السبت, 24-ديسمبر-2016
الميثاق نت -   محمد حسن شعب -
برز خطر الدولار النفطي منذ مطلع السبعينيات عندما قرر الملك فيصل آنذاك استخدام النفط كسلاح لمواجهة اسرائيل، بحيث ارتفع برميل النفط من سبعة دولارات الى ستة وثلاثين دولاراً وتصاعد الى ما فوق خمسين دولاراً، وتحولت السعودية -بحسب الكاتب المصري محمد حسنين هيكل- الى عرَّاب المنطقة مع بقية مشيخات النفط وتحولت مصر الى حنجرة سعودية خليجية، وتراجع تدريجياً دور بغداد ودمشق في سلم النظام الاقليمي العربي بما في ذلك الدور المحوري للجزائر.
وبرغم تنامي الكتلة السكانية لمصر العربية وشمال المغرب العربي واليمن والسودان والعراق وسوريا، إلاّ أنه لم يصاحبه نمو شامل للبنى الاقتصادية والاجتماعية والبنى التحتية بشكل عام إذ تراجع متوسط دخل الفرد وبالذات في اليمن والسودان ومصر الى أقل من خمسمائة دولار في العام، وبالتالي تحولت مشيخات الخليج الى متصرف أول بمقدرات الأمة العربية من تنميتها الاقتصادية والاجتماعية الى ارساء استقرارها أو زعزعته إنْ هي حاولت الخروج على الخطوط المرسومة لها من الرياض؟! وهنا تكمن خطورة الدور المحوري لمشيخات الخليج ودولارات النفط في مستقبل النظام العربي بما في ذلك النظام الاقليمي العربي ودور الجامعة العربية في ضبط إيقاعات الصراع العربي-العربي، والصراع العربي الصهيوني، وكذلك موقع الأمة من النظم الاقليمية الكبرى المحيطة بالوطن العربي مثل ايران وتركيا وباكستان، وطبيعة الصراع الدولي ومصالح الغرب من جهة وروسيا الاتحادية والصين من جهة أخرى التي لها مصالح محورية في الوطن العربي.إذ برز دور مشيخات النفط في تمزيق الأمة العربية على إثر اجتياح بغداد لإمارة الكويت في مطلع أغسطس 1990م المتزامن مع قيام الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990م، والتي سعت مشيخات النفط الى تمزيق اليمن بأي ثمن، وفشلت اثناء قيام الوحدة، ولكنها لم تمل، فسعت الى زرع الشقاق والصراع داخل القيادات التي أقامت الوحدة اليمنية..
ولكن مشيخات النفط نجحت في الانقضاض على نظام صدام حسين وتحولت الى ممول أول للولايات المتحدة وبريطانيا اللتين جيشتا قوات ومشاة بحرية لضرب القوات العراقية بذريعة اخراجها من الكويت حتى أجهزتا على أهم نظام اقليمي في المنظومة العربية عسكرياً واقتصادياً، وتوعدتا اليمن بتمزيقه الى ست يمنات بذريعة تأييد النظام اليمني لاحتلال العراق للكويت إذ قامت حرب ابريل-يوليو 1994م بين طرفي الوحدة اليمنية، فدخلت مشيخات الخليج بعشرات المليارات لتمويل حرب الغرب على العراق والحرب اليمنية-اليمنية، وبرغم انتصار الوحدة على مؤامرة الانفصال، إلاّ أن السعودية ومشيخات الخليج الأخرى سعت الى خلق فرص أخرى بغرض اقتناصها والإجهاز على ما بقي من نسيج الوحدة اليمنية، ومع ذلك سعت السعودية وبقية مشيخات النفط الى ضرب آخر مقدرات الأمة العربية بضرب العراق في مارس 2003م بذريعة أن النظام يشكل خطراً نووياً على اسرائيل والعالم، وأجهزت على النظام نهائياً، وسُلِم العراق لملالي قُم واذا بسعود الفيصل يتباكى على العراق أن أمريكا سلمته على طبق من ذهب لطهران، مع أن أذياله هم مَنْ موَّلوا نفقات الحرب على العراق بصورة كاملة ومباشرة.
وبنفس الهمة سعت الرياض وشركاؤها في مجلس تعاون الخليج الى تجنيد الإرهابيين من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الاسلامية لضرب سوريا -جيشاً وشعباً- وكذلك ضرب نظام معمر القذافي في ليبيا، ونظام مبارك في مصر، ونظام الجمهورية اليمنية، وبعقلية تآمرية استخباراتية حيكت المخططات ونسجت اكليشات للإجهاز وتدمير أهم نظم الوطن العربي وجيوشها تحت لافتة ثورات التغيير العربية، وتحولت المدن العربية الى مرتع للتنظيمات الإرهابية التي تمول بمرأى ومسمع من العالم أجمع من قبل دول الخليج العربي، وأثبتت أن هذه النظم خنجر في خاصرة الأمة العربية وليس أمامها -أي النظم- سوى المقاومة أو الاذعان للنظم التآمرية، وتحولت دولارات النفط من مقدرات يمكن بها تحديث بُنى الأمة العربية وتحسين مستويات معيشة أبنائها الى نفقات بمئات المليارات من الدولارات سنوياً، وتحول جيش مشيخات النفط الى أكبر منفق على السلاح في العام 2015م بحسب تقرير استوكهولم بعد الولايات المتحدة، وهو جيش لا يقدر على حماية شارع من شوارع الرياض!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 09:18 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48398.htm