الميثاق نت -

الإثنين, 14-يونيو-2021
د‮/‬احلام‮ ‬البريهي‮ *‬ -

من خلال قراءة ما سطره رئيس المؤتمر الشعبي العام الشيخ صادق بن امين أبوراس من مضامين ورؤى في افتتاحيته لصحيفة »الميثاق« لسان حال المؤتمر. في عددها الخاص بالاحتفالية بالذكرى الـ»31« للوحدة اليمنية وطرحه من خلالها الرؤية المؤتمرية في بناء الدولة الدولة اليمنية الحديثة المعبرة عن تطلعات شعبنا وتضحياته الجسيمة من اجل بلوغها ..والحفاظ على الوحدة اليمنية كهدف أساسي من أهداف الثورتين المجيدتين سبتمبر واكتوبر وباعتبارها ليست ملكاً لأحد وانما كحق أساسي وكمكتسب من مكتسبات الشعب اليمني، وذلك من خلال الدخول في مصالحة وطنية حقيقية لا تستثنى أحداً.. من خلال ما سطرته رؤية رئيس المؤتمر أورد ضرورة الدخول في حلول شاملة تهدف لأجل ايجاد مواطنة متساوية وتوزبع عادل للسلطة والثروة واعادة الحكم للشعب من خلال اعتماد حكم المحليات ومنحهم صلاحيات تتضمنها قوانين منظمة للعمل والتى‮ ‬بطبيعتها‮ ‬ستصنع‮ ‬فرصاً‮ ‬للتنافس‮ ‬الإيجابي‮ ‬في‮ ‬سبيل‮ ‬تقديم‮ ‬أفضل‮ ‬الخدمات‮ ‬للمواطن‮ ‬وبالتالي‮ ‬ستؤدي‮ ‬إلى‮ ‬نهوض‮ ‬شامل‮ ‬للوطن‮ ‬
حيث إن الشيخ صادق أبو راس هو مهندس الحكم المحلي واسع الصلاحيات منذ أن كان وزيراً للإدارة المحلية (وزير المحافظين.. ومديري المديريات) وهذا بالأساس ماتتكون منه الدولة وبالتالي كان أكثر الوزراء ملامسة للمشاكل المتعلقة بمنح السلطات والصلاحيات للمحافظين ومديري المديريات والمشكلات المتعلقة بالمركزية وكذا المشكلات المتعلقة بالتعيينات في المناصب الإدارية في المحافظات والتى رأى البعض أنها لا تتضمن العدل والمساواة في تقسيم السلطة كما طفت على السطح رؤى تتضمن في معناها أن الثروات الخاصة ببعض المناطق أبناء تلك المناطق لم يستفيدوا،،، وبغض النظر عن مدى واقعية هذه الرؤى والتي احدثت بلبلات ركب على موجتها بعض المستنفعين والمرتبطين بأجندة كانت تهدف لهدم الدولة وبالفعل ادخل الوطن على إثرها بأزمات حقيقية مماجعل قيادة المؤتمر الشعبي العام تقف على هذه المشكلات بنوع من الجدية لتأسيس رؤية مستقبلية في إدارة الدولة بطريقة تعمل على تقديم مصلحة المواطن والتحرك نحو نهضة تعم كافة المديريات دون استثناء وبما يحقق تقسيم عادل للثروة والسلطة فكانت رؤية السلطات المحلية والحكم المحلي واسع الصلاحيات وتوسيع مستوى الديمقراطية بحيث لم تعد محصورة على اختيار الرئيس وأعضاء مجلس النواب وانما تصل لمستوى مدير المديرية بحيث سينعكس ذلك على توسع قاعدة الحكم فتصبح كل قرية مشاركة في الحكم من خلال دخول ابناء كل قرية كحكام على قراهم ومناطقهم ولم يعد تعين حكام ومسؤولين على هذه القرى والمناطق‮ ‬والمحافظات‮ ‬يأتي‮ ‬مركزياً‮ ‬وانما‮ ‬باختيار‮ ‬أبناء‮ ‬المناطق‮ ‬لحكامهم‮ ‬المحليين‮ ‬من‮ ‬بين‮ ‬أبنائهم‮ ‬ويديرون‮ ‬مواردهم‮ ‬بأنفسهم‮ ‬وبهذا‮ ‬الشكل‮ ‬أصبحوا‮ ‬مشتركين‮ ‬في‮ ‬حكم‮ ‬الدولة‮ ‬وإدارة‮ ‬مواردها‮ ‬وثرواتها‮..‬
ونحن هنا عندما نناقش رؤية رئيس المؤتمر في بناء الدولة اليمنية الحديثة واصراره في رؤيته على ضرورة الدخول في مصالحة وطنية شاملة تعمل على إنهاء الحرب القائمة وتحافظ على المكتسبات الوطنية وتعمل على التوزيع العادل للسلطة والثروة فهذا يأتي من إيمانه الكامل بحق جميع اليمنيين في اختيار مصيرهم ونظام حكمهم والاستفادة من ثروات مناطقهم ومن حقهم في التواجد في السلطة بعيداً عن المحسوبية وانما بقرار المواطن نفسه بنفسه وعبر أطر ديمقراطية تضمنها الحكم المحلي الواسع الصلاحيات .
*لذا يتبادر إلى ذهننا سؤال ماهو هذا الحكم المحلي الواسع الصلاحيات وكيف بإمكانه أن يقدم كل هذه الامتيازات على سبيل إرضاء المواطنين وإصلاح الدولة والنهوض الشامل بالوطن.. باختصار هو نظام حكم أو طريقة في إدارة الدولة تعمل على إعطاء الشعب أو المواطن في كل قرية وعزلة ومديرية ومحافظة اختيار أو انتخاب شخص من بين أبنائها ليكون حاكماً محلياً عنها حيث يصبح بموجب الحكم المحلي من حق كل مواطن أن يكون مسؤولاً وذلك وفقاً لشروط وقوانين تحدد هذا الإجراء وتحدد الصلاحيات الممنوحة والآلية المتبعة في الحكم ،وبحيث يمنح الحكم المحلي واسع الصلاحيات المواطن اليمني الحق في اختيار مسؤوليه من أصغر مسؤول حتى أكبر مسؤول، كما يمنح المواطن حق المساءلة والاعتراض وتغيير المسؤول إذا بدر منه تقصير أو خطأ في حق منطقته أو مركزه وبالتالي تصبح أحقية ابقاء المسؤول وعزله بيد المواطن وذلك وفق قوانين تحدد ذلك، وبحيث أن هذه القوانين قد اتت في المقام الأول لأجل ضمان مصلحة المواطن وبعد أن توافقت عليها كافة القوى السياسية والوطنية والهيئات والمنظمات المحلية والمدنية الفاعلة يتم من خلال هذه القوانين ضمان تنفيذ الحكم المحلي الواسع الصلاحيات بطريقة صادقة وفعلية وعملية وان يحقق الأهداف التى وضع من أجلها والمتضمنة إعطاء الشعب حكم نفسه بنفسه وادارة ثرواته ويصبح من البساطة بمكان لاي مواطن القدرة على أن يكون مسؤولاً.. وذلك بناء على ثقة ابناء منطقته به أو ثقة من يحق لهم انتخابه به سواء على مستوى القرية والمركز والمديرية أو المحافظة أو الدولة وهذا بدوره سيخلق تنافساً إيجابياً من أجل كسب ثقة المواطنين ومحاولة الجميع تقديم أفضل الخدمات مما سيؤدي إلى نهضة شاملة لكل المناطق علماً أن الحكم المحلي واسع الصلاحيات أيضاً يمنح المناطق والمحافظات التي لا تمتلك‮ ‬موارد‮ ‬كافية‮ ‬للنهوض‮ ‬دعماً‮ ‬من‮ ‬السلطة‮ ‬المركزية‮ ‬وبالتالي‮ ‬ستعم‮ ‬النهضة‮ ‬الوطن‮ ‬ككل‮ ..‬
وهنا يختلف نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات عن نظام الأقاليم. من حيث أن نظام الأقاليم لا يجمع أكثر من محافظة تحت إدارة واحدة وبالتالي بعض المحافظات الكبيرة ستعمل على تبعية المحافظات الأصغر منها إما موارد أو سكاناً أو مساحة وجعلها مجرد محافظات تابعة أو ضعيفة أو قليلة التواجد على مستوى الحكم الخاص بالإقليم وصوتها منخفض فيما يخص تقسم الثروات المحلية وطريقة توزيعها وهذا بدوره لن يوفر العدالة والمساواة بين المواطنين في كل إقليم وسيخلق مشكلات وصراعات وحروب اليمن قد تعب منها وبالتالي نظام حكم الأقاليم يعتبر غير مناسب لإدارة الدولة اليمنية وسيزكي الاختلافات والصراعات وسيعيق النهضة الوطنية اما على مستوى الإقليم أو على المستوى الوطن بأكمله بعكس الحكم المحلي واسع الصلاحيات الذي يعطي لكل محافظة خصوصية الإدارة والسلطة والتحكم بالثروة دون أن تتدخل بها أو تسيطر على‮ ‬التواجد‮ ‬في‮ ‬مستوى‮ ‬حكمها‮ ‬أو‮ ‬إدارة‮ ‬مواردها‮ ‬أي‮ ‬محافظة‮ ‬أخرى‮ ‬وانما‮ ‬يعطى‮ ‬الصلاحيات‮ ‬والتواجد‮ ‬في‮ ‬الحكم‮ ‬المحلي‮ ‬وإدارة‮ ‬الموارد‮ ‬لأبناء‮ ‬المحافظة‮ ‬ممايجعل‮ ‬كل‮ ‬محافظة‮ ‬لها‮ ‬قيمتها‮ ‬المستقلة‮..‬
وبالتالي يمكننا أن نوجز أن رؤية رئيس المؤتمر التي طرحها للشعب اليمني من خلال كلمته في الذكرى الـ 31 لاعادة تحقيق الوحدة اليمنية المباركة تتضمن حلولاً شاملة للصراع القائم في وطننا اليوم...وذلك من خلال دعوته لجلوس الجميع على طاولة واحدة والخروج برؤية تضمن إنهاء كافة المشكلات القائمة وتضمن الحفاظ على الوحدة والثورة والجمهورية وتعمل على ايجاد المواطنة المتساوية والعدالة بين كافة أبناء الشعب الواحد وبما يمكن اليمنيين من إدارة شئونهم المحلية بأنفسهم عبر صلاحيات واضحة تحقق التنافس الإيجابي وتؤدي إلى النهوض‮ ‬الشامل‮ ‬للوطن‮ ‬بأكمله‮ ‬وهذا‮ ‬كما‮ ‬استعرضنا‮ ‬لن‮ ‬يتوفر‮ ‬الا‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬اعتماد‮ ‬الحكم‮ ‬المحلي‮ ‬الواسع‮ ‬الصلاحيات‮ ‬كنموذج‮ ‬حديث‮ ‬في‮ ‬بناء‮ ‬الدولة‮ ‬اليمنية‮ ‬الحديثة‮ ..‬
ولا يفوتنا ونحن نحلل رؤية المؤتمر في إدارة الدولة اليمنية الحديثة التى طرحها الشيخ صادق بن أمين أبو راس رئيس المؤتمر أن ننوه إلى أن هذه الرؤية لم تأت جزافاً وانما تلبية وتجاوباً مع الرؤى المرفوعة من الشعب والمطروحة من قبل النخب الاجتماعية والسياسية وبناء على العديد من البحوث والمناقشات والندوات والاطروحات للعديد من الأكاديميين والسياسيين والناشطين الاجتماعيين والمهتمين في المجال الحقوقي والإنساني ومراكز الدراسات وكذلك بناء على النظر ومحاولة الاستفادة من التجارب المشابهة في عديد من الدول التى عانت‮ ‬من‮ ‬مشكلات‮ ‬تقاسم‮ ‬السلطة‮ ‬والثروة‮.. ‬
حيث أقيمت في محافظة عدن في 7/يونيو /2009 ندوة بعنوان »مرحى بحكم محلي واسع الصلاحيات« وكان مضمونها ما أحوجنا في اليمن السعيد الواحد الموحد لتعزيز نظام الحكم وتوسيع صلاحياته لاجل المضي قُدماً في ترسيخ الديمقراطية الشاملة والذي بطبيعته سينكعس على مستوى تعزيز‮ ‬الوحدة‮ ‬ورسوخها‮ ‬وسيخرس‮ ‬دعاة‮ ‬التشتت‮ ‬والانفصال‮ ‬وسيجعل‮ ‬حديثهم‮ ‬عن‮ ‬الظلم‮ ‬وعدم‮ ‬المساواة‮ ‬كذباً‮ ‬وافتراء‮.. ‬
كما أقيمت ندوة في محافظة الحديدة للنخب السياسية في 1/يونيو /2009 تحدثت عن واقع التجربة المحلية وآفاق تطويرها للوصول إلى حكم محلي واسع الصلاحيات وكان مضمونها أن إعطاء الشعب الحق في انتخاب حكامه المحليين سيجعلهم يختارون كوادر مؤهلة وقادرة على تحمل المسؤولية‮ ‬وعمل‮ ‬نقلة‮ ‬نوعية‮ ‬لمناطقهم‮ ‬ممايسهم‮ ‬مع‮ ‬الزمن‮ ‬في‮ ‬إحداث‮ ‬نهضة‮ ‬وطنية‮ ‬شاملة‮..‬
كما قامت ورشة عمل بعنوان »الديمقراطية المحلية« في محافظة صنعاء في 10فبراير 2011 شارك فيها مسؤولون محليون من عشر محافظات ونخب سياسية وأكاديميون وباحثون وإعلاميون وقد اختتمت هذة الورشة أعمالها بمضمون مفاده ضرورة التزام الحكومة بتنفيذ ماورد في مؤتمر اصدقاء اليمن بشأن إطلاق الحكم المحلي الواسع الصلاحيات واوصى المشاركون أنه مطلوب من كافة أطياف العمل السياسي العمل والتنسيق المشترك والايجابي الذي يحقق تطلعات الشعب اليمني ويسهم في تفعيل دور الحكم المحلي وتوسيع صلاحياته وتعزيز اللامركزية في اتخاذ القرار وبما يحقق‮ ‬الأهداف‮ ‬المرجوة‮ ‬وتحقيق‮ ‬تنمية‮ ‬مجتمعية‮ ‬بشكل‮ ‬أفضل‮.. ‬
كما قامت العديد من المنظمات المحلية والدولية بمناقشة نفس الشأن ..منها منظمة اوكسفام والصندوق الاجتماعي للتنمية ومؤسسة بيرغهوف ومنتدى التنمية السياسية في اليمن وكذا العديد من الباحثين والجهات المهتمة وأغلبها خرج بتوصيات اعتماد الحكم المحلى الواسع الصلاحيات كنظام حكم في اليمن باعتباره وسيلة ومدخلاً وحيداً لحل المشكلات القائمة وكوسيلة لمنع حدوث مشكلات قادمة فيما يتعلق بالسلطة والثروة والمساواة والعدالة وبما يحقق الوحدة الوطنية ويسهم في الاستغلال الأمثل للطاقات والموارد ويعمل على رفع النمو الاقتصادي والتقدم‮ ‬الاجتماعي‮ ‬وكوسيلة‮ ‬أساسية‮ ‬للاستقرار‮ ‬في‮ ‬اليمن
وبالنسبة للدول .. فخير ماوصلت له التجارب الإنسانية في نظام الحكم والإدارة هو نظام وحكم المجالس المحلية الواسع الصلاحيات الذي لا تفيده السلطات المركزية فقد أثبت الحكم المحلي في عديد من الدول على مستوى القارات الخمس أنه ناجح ومثمر في الولايات المتحدة التى تعتبر عبارة عن عدة ولايات متحدة وهناك اختلاف في طريقة الحكم وفي طريقة توزيع السلطة ومن ثم رجعوا لاعتماد الحكم المحلي كنظام حكم يضمن التقسيم العادل للسلطة والثروة وكذلك في الهند وماليزيا وكندا واستراليا وفي العديد من بلدان العالم التى عانت من مشاكل في العدالة والمساواة أو تقسيم السلطة والثروة، فكان الحكم المحلي واسع الصلاحيات عامل استقرار فيها ووسيلة قوية لتمتين وحدتهم ودافعاً للنماء والتطور والازدهار في كافة الجوانب بل وجعلها تحتل مكانة مرموقة بين دول وشعوب العالم..
وهنا نرى أن رئيس المؤتمر من خلال طرحه لهذه الرؤية قد أورد رسالة في غاية الأهمية وهي أن المؤتمر الشعبي العام في مجمل رؤيته في بناء الدولة لم يتحيز بالطرح ولا يأتي برؤى رجعية أو مجرد أفكار لا يوجد لها مرجعية وانما اعتمد في رؤيته لبناء الدولة اليمنية الحديثة على رجوعه للشعب وتطلعاته وللمجتمع وللبحوث السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومخرجات الرؤى الشعبية والندوات وورش العمل والتجارب المشابهة وهذا يؤكد أنه بذلك اتبع اسلوباً علمياً منهجياً في إدارة الدولة اليمنية الحديثة وفي الحفاظ على المكتسبات الوطنية وحل الصراع والمشكلات والأزمات القائمة. والتوجه نحو استثمار طموح للقدرات والطاقات والثروات وبما يخلق نهضة علمية واجتماعية وسياسية واقتصادية شاملة تعمل على النهوض بالوطن والمواطن وتحقق له الرفاهية وتحفظ المصالح المحلية والدولية وتخلق وطناً آمناً مزهراً ‮.‬
‮* ‬عضو‮ ‬اللجنة‮ ‬العامة‮ ‬للمؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 05:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-60748.htm