الخميس, 24-يناير-2008
الميثاق نت -    احمـد‮ ‬ناصـــر‮ ‬الشـريف -
❊ شيء رائع وجميل أن يرفع شعار »التصالح والتسامح« وهذا ما يدعو اليه الدين الاسلامي الحنيف وكل الشرائع السماوية.. لكن عندما يكون الشعار خالياً من المضمون وأطراف القضية بهذا الشعار غائبون ولا وجود لهم فإن ذلك لا يعدو أن يكون »طردعة« في الهواء ومجرد كلام للمزايدة‮ ‬ودغدغة‮ ‬لعواطف‮ ‬البسطاء‮.‬
وهذا ما حدث مؤخراً في مدينة عدن الباسلة حين استغل بعض المزايدين ذكرى مجزرة 13 يناير 1986م ورفعوا شعار »التصالح والتسامح« بهدف تجميع الناس وتمرير مخططات مشبوهة تسعى الى اثارة الفتنة واحداث الفرقة بين ابناء الشعب اليمني الواحد.. ولولا تدارك ويقظة رجال الأمن في اللحظات الأخيرة واكتشافهم السريع لما كان يخطط له منظمو ما سمي بـ»مهرجان التصالح والتسامح« لحدث ما يمكن أن نسميه مجزرة قد تشكل امتداداً لأحداث 13 يناير المشؤومة، الأمر الذي سيترتب عليه مأساة جديدة وأحقاد وضغائن، شعبنا في غنى عنها.
ولنفترض حسن النية من قبل بعض من رفعوا هذا الشعار الجميل.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: بين من ستتم المصالحة وأطراف أحداث 13 يناير 86م قد أصبح معظمهم في ذمة الله ومن بقي منهم على قيد الحياة لا يتواجدون داخل الوطن.
ألم يكن بمقدور هؤلاء المزايدين منظمي مهرجان »التصالح والتسامح« اذا كانوا حقاً صادقين في تطبيق هذا الشعار الرنان على أرض الواقع أن يبحثوا عمن تبقى من المنفذين المباشرين لأحداث 13 يناير سواءً أكانوا ظلمة أو مظلومين ويجمعون بينهم في ظل راية الوحدة اليمنية المباركة ويطلبون منهم فتح صفحة جديدة وتناسي الماضي الذي ذهب بشره وخيره، باعتبار أن الوحدة التي كانت مطلب كل أبناء الشعب اليمني بمختلف مشاربهم الفكرية واتجاهاتهم السياسية قد جبت كل ما كان قبلها من أحداث سواءً تلك التي شهدتها المحافظات الجنوبية أو المحافظات الشمالية‮ ‬في‮ ‬العهد‮ ‬التشطيري‮ ‬البغيض‮.‬
ألا يقدِّر هؤلاء نعمة الوحدة التي هلت على شعبنا اليمني في الوقت الذي كانت فيه الكثير من شعوب العالم تتمزق بما فيها دول كبرى كالاتحاد السوفييتي مثلاً وعدد من من الدول الأوروبية وغيرها.. ألا يتذكر هؤلاء أن العهد التشطيري كان يفرض على كل مواطن أياً كان موقعه التزام الصمت الرهيب ازاء كل شيء ومن كان يجرؤ على الكلام كانت تخمد انفاسه قبل خروجه من بيته من قبل أمن الدولة.. يا ليت أن الأمر كان يتوقف عند هذا الحد فحسب ولكنه كان يتطور حتى كان يتم القتل بحسب بطائق الهوية والانتماء الى هذه المحافظة أو تلك، وما حدث من مآس‮ ‬رهيبة‮ ‬في‮ ‬أحداث‮ ‬13‮ ‬يناير‮ ‬86م‮ ‬دليلاً‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬يحدث‮ ‬من‮ ‬ممارسات‮ ‬عنيفة‮ ‬امتهنت‮ ‬كرامة‮ ‬الإنسان‮ ‬اليمني‮ ‬وزرعت‮ ‬بينه‮ ‬وبين‮ ‬أخيه‮ ‬الكراهية‮ ‬والبغضاء‮.‬
أما‮ ‬اليوم‮ ‬وفي‮ ‬ظل‮ ‬راية‮ ‬الوحدة‮ ‬اليمنية‮ ‬المباركة‮ ‬فقد‮ ‬أعيدت‮ ‬للمواطن‮ ‬اليمني‮ ‬حريته‮ ‬وكرامته‮ ‬ولم‮ ‬يعد‮ ‬يخاف‮ ‬من‮ ‬شيء‮ ‬مهما‮ ‬فعل‮ ‬ومهما‮ ‬قال‮.‬
واذا ما تجاوز احدهم الخطوط الحمراء والثوابت الوطنية فإن هناك قوانين يخضع لها وقضاء يحاسبه بالعدل ومن حقه أن يدافع عن نفسه بمختلف الطرق وهذا ما لم يكن مسموحاً به إبان الحكم الشمولي.. فأية نعمة أكبر من هذه التي تكفل للانسان اليمني حقوقه وتحمي كرامته وتحفظ له‮ ‬أمنه‮ ‬وأصبح‮ ‬غير‮ ‬خائف‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬يأتيه‮ ‬زائر‮ ‬الفجر‮ ‬ليقبض‮ ‬عليه،‮ ‬ثم‮ ‬لا‮ ‬يدري‮ ‬بعد‮ ‬ذلك‮ ‬هل‮ ‬سيعود‮ ‬الى‮ ‬أهله‮ ‬مرة‮ ‬أخرى‮ ‬أم‮ ‬أنه‮ ‬قد‮ ‬أصبح‮ ‬في‮ ‬عداد‮ ‬الأموات؟‮!‬
هذا‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬يحدث‮ ‬فهل‮ ‬يتعظ‮ ‬أولئك‮ ‬النفر‮ ‬المغرر‮ ‬بهم،‮ ‬ونحمد‮ ‬الله‮ ‬على‮ ‬هذه‮ ‬النعمة‮ ‬مهما‮ ‬رافقتها‮ ‬من‮ ‬سلبيات؟‮!‬


تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 06:47 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5659.htm