الميثاق نت -

الإثنين, 01-مارس-2021
د‮. ‬عدنان‮ ‬جويد -
مشكلة (الجهلة) الكبرى هي انهم لايدرون ولايدرون انهم لا يدرون فالأحرى تركهم بجهلهم يعمهون وإنْ كانوا احياناً يبدون كالمساكين فلا فائدة تُرتجى من نصحهم او التحدث معهم خصوصا اذا ألبسوا جهلهم لباس (القدسية) هنا يصبح الامر اكثر تعقيداً!
للأسف‮ ‬واقع‮ ‬حال‮ ‬نعيشه‮ ‬هنا‮ ‬وهناك‮.‬
نشر الجهل في المجتمعات والشعوب لدرجة وصوله لجميع الفئات المختلفة من الناس، لتصبح جاهلاً مهما كانت صفاتك او مؤهلاتك او انتماءاتك، كنت غنياً او فقيراً.. قروياً او مُتمدناً.. لم تكمل تعليمك او حتى متعلم !! ربما يتصور الكثير من الناس ان مصطلح الجهل ينطبق فقط على الأُميين الذين لم يكتمل تعليمهم الدراسي.. لا للأسف هناك الكثير منا اكتمل تعليمه بأعلىَ الشهادات الجامعية لكنه اجهل من بعض القرويين الأُميين الذين تربوا على المبادئ والأخلاق واحترام وتقديس الأصول في التعامل والتفكير، من هنا يأتي تساؤل مهم: ما هو "الجهل" ؟ هل سأكون جاهلاً لو لم اكن اعلم اسم رئيس وزراء بريطانيا الحالي او السابق؟ لا، هل أتهم بالجهل من لا يعلم اموراً لا تخصه او تهمه؟ بالطبع لا، الجاهل باختصار هو "من يجهل كيف يفكر" يجهل كيف يفكر في اموره وأولوياته اياً كانت ماهي، مُهمة كانت او تافهة، الجاهل هو من يَتلقى ويُلَقن الأمور والمعلومات من دون تفكير، هو من يُسلم عقله لغيره، الجاهل هو من يجعل من عقله جهازاً للاستقبال والتفريغ من دون اي انتاج فكري خاص به.. نحن أُمه أغلبنا يعيش في مستنقعات عميقة من الجهل، ولسنا بصدد التغيير الآن لسبب بسيط اننا لا نعلم جهلنا ونظن أنفسنا أعلَم القوم ونردد دوماً عبارات سادية جاهلة بتميزنا بالذكاء والفطنة وان اطفالنا هم الاذكى والاكثر قدرة على التعلم وهنا يكمن لب الخطأ والمشكلة، فنحن نعطي لانفسنا درجات امتياز حسب تصورنا وفهمنا للأمور وهو ما يؤدي الى فشلنا وتدهورنا بالمقارنة مع‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬حولنا‮!‬
اذا لم نعلم المشكلة ولم نعترف بها بعد فنحن لسنا على طريق التصحيح فنصف طريق التصحيح في الاعتراف بوجود المشكلة ألا وهي الجهل، ثم تأتي بعدها مرحلة التصحيح ومحاولة اصلاح ما يسمى بالتعليم! او - بمعنى اصح - إنشاء منظومة تعليم حقيقية فمنظومة تعليمنا تُعلمنا كيف نكون‮ ‬جهلاء‮.. ‬كيف‮ ‬نحفظ‮ ‬معلومات‮ ‬كثيرة‮ ‬لا‮ ‬تسمن‮ ‬ولا‮ ‬تغني‮ ‬من‮ ‬جوع‮ ‬ومن‮ ‬ثم‮ ‬إخراجها‮ ‬في‮ ‬أوراق‮ ‬إجابات‮ ‬لتخرج‮ ‬من‮ ‬عقولنا‮ ‬في‮ ‬نفس‮ ‬لحظة‮ ‬سحب‮ ‬ورقة‮ ‬الإجابة‮ ‬من‮ ‬أيدينا‮! ‬
هل حقاً هذا يسمى بتعليم؟ التعليم هو تعليم كيفية التفكير لتكوين شخصية قادرة على الإبداع في اي مجال تختاره او تحبه -ليس المجال الذي يحبه اهلك ويقرره لك كومبيوتر فرز المعدلات وتوزيعها على الاختصاصات الجامعية- تخيل أنك لست من يختار مجال مستقبله! مجتمعنا يجعل من مهن معينة مهناً سامية والجميع يسعى ويتسابق عليها وحفظ معلومات تافهة فقط ما يحدد مصيرك، كلنا نسعى لنكون اطباء ومهندسين وضباطاً لأن مجتمعنا يقدس تلك المهن ويرسخ في عقولنا جميعاً منذ عشرات السنين إنها اجمل وارقى المهن، اشعر بالأسى والحزن لشرح مبادئ أساسيات اسباب‮ ‬وجود‮ ‬شيء‮ ‬يسمى‮ ‬تعليماً‮ ‬وهو‮ ‬اكتشاف‮ ‬موهبتك‮ ‬الخاصة‮ ‬بك‮ ‬وإيجاد‮ ‬ميولك‮ ‬واهتماماتك‮ ‬لتعلم‮ ‬مميزاتك‮ ‬الخاصة‮ ‬التي‮ ‬ستبدع‮ ‬فيها‮ ‬وبها‮ ‬في‮ ‬مستقبلك‮.‬
الكثيرون في بلدنا يمتهنون مهناً خُلقت لغيرهم بسبب منظومة تعليمنا التي اقل وصف من الممكن ان نصفها انها منظومة فاسدة، هذا هو أساس او لب الجهل ويأتي نتيجة له كل انواع واشكال الجهل المختلفة من جهل للحقوق والواجبات وجهل للحريات.. والأجيال تتوالى جيلاً تلو الآخر.. جيل جاهل يربي جيلاً بجهل ليكون أجهل منه ليربي جيلاً آخر ليكون أجهل وأجهل، لنصبح مجرد عبيد للقمة العيش والغرائز مثلنا ونتجرد بذلك من انسانيتنا ونصبح بدون تطور او إبداع، بدون قدوة او مثل أعلىَ فالمعايير اختلت واختلفت بفساد الأجيال المتتابعة.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 29-مارس-2024 الساعة: 10:54 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-60140.htm