الميثاق نت -

الثلاثاء, 04-مايو-2021
عبدالرحمن‮ ‬بجاش -
مصر‮ ‬يا‮ ‬عرب‮ ‬،‮ ‬مصر‮ ‬يا‮ ‬عرب‮ .‬
قلناها أكثر من مرة ؛ إن مصر فيما لو حصل ونجحت المؤامرات من كل ناحية يتحول العرب إلى أم ثكلى لا أم لهم ، لكن الحاكم العربي لا يأبه لذلك ، وقد علمنا التاريخ الحديث الذي نراه أن عرب البترول ، ومن أجل عيون أسر ، تعبث بمقدرات شعوبها ، فتحس أن مصر وجيش مصر هما العقبة‮ ‬الكأداء‮ ‬في‮ ‬طريقها‮ ‬،‮ ‬فلا‮ ‬بد‮ - ‬والأمر‮ ‬كذلك‮ - ‬من‮ ‬إزاحتها‮ ‬وتحويلها‮ ‬إلى‮ ‬جمهورية‮ ‬موز‮ ‬لا‮ ‬تأثير‮ ‬لها‮ .‬
مصر‮ - ‬يا‮ ‬سادة‮ - ‬تاريخ،‮ ‬تاريخ‮ ‬عظيم‮ ‬وعميق‮ ‬وعبدالناصر‮ ‬خير‮ ‬الشاهدين‮ ‬،‮ ‬عبدالناصر‮ ‬الذي‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬يعبث‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬كان‮ ‬يدرك‮ ‬ماذا‮ ‬تعني‮ ‬مصر‮ ‬لشعبها،‮ ‬لمن‮ ‬حولها‮ ‬،‮ ‬للأمة‮ ‬العربية‮ ‬وبقية‮ ‬الدوائر‮ .‬
عندما‮ ‬أدرك‮ ‬ذلك‮ ‬وبدأ‮ ‬يخرج‮ ‬إلى‮ ‬الدوائر‮ ‬الثلاث‮ ‬،‮ ‬ضخوا‮ ‬أموالهم‮ ‬إلى‮ ‬جيب‮ ‬العم‮ ‬سام‮ ‬،‮ ‬وضخت‮ ‬وسائل‮ ‬إعلام‮ ‬العم‮ ‬سام‮ ‬في‮ ‬رؤوس‮ ‬الناس‮ ‬والسذج‮ ‬،‮ ‬منهم‮ ‬أن‮ ‬عبدالناصر‮ ‬له‮ ‬طموحات‮ ‬استعمارية‮ .‬
عندما جاء المحامي محمد عبدالعزيز ، رئيس فرع الوفد في القاهرة - إن لم تخني ذاكرتي - ممثلاً لحزب الوفد لزيارة صنعاء ، ضمن وفد ضم ممثلاً لحزب العمل إبراهيم شكري والحزب الوطني ، أثناء انعقاد المؤتمر الثالث للمؤتمر الشعبي العام ، رافقتهم أنا وعبدالجليل الماوري ،‮ ‬وعبدالكريم‮ ‬عبدالإله‮ .‬
ذهبنا بهم إلى مأرب ، وهنا زرنا بهم مقبرة الشهداء المصريين والجندي المجهول لشهداء الجيش المصري العظيم في عصر - والذي يهمل الآن - وهناك من يحاول الإطاحة به ، كما تمت الإطاحة بنصب الجندي المجهول لشهداء القوات المسلحة اليمنية في ميدان السبعين ! وجلنا بهم الأسواق‮ ‬الشعبية،‮ ‬وذهبنا‮ ‬بها‮ ‬إلى‮ ‬المقايل‮ ‬،‮ ‬ليلتقوا‮ ‬بالناس‮ ‬مباشرة‮ .‬
أذناي ظلتا مفتوحتين إلى ما يقوله المحامي محمد عبدالعزيز، الذي ظل يردد : " احتلال عبدالناصر لليمن " ، كانت العبارة تستفزني جدًّا ، لكن متطلبات الضيافة أجبرتني على الصمت ، لكن الشارع فعل فعله ، فحيث كنا والوفد نتواجد ، كان الرجل للأمانة يسأل عن رأي معظم المتواجدين‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬وجيشها‮ ‬وناصرها‮ ‬،‮ ‬فيجد‮ ‬جوابًا‮ ‬واحدًا‮ ‬لا‮ ‬ثاني‮ ‬له‮ : " ‬تعيش‮ ‬مصر‮ " ‬،‮ ‬و‮" ‬لولا‮ ‬مصر‮ ‬وجيشها‮ ‬وناصرها‮ ‬ما‮ ‬انتصرت‮ ‬ثورة‮ ‬26‮ ‬سبتمبر‮ ‬الخالدة‮ " .‬
أكون أمينًا أن أقول إن الرجل وفي آخر أيام الزيارة ، لاحظت أولاً أنه لم يعد يكرر ويقول تلك العبارة المستفزة ، وقالها وقد طلب شخصيًّا زيارة مقبرة شهداء الجيش المصري مرة ثانية، قالها أمامنا جميعًا : " سأعود إلى مصر وأقول إن التواجد المصري في اليمن لم يكن احتلالاً‮ ‬،‮ ‬بل‮ ‬ضرورة‮ ‬قصوى‮ " . ‬كم‮ ‬أحسست‮ ‬لحظتها‮ ‬بالراحة‮ ‬،‮ ‬إذ‮ ‬ليس‮ ‬من‮ ‬المعقول‮ ‬أن‮ ‬تهدر‮ ‬دماء‮ ‬رجال‮ ‬أبطال‮ ‬مسلمين‮ ‬وأقباط‮ ‬من‮ ‬جيش‮ ‬مصر‮ ‬جاؤوا‮ ‬ينصرونك‮ ‬،‮ ‬فيأتي‮ ‬من‮ ‬يقول‮ ‬احتلوك‮ ‬لمجرد‮ ‬انتماء‮ ‬سياسي‮ .‬
أدرك‮ ‬محمد‮ ‬علي‮ ‬وعبدالناصر‮ ‬أهمية‮ ‬التاريخ‮ ‬؛‮ ‬لأنهما‮ ‬كانا‮ ‬قارئين‮ ‬جيدين‮ ‬للتاريخ‮ ‬،‮ ‬كان‮ ‬أمن‮ ‬مصر‮ ‬لا‮ ‬يزال‮ ‬هناك‮ ‬يبدأ‮ ‬في‮ ‬سوريا‮ ‬وينتهي‮ ‬في‮ ‬باب‮ ‬المندب‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬لعبت‮ ‬دورًا‮ ‬رئيسيًّا‮ ‬في‮ ‬انتصار‮ ‬أكتوبر‮ ‬1973م‮.‬
في اليمن أخرج الجيش المصري بذهب السعودية ، وفي سيناء تم التآمر على الجيش المصري بذهبها ، ولاحقًا دخلت الإمارات على الخط ، وها هي الزفة مستمرة : الطاسة في تل أبيب ، والبرعة في أبوظبي ، والمزيكا في البحرين ، وباقي الخليج باستثناء الكويت، أما قطر فتلعب على كل‮ ‬الحبال‮ ! ‬وعمان‮ ‬لها‮ ‬أجندتها‮ ‬الخاصة‮ ‬والمفتوحة‮ ‬أوراقها‮ ‬بين‮ ‬ضفتي‮ ‬الخليج‮ ‬عربيًّا‮ ‬أو‮ ‬فارسيًّا‮ !‬
الآن‮ ‬سد‮ ‬النهضة‮ ‬،‮ ‬والتي‮ ‬يراد‮ ‬به‮ ‬خنق‮ ‬مصر‮ ‬،‮ ‬مؤامرة‮ ‬كبيرة‮ ‬للخليج‮ ‬فيها‮ ‬دور‮ ‬تظهر‮ ‬ذهبه‮ ‬ودولاراته‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬شركات‮ ‬هي‮ ‬غطاء‮ ‬لعبث‮ ‬عرب‮ ‬النفط‮ ‬والذهب‮ .‬
في‮ ‬ليبيا‮ ‬لعبت‮ ‬الإمارات‮ ‬لعبتها،‮ ‬ولولا‮ ‬الأتراك‮ ‬لكنا‮ ‬رأينا‮ ‬أولاد‮ ‬زائد‮ ‬يعبث‮ ‬بها‮ ‬وبأمن‮ ‬مصر‮ ‬التي‮ ‬يراد‮ ‬حصارها‮ ‬من‮ ‬كل‮ ‬الاتجاهات‮ .‬
الإمارات لعبت في تونس وظهرت لافتات تندد بها في مسيرات الشارع الجزائري ، الإمارات وتحت يافطة العصرنة والعالمية تهيئ للعصر الإسرائيلي حماية للأسرة وتدميرًا للأمن القومي العربي الذي يمتد على الشواطئ من الكويت حتى الأطلسي .
هم عُمي وظنوا أن أمريكا سترضى عنهم ، ولم يدركوا أن ترامب وكوشنر سيذهبان ، وأن أمريكا لها مصالحها ، وإسرائيل من ضمن أدواتها.. والآن تتبدل وتتغير قواعد الصراع ، خاصة بعد حرب "الكوفيد" العالمية الثالثة .
الآن على مصر ، وقد بدأت ، أن تعود إلى روسيا وتمد يديها الاثنتين إلى الصين ، وتعيد إحياء النفس القومي ؛ فصنعاء لا تزال تقوم ولا تقعد لصورة لعبدالناصر ، ولا تزال مصر حاضرة في الأذهان ، والأمر كذلك في العالم العربي حتى الشارع الخليجي ، خذ الشارقة مثلاً ، وأن تعمل ما استطاعت على استرجاع سوريا ولبنان ، وأن تفتح عينيها على ما يجري في السودان ، فظاهر الأمر أن الإمارات تخشى طريق الحرير ، لكن جموح السودان الرسمي باتجاه مالها قد يكون ثمنه مصريًّا . يكفي عواطف. الأمن العربي ينتهي بمصر ويبدأ بها ، وأمنها أولاً واستقرارها‮.‬
على مصر أن تستعيد كويت العرب ، وهي حاضرة ، برغم ما ارتكبه العرب بحقها ، وأولهم نحن ! عرب النفط لا ينسون أن السفير الإسرائيلي ، برغم مرور كل السنوات إلى اللحظة لا يعرف الشارع المصري ، هذه هي مصر العرب .
الكويت لا تزال روحها قومية عربية ، برغم متطلبات الجغرافيا ، وهي مصر والجزائر والآن ليبيا وتونس خط سعيد ويمن واحد خط عربي قومي ، يوفر الشروط أن تظل مصر قوية قادرة . على مصر أن تستعيد زمام المبادرة في لحظة يستعد العالم لصراعات نوعية غير التي عهدناها ، وبالتالي‮ ‬ستوجد‮ ‬تحالفات‮ ‬انعكاسًا‮ ‬لضرورات‮ ‬الصراع‮ ‬،‮ ‬على‮ ‬مصر‮ ‬أن‮ ‬تجر‮ ‬ما‮ ‬بقي‮ ‬من‮ ‬العرب‮ ‬إلى‮ ‬العصر‮ ‬القادم‮ ‬بكل‮ ‬تفاصيله‮ ‬وصراعاته‮ .‬
نقولها‮ ‬بالفم‮ ‬الملآن‮ : ‬ما‮ ‬لعرب‮ ‬النفط‮ ‬يتآمرون‮ ‬على‮ ‬مصر‮ ‬العظيمة‮ ‬،‮ ‬التي‮ ‬نثق‮ ‬أنها‮ ‬ستنتصر‮ ‬؛‮ ‬لأن‮ ‬التاريخ‮ ‬والجغرافيا‮ ‬يقولان‮ ‬بهذا‮ .‬
حفظ‮ ‬الله‮ ‬مصر‮ .‬
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 11:48 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-60537.htm