د.أحمد عقبات -
لقد مثلت ثورة 26 سبتمبر عام 1962 منعطفا مهما في تأريخ اليمن المعاصر، لأن أهدافها الستة رسمت خارطة متكاملة لخطوات طموحة نحو بناء دولة قادرة على تشخيص المشكلات الموروثة والقائمة ومعالجتها بتقييم واقعي لمجريات الأحداث لتحقيق أكبر قدر من المصداقية إزاء المجتمع الذي عانى ردحاً من الزمن من الحرمان وتلبية احتياجاته الملحة في مجالات الصحة والتعليم والطرقات وغيرها، الأمر الذي شجع المواطنين على الانخراط تحت لواء الثورة الوليدة .
ولاشك أن العقود السابقة شهدت منجزات في شتى مجالات الحياة الإقتصادية والاجتماعية وغيرها مكنت مختلف الشرائح الاجتماعية من الاستفادة من خيرات المرحلة الجديدة .
ومن المؤكد أن صراعات مراكز القوى السياسية قد عرقلت تنفيذ استكمال أهداف الثورة كما ينبغي بالولوج بين فترة وأخرى في دهاليز خلافات أثرت سلبا في تشويه بعض معالم الاستراتيجيات الموضوعة، ومع ذلك كان السعي الى استقراء الواقع المعيش قائماً باستدراك الأخطاء عن طريق عقد المؤتمرات والندوات والاستعانة بالخبراء والمختصين لوضع برامج تساهم في إصلاح مالي وإداري شامل.
ولعل اندلاع ثورة 14 أكتوبر وتحقيق وحدة اليمن تعتبر من ثمار ثورة سبتمبر اليانعة..
إن مرحلة مابعد الوحدة ولأهمية استيعاب كافة القوى السياسية ذات التوجهات المختلفة قد مكنت من الدخول في معمعة تجربة جديدة في نظام الحكم تمثلت بالنهج الديمقراطي والتعددية السياسية التي أفرزت تبايناً الآراء في أمور كثير وظهور إعلام حزبي عزز الاعتراف بوجود الآخر بقوة انعكس في الانتخابات الرئاسية والنيابية والسلطة المحلية والسعي نحو انتخابات المحافظين .
وهذا يعني أن ثورة سبتمبر قد فتحت الباب على مصراعيه بالانفتاح على الجميع داخليا وخارجيا ومكنت القوى السياسية من المشاركة في الحكم والإدارة بمواطنة متساوية نسبية، الأمر الذي خلط أوراق الولاءات التي انعكست تأثيراتها في مراحل لاحقة .
وبصفة عامة فإن الذكرى 58 من عمر الثورة جديرة بالاحتفاء لأنها مِلْك اليمنيين جميعاً، برغم أن أهدافها لم تكتمل كما ينبغي ..
| 
سبتمبر.. ملك الشعب