الأحد, 26-مارس-2017
الميثاق نت -     أكرم‮ ‬حجر -
حينما‮ ‬يذكر‮ ‬ميدان‮ ‬السبعين‮ ‬قد‮ ‬يلوح‮ ‬لبرهة‮ ‬في‮ ‬أفق‮ ‬المتكلم‮ ‬أو‮ ‬السامع‮ ‬أنك‮ ‬تتحدث‮ ‬عن‮ ‬ميدان‮ ‬واسعٍ‮ ‬مرتّب‮ ‬مخصص‮ ‬للعروض‮ ‬والكرنفالات‮ ‬بمعنى‮ ‬أنه‮ ‬ساحة‮ ‬للاحتفالات‮ ‬والتجمعات‮ ‬المختلفة‮..‬
لكن‮ ‬الحقيقة‮ ‬أن‮ ‬هذه‮ ‬البقعة‮ ‬الطاهرة‮ ‬من‮ ‬أرض‮ ‬صنعاء‮ ‬هي‮ ‬أعمق‮ ‬من‮ ‬ذلك‮.. ‬هي‮ ‬أكبر‮ ‬من‮ ‬ذلك‮.. ‬وأنقى‮ ‬من‮ ‬ذلك‮.. ‬إنها‮ ‬صوت‮ ‬الحق‮ ‬وميدان‮ ‬النصر‮..‬
أعمق لأن السبعين مرتبطٌ اسمياً وفعلياً بالتاريخ الحديث والحرج من تاريخ الجمهورية اليمنية.. جمهورية ما بعد 26 سبتمبر 1962م.. وجمهورية ما بعد 22 مايو 1990م.. وجمهورية 2011م.. وهاهو اليوم على موعدٍ مع التاريخ الأحدث جمهورية الـ"26" من مارس 2017م ولكن ضمن المربع‮ ‬ذاته‮.. ‬المربع‮ ‬الحرج‮ ‬من‮ ‬الأحداث‮ ‬الجسام‮ ‬في‮ ‬حياة‮ ‬الأمة‮ ‬اليمنية‮ ‬العظيمة‮..‬
إنه‮ ‬ميدان‮ ‬البطولات‮ ‬وساحة‮ ‬الانتصار‮.. ‬انتصار‮ ‬الحق‮ ‬على‮ ‬الباطل‮.. ‬والخير‮ ‬على‮ ‬الشر‮.. ‬واليمن‮ ‬على‮ ‬اعدائه‮..‬
إنه‮ ‬ساحة‮ ‬الشرف‮.. ‬ومعرض‮ ‬الرجال‮.. ‬وسيمفونية‮ ‬الوفاء‮ ‬للوطن‮.. ‬ومعزوفة‮ ‬حب‮ ‬القائد‮ ‬الباني‮ ‬والموحد‮..‬
"ميدان السبعين" فيه من اسمه الشيء الكثير.. فهو سُمي بهذا الاسم العظيم تيمُّناً بالنصر المبين الذي تحقق للدولة الجمهورية على الزحف الملكي الذي كان يهدف لخنق الجمهورية الناشئة في شبه الجزيرة العربية إثر مغادرة الجيش المصري لليمن كنتيجةٍ طبيعية للنكسة العربية‮ ‬أمام‮ ‬اسرائيل‮ ‬في‮ ‬العام‮ ‬1967م‮..‬
نعم‮.. ‬هو‮ ‬ميدان‮ "‬الانتصار‮ ‬العظيم‮" ‬على‮ ‬جحافل‮ ‬الملكية‮ ‬المتعطشة‮ ‬لوأد‮ ‬الجمهورية‮ ‬الوليدة‮ ‬التي‮ ‬حاصرت‮ ‬عاصمتها‮ ‬البطلة‮ ‬سبعين‮ ‬يوماً‮ ‬انتهت‮ ‬بفك‮ ‬الحصار‮ ‬عن‮ ‬عاصمة‮ ‬كل‮ ‬اليمنيين‮ ‬ورمز‮ ‬صمود‮ ‬الجمهورية‮..‬
بعدها سادت الجمهورية.. وخبتت نار الرجعية.. بل وانطفأت كأن لم تكن.. وانطلق اليمن الجمهوري نحو البناء بعد أن كان طيلة ما يقرب سبعة أعوامٍ يدافع عن ثورته اليتيمة في شبه الجزيرة الملكية.. وبانحسار حصار السبعين دفن اليمنيون الرجعية إلى غير رجعة وحصلت المصالحة..‮ ‬
عقب دفن أوهام الملكية إلى غير رجعة وإذابة جليد أحلام عودتها، انطلق اليمانيون في ماراثون البناء والاستعداد ليوم الوحدة الذي تحقق في الثاني والعشرين من مايو 1990م ويومها لم يكن »السبعين« غائباً واحتضن أول استعراضٍ للقيادة المشتركة لدولة الوحدة شمالاً وجنوباً‮..‬
ظل‮ ‬السبعين‮ ‬رمزاً‮ ‬لكل‮ ‬مجدٍ‮ ‬يماني‮ ‬في‮ ‬دولة‮ ‬الجمهورية،‮ ‬وكان‮ ‬العيد‮ ‬العاشر‮ ‬لإعلان‮ ‬دولة‮ ‬الوحدة‮ ‬مهيباً‮ ‬عظيماً‮ ‬بعظم‮ ‬الوحدة‮.. ‬
وأمام جموع الحاضرين من قادة الخليج والأشقاء والأصدقاء مرت سيول الحصاد الوحدوي.. الجيش الناشئ المتأهب الذي استعرض قواته على طريقة الجيش الأحمر السوفييتي فكان مهيباً رائعاً أذهل من حضر، وغادر قادة الدول وفي نفوسهم شيءٌ من حتى..
أما ذلك الاستعراض التاريخي الذي رأوه فهم لم يظنّوه إلّا سحراً أو أسطورةً تُحكى.. فقد ظل في مخيلة من حضر من حكام الخليج مبهورين منه في الزاوية الظاهرة من تفكيرهم.. ويتوجسون منه خيفةً في الزوايا المظلمة من عقلياتهم التي لم تستوعب أن تملك الجارة الفقيرة الصغرى‮ ‬هذا‮ ‬الجيش‮ ‬الأسطوري‮..‬
انطلق اليمن متأهباً أكثر نحو الأمام المشرق.. في حين أن دهاليز الغدر والتآمر كانت تعد مصانع الفوضى الخلاقة باسم الربيع العربي الذي عصف بتونس وليبيا ومصر وجاء ليعمل معاوله القذرة في اليمن عبر ذات الأدوات الإيديولوجية المتآمرة..
ولكن السبعين قال كلمته هذه المرة أيضاً.. بل قالها بصوتٍ أذهل العالم وأغرق المشاريع التآمرية في بحورٍ من الحيرة والإبهام.. هذه المرة لن يعلو صوت السبعين الرسمي فقط.. بل سترد أمواجه البشرية الوفية على أكاذيب الرحيل ومشاريع الساحات الصغيرة التي تريد أن تختصر الوطن‮ ‬في‮ ‬ساحةٍ‮ ‬للعصيان‮ ‬والتمرد‮ ‬والمجهول‮..‬
تدفقت‮ ‬ملايين‮ ‬السبعين‮ ‬أمام‮ ‬مرأى‮ ‬العالم‮ ‬ومسمعه‮ ‬لتقول‮ ‬لكل‮ ‬أصحاب‮ ‬المشاريع‮ ‬الصغيرة‮ ‬والتآمرية‮ ‬إننا‮ ‬نحن‮ ‬رجال‮ ‬هذا‮ ‬الوطن‮ ‬ولسنا‮ ‬من‮ ‬يترك‮ ‬زعيمه‮ ‬يصارع‮ ‬الربيع‮ ‬القارس‮.. ‬
يومها قال السبعين كلمته وفرض المصالحة الوطنية فرضاً، وبعكس كل دول الربيع انصاع الآخر ومخططوه وداعموه وممولوه لصوت الشعب وصمود القائد على الرغم من جريمة جامع النهدين التي أدمت جمعة رجب الحرام لكنها لم تكسر إرادة شعب ومسؤولية قائد..
استمر المخطط التآمري على اليمن الذي لم ينجح خريف الربيع العربي في تحقيقه.. وحينما يئس المتآمرون من صمود هذا الشعب الحر الأبي تكالبوا عليه فكانت عاصفة الغدر ومقبرة العروبة وملهاة اللاإنسانية الدولية..
شنت مملكة آل سعود حربها على اليمن بغرفة عملياتٍ أمريكية وتحالف خليجي عربي مخز فقصفت الأرض والحجر والعمارة والبشر.. قصفت كل شيء وكان للميدان الشامخ نصيبه من القصف، ناهيك عن آلامه اليومية جراء الغارات المجنونة التي ضربت جبل النهدين الذي يحتضنه لأكثر من عامين‮ .‬
مرّ‮ ‬عامان‮ ‬من‮ ‬الصمود‮ ‬اليمني‮ ‬في‮ ‬وجه‮ ‬آلة‮ ‬القتل‮ ‬والتدمير‮ ‬السعودية‮ ‬الأمريكية‮ ‬الغربية‮ ‬الخليجية‮ ‬وحان‮ ‬الموعد‮ ‬الذي‮ ‬انتظره‮ ‬الميدان‮ ‬الأغر‮..‬
إنه‮ ‬يوم‮ ‬السادس‮ ‬والعشرين‮ ‬من‮ ‬مارس‮ ‬2017م‮.. ‬الموعد‮ ‬التاريخي‮ ‬للصرخة‮ ‬المؤتمرية‮ ‬الشعبية‮ ‬الوحدوية‮ ‬المقاومة‮ ‬والمدوية‮ ‬في‮ ‬وجه‮ ‬العدوان‮ ‬والتي‮ ‬أرعبت‮ ‬أمراء‮ ‬النفط‮ ‬وتجار‮ ‬الحروب‮..‬
تحية‮ ‬للصامدين‮.. ‬تحية‮ ‬للملايين‮.. ‬ولا‮ ‬عزاء‮ ‬للمرتزقة‮ ‬والمرجفين‮..‬
يوم السادس والعشرين، فيه صرخ اليمنيون في وجه العدوان أنْ كفّ يدك التي صبرنا عليها وإلا فإن القادم لن يكون كما سبق.. واسألوا الرياض وجبال وقرى جيزان ونجران وعسير.. واسمعوها من السبعين: "قد أعذر من أنذر.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 31-أكتوبر-2024 الساعة: 11:52 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-49709.htm