الميثاق نت -

الثلاثاء, 28-يوليو-2020
‮ ‬مجدي‮ ‬الدقاق‮ ‬ -
لعلي أحد المحظوظين مهنياً أن أكون شاهداً علي كثير من المحطات الكبري في مسيرة شعبنا العربي في اليمن، وهناك فرق كبير أن يتابع المهتم بالشئون اليمنية بالأحداث فيها عن ُبعد، وبين معايشته الحية لوقائٍعها، ملتقياً شخوصها، ومتلقياً ردود أفعالها.
في اوائل الثمانينات قدر لي أن أعيش ميلاد صحيفة "الميثاق" في الجمهورية العربية اليمنية ، وأنا أعمل محررا صحفياً في صحيفة الثورة التي تعتبر الصحيفة الأولي في البلاد، وتابعت دعوة الرئيس الراحل الزعيم علي عبدالله صالح لبدء حوارً وطني يمنيً لتأسيس التنظيم السياسي الذي لعب فيما بعد - ولا يزال - دورا وطنيا وسياسيا بالغ الأهمية في اليمن، وهو المؤتمر الشعبي العام. وخرجت "الميثاق" الصحيفة إلي النور في نوفمبر عام 1982، لتعبر عن الخط الفكري والسياسي للمؤتمر وكان أغلب المتابعين في ذلك الوقت يتساءلون لماذا الميثاق فهناك ثلاث صحف يومية رسمية تصدر في البلاد، الثورة في صنعاء، والجمهورية في تعز، و26 سبتمبر في صنعاء أيضا، كانت الثورة الصحيفة الرسمية للدولة اليمنية وكانت الجمهورية تعبيراً عن سياسة إعلامية تري توزيع المنصات الإعلامية في المحافظات اليمنية وعدم قصرها على العاصمة، أما 26 سبتمبر فكانت ناطقة بإسم القوات المسلحة اليمنية، لم ينتبة أحد أن الميثاق الصحيفة هي الصوت الأيديولوجي للتنظيم السياسي مع صدور الميثاق الفكري الذي حدد توجهات المؤتمر الشعبي وفكره المتمسك بالوحدة، والولاء الوطني، والانتماء العربي، والتنمية والتمسك بالحوار بين ابناء الوطن الواحد، وهي المعادل الفكري لجريدة "الثوري" التي كانت تعبر عن الخط الأيديولوجي للحزب الإشتراكي اليمني في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، ولهذا كان تأسيس المؤتمر الشعبي العام، وصحيفته الفكرية، تعبيراً عن توجهات القيادة السياسية‮ ‬اليمنية‮ ‬وعزمها‮ ‬على‮ ‬تحقيق‮ ‬وحدة‮ ‬اليمن‮ ‬شمالا‮ ‬وجنوباً‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬تحقق‮ ‬بعد‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬عقد‮. ‬
تولي رئاسة تحرير الميثاق عدد من الأسماء البارزة في سماء الصحافة اليمنية منذ التأسيس حتي الأن وكلهم من الكوادر الفكرية والسياسية والمهنية المؤهلة، وخريجوا جامعات عربية وأجنبية ويمنية، ولهم خبراتهم العملية في صحف اليمن الرسمية والأهلية، ومن أول رئيس تحرير لها الأستاذ حسن اللوزي وحتي الأستاذ يحيى نوري رئيس تحريرها الحالي ومرورا بأسماء الأساتذة : ( محمد شاهر حسن، عبدالله غانم، أحمد الشرعبي، عباس غالب، علي الحزمي، محمد حسين العيدروس، أحمد الصوفي، إسكندر الأصبحي، عبدالله الحضرمي، محمد أنعم) جاءت الاختيارات متنوعة، رؤساء تحرير من مختلف المحافظات، ومختلف الأفكار، والتوجهات، لكن كلها أتت علي أسس وطنية فتحت الباب للحوار بالكلمة، ومهدت لمناخ يتمتع بقدر غير قليل من حرية التعبير ومهدت الطريق لإنفتاح سياسي وإعلامي، أسفر عن ما يمكن تسميته بانفجار حزبي وسياسي وإعلامي عقب تحقيق‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ ‬في‮ ‬أوائل‮ ‬التسعينات‮. ‬
وقدر لي عقب عودتي من صنعاء للقاهرة في منتصف عام 1986، أن أعود سنوياً لليمن متابعاً أحداثها عن قرب مشاهداً كل أحداثها الكبري، ملتقياً زعماءها وقيادتها ورموزها السياسية والفكرية والأدبية ولم يمنعني من العودة سوي تلك الأحداث التي شهدتها منطقتنا العربية المنكوبة‮ ‬بخريف‮ ‬حلف‮ ‬النيتو‮. ‬
لم تكن الميثاق سوى تعبير عن حالة جديدة في اليمن الجديد، وظلت تعبر عن تيار شعبي عريض في المجتمع اليمني في كل محافظات ومناطق البلاد، ولازالت تتمسك بالثوابت الوطنية والقومية وتخوض معركة جديدة مع الظروف التي تمر بها اليمن.
"الميثاق" ليست مجرد صحيفة، فهي رسالة وفكرة، رسالة تحرر، وحوار، ترفض الهيمنة والاقتتال الأهلي والعدوان، وتتمسك بالوحدة وحقوق الناس، والولاء الوطني. وهي مع مرور نحو أكثر من ربع قرن لا زالت هي وكل الاقلام والأصوات الشريفة في اليمن والعالم قابضة علي ثوابتها وعلى‮ ‬حق‮ ‬اليمنيين‮ ‬في‮ ‬العيش‮ ‬بسلام‮ ‬في‮ ‬وطن‮ ‬آمن‮ ‬يتسع‮ ‬لكل‮ ‬أبنائه‮.‬

‮*‬كاتب‮ ‬وصحفي‮ ‬مصري‮ ‬
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 11:53 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-58891.htm