الأربعاء, 12-ديسمبر-2007
الميثاق نت -  صادق ناشر -
لا أخفي إعجابي بالرئيس الفنزويلي هوجو تشافيز، هذا الثائر الأحمر الذي أعاد مع عدد من زعماء قارة أمريكا اللاتينية أبرزهم الرئيس الكوبي فيديل كاسترو بعضاً من الكرامة المهدورة لشعوب هذه القارة أمام الصلف الأمريكي الذي يعتبر كل أمم الأرض شعوباً ملحقة بالبيت الأبيض، حيث تعاملت واشنطن مع عدد من دول أمريكا اللاتينية على هذا الأساس..
ورأينا كيف انتزعت الحاكم العسكري السابق لبلد مستقل ذات سيادة هي بنما الجنرال مانويل نوريغا من قصر بلاده الرئاسي وأخذته سجيناً لديها في واشنطن، على الرغم من أن نوريغا كان العميل الأول لأمريكا في بلاده.
هوجو تشافيز أراد أن يجرب لعبة التعديلات الدستورية في بلد تمارس فيه المعارضة دورها بكل ما لديها من قوة، فمُني بخسارة لمشروعه الذي كان يطالب من خلاله أن يمنح رئيس الدولة حق الترشح لرئاسة الدولة أكثر من مرة، لكن الثائر الأحمر لم يلجأ إلى التزوير، وقبل برأي الشعب الذي قال: "لا" للتعديلات الدستورية التي تمنح الرئيس حقاً لا نهاية له للبقاء في السلطة.
درس هوجو تشافيز في ممارسة الديمقراطية أذهلني، خاصة أن الرجل يعد من أبرز خصوم راعي البقر الأمريكي، الذي يرغب في وضع سلسلة طويلة على رقاب كافة الأنظمة فيجرّها جراً إلى مزرعته، تماماً كما يتعامل مع أبقاره في الحظيرة التي لديه في أمريكا.
صحيح أن النزعة نحو الفردية بدأت تفعل فعلها في عقل تشافيز وتصرفاته خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن كلمة الشعب أفسدت عليه وهم اللجوء إلى طبخة التعديلات الدستورية التي كان ينوي تمريرها، وسلم بهزيمته دون أن يلقي باللائمة على المعارضة بالابتزاز أو بالتزوير، رغم أن المعارضة تعمل بوضوح كامل إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية، ولا تخفي نيتها إسقاط تشافيز وتسليم رأسه للإدارة الأمريكية.
ويبدو أن تشافيز بدأ يشعر بتصاعد رغبة راعي البقر الأمريكي لإسقاطه من رئاسة بلاده، فأراد أن يعزز تواجده على قمة هرم السلطة فيها عبر تعديل دستوري يمنحه حق مواصلة الحكم إلى ما لا نهاية، وبالتالي إبعاد الخطر الأمريكي عن بلاده وبلاد أخرى من قارة أمريكا اللاتينية، إلا أنه اصطدم برأي عام واعٍ يعرف أن التمديد له سيفتح الباب لديمقراطية مشوهة وبروز ديكتاتوريات جديدة دفعت شعوب أمريكا اللاتينية ثمناً باهظاً من أجل التخلص من ديكتاتوريات قديمة.
لقد تمنّى الثائر الأحمر هوجو تشافيز أن يصطف الشعب إلى جانبه، خاصة وأن الشعب نفسه هو من اصطف إلى جانبه في الانقلاب الذي نفذته الولايات المتحدة ضده قبل عدة أعوام، لكن الشعب، وإن أحب تشافيز، قرر الانحياز إلى منطق العصر، ومنع الثائر الأحمر من ركوب موجة الدكتاتورية الجديدة باسم الحرية والديمقراطية التي يركبها كثير من زعماء العالم.
من هنا فإن الدرس الذي قدّمه لنا هوجو تشافيز يؤكد قدرة الشعوب على التغيير إذا ما كانت شعوباً حية، وشعوب أمريكا اللاتينية تعيش هذه الفترة مدّاً رافضاً للهيمنة الفردية من أي شخص مهما كانت قدراته وإمكانياته، فالأهم هو أن يكون للشعب رأيه وكلمته الفصل في كل ما يتصل بحياته ومصير مستقبله.
صحيفة الجمهورية
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 13-مايو-2024 الساعة: 09:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-5311.htm