الميثاق نت -

الإثنين, 27-فبراير-2017
علي عباس الاشموري -
ما أكثر الذين أصمتهم ضجة اللذة عن نداءات الجراح، لكنهم عرفوا أخيراً أو سيعرفون أنهم نائمون في طريق السيل..وأي سيل أعظم من سيول الله «الجماهير» إذا تدفق فهو لا يبقي ولا يذر، وأشد ما تكون الجماهير سخطاً عندما تمس في حقوق بطونها، فقد تصبر مؤقتاً أو تغض الطرف او تصبر في انتظار حينما تطعن في كرامتها او تقيد حريتها فتتحمل في تربص، أما عندما تصاب في أساس عيشها فلا تنتظر ولا تتمهل إذ أنه ليس هناك حافز على الاستماتة أكثر من الجوع...سُئل سليك بن السلكة: «عندما تغامر في قتل الغني هل تأمن من سيفه؟!»
فقال : من كان مثلي في حالة الجوع فإنه لا يبالي وقع على الموت او وقع الموت عليه، هذه أيام الفردية أو الانتقام الذاتي..
أما في عصرنا الحالي الذي تكفل فيه الدساتير والقوانين حقوق الجماعات، فلا مرد لسيول الله من الجماهير الجائعة، فقد خرج الشعب الفرنسي مطالباً بالحرية، ولما لم يجد الخبز، ناضل واستمات حتى أدرك «الخبز والحرية».
لقد أدرك الشعب الفرنسي ان على ارضه محتكرين وتجاراً كانوا ينعمون، ويتضور الشعب جوعاً، حتى ان الجماهير كانت تخرج المحتكرين وتلمس أياديهم ورقابهم فتقطع كل يد ناعمة..والحقيقة أننا في اليمن نشأت شركات من العدم على أرزاق الشعب ونمت أرباحها وتضاعفت أرصدتها على أنين البشر ومعاناة الناس، في ظل غياب الدولة او استغفال القانون، المتاجرة في كل شيء تحت عناوين مختلفة، كبناء المساجد والجمعيات الخيرية وتشجيع الشباب، وغيرها، فيعفون من الجمارك، ويمنحون امتيازات، وتبرمج لهم الصفقات وترسي عليهم العطاءات والمناقصات.. و.. و.. و.. الخ.. فكان الشعب يتغاضى، باعتبار انه يمر بفترات رخاء وكانت متطلبات المواطن واحتياجاتهم متوافرة..
ومع استمرار العدوان الغاشم وشدة الحصار الخانق، بدأت تتكشف أوراق وتظهر حقائق وتتجلى مواقف، تتمثل في حروب داخلية واستغلال الوضع ابتداءً من تسريب العملة والتلاعب بها، تلاها الآن احتكار الموارد الاساسية واخفاؤها وأحياناً توقيف التصنيع في بعض الشركات والمصانع الذي يعرفها الجميع جيداً وهناك من يرصد تحركاتها ونشاطها أولاً بأول، هناك تجار يتلاعبون بأقوات الناس واحتياجاتهم، ووصل الأمر حتى الى الأدوية، بخلفية عدائية، وتعاوناً مع العدوان، الذي يتخذ من سياسة الخنع والتجويع وسيلة، يعتقد الاغبياء أننا بمثل تلك المنغصات قد نخنع او نستسلم ونسلم لهم وطننا على طبق من ذهب..
بدأنا كإعلاميين وبعض القنوات الاعلامية الوطنية، ننبه الضمير الوطني من هؤلاء المنتفعين إذا كان لهؤلاء ضمير لعله يستيقظ؟! وأعتقد ان تنبيه الضمير لا يمكن ان يكون بديلاً عن القانون، لأن البراعة التجارية في بلادنا اسوأ براعة فالمحتكرون يعالجون المرض بالمرض، أي يلجأون أو يتكئون على الوجاهات والشخصيات النافذة، في التلاعب بالعملات، والإضرار بالاقتصاد الوطني، والتعذر بالعدوان وغيره..
والحقيقة أنه لابد من تطبيق القانون، لأن وطنية هؤلاء في جيوبهم ولن يوقف أطماعهم إلا تطبيق القانون، وتفعيل العقوبات، وسيطرة الحكومة على الضرورات اليومية والضرب بيد من حديد ضد كل من تسول له نفسه التربح والانتفاع على معاناة الناس ودماء الشهداء، ولأن القانون يعلّم الناس أنه ما دخل من باب الرذيلة خرج من باب العقاب.فتجار الحروب وتجار المجاعة والحلوق هؤلاء على حقارتهم أكبر الاخطار، وليس من الحكمة أن نعظهم ونذكّرهم بأنهم بشر فقط.. إنهم لا يملكون من البشرية إلا الشكل، فلا ينفع للقضاء على هذا الاستغلال إلا العنف وحده.. لماذا؟!! لأن بعض تجارنا مثل القبور تبلع ولا تدفع.. وكالرمل يمتص ولا يروي.. ولا يردهم عن إفسادهم إلا القانون النزيه.. ولأن الكلمة النيرة لاتؤثر إلا في الضمير الحي، ويعملان عملهما في القلب الإنساني، أما هذه الاوعية القذرة فلايؤثر فيهم إلا ما يتصل بأجسادهم، من تفعيل القانون وفتح السجون ومصادرة الاموال، وإذا لم تفعل حكومة الانقاذ ذلك- وهو منتظر ومعول- مالم فستقوم الجماهير المتضررة بواجبها كالعادة..وهنا لا يفوتني أن أدعو بعض الشركات العملاقة والمتخصصة في استيراد وانتاج الاساسيات، مثل القمح والدقيق والألبان والزيوت والسمون والحليب والأدوية وغيرها والتي تنتشر في ربوع الوطن اليمني الحبيب، الى ان تثبت وطنيتها، وتثبت أسعارها وتوفي مع هذا الشعب العظيم، وجماهير المستهلكين لمنتجاتها «زباينها» منذ أن نشأت وأن يمثلوا قدوة للوطنية.
فإن ثبتوا الاسعار، فذاك هو المطلوب، وهذه المواقف تحسب لهم، وان غيروا أسعار منتجاتهم فهم يثبتون من الجانب الآخر أنهم يدعمون العدوان.. يستوجب من أبناء الوطن الشرفاء والاجهزة الرقابية ان تقول كلمتها الفاصلة بشأنهم وأمثالهم… ذلك لأن الوطن ليس لعبة بيد هؤلاء التجار، وخاصة ان بعضهم يقبعون بفنادق العالم هم وعوائلهم، وأموالهم وأرصدتهم قد تم تحويلها الى بنوك العالم ومازالوا يمارسون استغلالهم للشعب اليمني.. وعليهم أن يتذكروا أننا أمام عدوان وأن اليمنيين قيادةً وجيشاً وشعباً قد أعلنوا الجهاد.
وأن الجهاد بالمال لا يقل شأناً وأجراً وكرامة وثواباً عن الجهاد بالنفس.. قال رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله: «من زوَّد مجاهداً فقد جاهد» فهل يدرك المخلصون ما تتطلبه المرحلة.. وهل يستفيق النائمون ويرحمون هذا الشعب المجاهد الصابر؟ نتمنى ذلك.
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 16-مايو-2024 الساعة: 12:27 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-49349.htm