الأحد, 27-يناير-2008
الميثاق نت -    فايز البخاري -
لم يعد يخفى على المتابع للأحداث التي يمر بها الوطن حالياً مقدار الخسارة التي لحقت بالاقتصاد الوطني جراء الجرائم البشعة التي قام بارتكابها بعض العناصر الإرهابية من مهندسي الفتن والقلاقل الذين يستهدفون مصلحة الوطن.
ناهيك عن الخسارة الفادحة التي تمثلت بنهب الآثار الثمينه التي تم اكتشافها في مديرية السدة محافظة إب بالقرب من عاصمة الدولة الحميرية الموحدة ظفار.
ورغم أن تهريب الآثار وسرقتها وبيعها للخارج قضية ليست جديدة إلا أن الشيء المؤلم والمحزن في هذا الأمر أو في قضية آثار السدة هو أنه قد تم نهبها وسرقتها بعد يوم واحد من الإعلان الرسمي عن اكتشافها وهو ما دعا إلى أن يقر مجلس الوزراء في اجتماعه الأخير إحالة عدد من المسؤولين الذين تورطوا في التهاون إزاء هذا الكنز الثمين الذي مثل أهم الكشوفات الاثرية في تاريخ اليمن المعاصر إلى القضاء لمحاكمتهم.
وإذا كانت هذه الحادثة بمقام فضيحة مجلجلة لمن تورط فيها فإن جريمة قتل السياح ليست بأقل ضرراً منها ، خاصة وكلا الحادثتين لا تستهدف في المقام الأول سوى مصلحة الوطن الذي هو المتضرر الأول والأخير من ذلك ، وهذا هو ما يدفعنا للتساؤل الذي يشوبه الغموض والحيرة في العقلية التي يفكر بها هؤلاء المجرمون وأولئك المهملون الذين لا هم لهم سوى تحقيق المصالح الشخصية الضيقة في عمى تام عن إدراك أبعاد مثل هذه الجرائم التي تمس المصالح العليا المشتركة لكل اليمنيين ليس في زمن محدد أو في الوقت الراهن فقط بل تتعدى ذلك إلى الأزمنة والعهود اللاحقة.
وبما أن الفرد جزء فاعل ومؤثر ومتأثر في مجتمعه فإن ما يصيب الوطن لا بد أن ينجر عليه، رضي بذلك أم أبى.. وهنا نحن نقف بحيرة من الأمر إزاء هذه العقليات التي يفكر بها مرتكبو الجرائم الإرهابية ومتورطو فضائح الآثار الذين نجزم أنهم لا يكادون يرون أبعد من أنوفهم وإلا فما معنى أن يقوموا بإلحاق الأذى والضرر والخسائر الفادحة في وطنهم الذي يمثل لهم الأرض الواسعة التي يدرجون عليها، والمنهل الغزير الذي ينهلون منه معارفهم وعلومهم ومصادر دخلهم ناهيك عن إكسابهم الشخصية والهوية المتميزة التي يفاخرون بها الأمم جمعاء.
أليس من البديهي في هذا الأمر أن نقف مذهولين شاردي الأذهان ممزقي الإحساس ونحن نرى أبناء جلدتنا ممن هم محسوبون على هذا الوطن الغالي وهم لا يألون جهداً في الفت في عضده وتمزيق كيانه وتشويه صورته الناصعة وتكبيده الخسائر الفادحة؟!!
إن حادث قتل السياح الذي وقع في مدينة الهجرين التاريخية بمحافظة حضرموت واودى بسائحتين بلجيكيتين وشخص يمني من المرافقين وجرح آخرين والذي يأتي امتداداً للجرائم الإرهابية السابقة التي استهدفت السياح وكان آخرها التفجير المروع عند معبد مارب التاريخي العام الماضي الذي قتل فيه عدد من السياح الأسبان .. إن هذه الحوادث وغيرها من الحوادث الإرهابية التي تستهدف السياح إما بالقتل أو بالتقطع أو الاختطاف لتمثل أسوأ الصور قتامة في عيون اليمنيين قبل غيرهم وهي في الوقت ذاته تبعث على الأسف والحسرة والألم أن يكون بين ظهرانينا ووسط صفوفنا من يفكر بمثل تلك العقليات الإجرامية التي تستهدف أمن واستقرار ومصلحة الوطن!!
الإرهاب منبوذ في كل الأعراف والقوانين والشرائع والملل ولا يوجد أبداً من يقره في أصقاع العالم ممن يحملون العقليات النظيفة الخالية من العقد والأمراض النفسية، وبالتالي نحن في شعب الحكمة والإيمان أولى من غيرنا بنبذ هذا الداء المستشري لا بالتنديد والاستنكار فقط ولكن من خلال الممارسات الحقيقية التي تجسد نبذنا للإرهاب والمتمثلة في تربية أولادنا على الفكر المتسامح في إطار الشريعة الإسلامية السمحاء التي تحرم علينا قتل النفس البشرية ظلما وعدواناً دون سبب مشروع ولو كان صاحبها ممن ليس في ملتك ناهيك عن أن يكون ضيفاً لديك فهنا تكون له عليك حقوق الضيافة والرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه.
إلى ذلك يجب علينا جميعاً التصدي للإرهاب بالوقوف صفاً واحداً إلى جانب الحكومة بمختلف أجهزتها من أجل العمل سوية على وضع حد لهذه الجرائم الإرهابية المضرة بالوطن والتصدي لها بحزم حتى يتم القضاء عليها فعلاً، والقضاء عليها فعلاً لا يتم إلا بتكاتف الجميع شعباً وحكومة سلطة ومعارضة، وفي الجانب الآخر تظل قضية الآثار وتهريبها والعبث بها مستمرة ما لم نبدأ بالتوعية المختلفة للنشء وكافة المواطنين بالأهمية القصوى التي تمثلها هذه الآثار في دعم وبناء الاقتصاد الوطني ، خاصة وأن السياحة التي باتت تعتمد في المقام الأول على الآثار هي من الموارد ومصادر الدخل الوطني غير القابلة للنضوب وهذا هو ما يستدعي تكاتف الجميع لردع العابثين والمتورطين في تهريب الآثار والعبث بها أولاً وسرعة اتخاذ الإجراءات الرادعة لمن تسول له نفسه التورط في مثل هذه القضية ثانياً، إضافة إلى نشر الثقافة الوطنية وغرس مبادئها في نفوس الجميع وبالذات طلاب المدارس، شيء مهم حتى إذا ما تمكنت هذه الثقافة من نفوس ابنائنا يستحيل أن نرى بعدها أي آثار للإرهاب أو الاختطاف أو تهريب الآثار أو أي سلوك آخر من شأنه إلحاق الضرر بالاقتصاد الوطني ومصلحة الوطن العليا.
إذاً الأهم في هذا الأمر هو التنشئة الوطنية والفكر السليم وبذلك نقضي على العقليات الموبوءة التي تعج وتنضح بها عقول المارقين والفاسدين من الضالعين في جرائم الإرهاب وفضائح الآثار .. حفظ الله وطننا الغالي.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 08:28 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5699.htm