للقيام بدور الرجل ويُجبرن على مواجهة تحديات لا تقواها أجسادهن المتضائلة وفي مقدمها البحث عن فرص‮ ‬الحياة‮ ‬واكتساب‮ ‬قوت‮ ‬عائلاتهن‮.‬
وفي ترجمة للمستوى غير المسبوق لحجم الانتهاكات الواقعة بحقهن، رصد تقرير حديث صادر عن منظمة "رايتس رادار لحقوق الإنسان في العالم العربي"، آلاف الانتهاكات ضد المرأة في 19 محافظة يمنية، منذ بدء الحرب التي لا تزال مستمرة.
كما‮ ‬يشير‮ ‬عديد‮ ‬من‮ ‬تقارير‮ ‬النشطاء‮ ‬ومنظمات‮ ‬حقوق‮ ‬الإنسان‮ ‬الى‮ ‬تزايد‮ ‬مستوى‮ ‬العنف‮ ‬ضد‮ ‬النساء‮ ‬في‮ ‬اليمن،‮ ‬بالتزامن‮ ‬مع‮ ‬تبعات‮ ‬الحرب‮ ‬القاسية‮ ‬التي‮ ‬يعاني‮ ‬منها‮ ‬البلد‮ ‬منذ‮ ‬اندلاعها‮ ‬في‮ ‬مارس‮ ‬من‮ ‬العام‮ ‬2015م‮..‬

النساء‮ ‬اليمنيات‮ ‬ومساعي‮ ‬بناء‮ ‬السلام‮ ‬
رغم فشل الجهود التي تقودها الأمم المتحدة حتى الآن في إشراك المرأة بصورة هادفة في عملية السلام، وبرغم الإسهامات النسوية الكبيرة في عملية بناء السلام خلال فترة الحرب، نشأت شبكات وتحالفات نسوية جديدة؛ وفي بعض الحالات استوعبت هذه المنظمات النساء اللائي يلتمسن الحماية‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬العمل‮ ‬الجماعي‮.‬
وتسعى هذه الشبكات الجديدة إلى إشراك المرأة في مفاوضات وعملية بناء السلام وتعزيز صوت المرأة اليمنية في المحافل الدولية، تشمل الأهداف الأخرى التصدي للعنف القائم على نوع الجنس، وتخفيف معاناة المدنيين، ودعم السجناء والمعتقلين، وتوفير الإغاثة الإنسانية.. وإضافة‮ ‬إلى‮ ‬تشكيل‮ ‬شبكات‮ ‬جديدة،‮ ‬أنشأت‮ ‬النسوة‮ ‬اليمنية‮ ‬مبادرات‮ ‬ومنظمات‮ ‬ومؤسسات‮ ‬خلال‮ ‬فترة‮ ‬الحرب‮ ‬بهدف‮ ‬تعزيز‮ ‬السلام‮ ‬ودعم‮ ‬مجتمعاتهن‮ ‬المحلية‮.‬
وساهمت النساء في مجال السلام خلال الحرب عبر مبادرات لتقديم خدمات اجتماعية للتخفيف من آثار الحرب على المدنيين.. خلال النزاع، انخرطت الكثير من النساء -لم يسبق لبعضهن العمل في المجال العام- في مجالات التعليم والتأهيل، ووفرن الخدمات مثل خدمات الإغاثة الطارئة أو الدعم النفسي إلى النازحين داخلياً وعملن على بناء القدرات لمساعدة النساء على توفير دخل، ولا شك أن النساء العاملات في مجال السلام يواجهن تحديات نتيجة العادات والتقاليد التي ترى أن مشاركة النساء في العمل العام معيب.
وما زالت أطراف النزاع تتحكم بالأجندة في اليمن، وبالتالي فإن قضايا النساء هبطت إلى أسفل سلم الأولويات حيث إن التركيز على الحرب يُستغل لتأجيل التطرق إلى القضايا التي تؤثر على النساء، كما أن حماية النساء ما يزال أمرًا ضعيفًا لأسباب تشريعية واجتماعية، و ازداد الأمر‮ ‬سوءًا‮ ‬خلال‮ ‬الحرب‮ ‬نتيجة‮ ‬عدة‮ ‬أسباب‮ ‬من‮ ‬بينها‮ ‬العنف،‮ ‬والأزمات‮ ‬الاقتصادية‮ ‬وتنامي‮ ‬البطالة‮.‬
وعلى الرغم من هذه التحديات، إلا أن عضوات مبادرات النساء التي تأسست خلال الحرب يؤكدن إن هذه المبادرات مهمة للتضامن وأنها تخفف من المخاطر والتهديدات ضد النساء، لا سيما الناشطات. وبالفعل، فإن إصدار البيانات قد يكون فعّالاً في لفت نظر الأطراف العامة والخارجية إلى قضايا النساء ويساعد في حماية الناشطات من الاعتقال.. كما كشفت هذه البيانات عن الاعتقالات التي أخفتها أسر المعتقلين وشجعت الناس على الإبلاغ عن اختفاء أو اختطاف أو اعتقال النساء، كما حققت النساء إنجازات على صعيد مراقبة ومتابعة العنف ضد النساء، وساهمن في العمل‮ ‬الإغاثي‮ ‬عبر‮ ‬المجموعات‮ ‬المحلية‮.‬
‮ ‬في‮ ‬نهاية‮ ‬المطاف،‮ ‬هذه‮ ‬الشبكات‮ ‬والتحالفات‮ ‬والمنظمات‮ ‬هي‮ ‬صوت‮ ‬السلام‮ ‬وسط‮ ‬الحرب،‮ ‬فهي‮ ‬ترفض‮ ‬العنف‮ ‬وتعمل‮ ‬على‮ ‬الحفاظ‮ ‬على‮ ‬مركز‮ ‬النساء‮ ‬في‮ ‬المجال‮ ‬العام‮.‬
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 18-يونيو-2024 الساعة: 11:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-62092.htm