الميثاق نت -

الإثنين, 05-ديسمبر-2016
سمير النمر -
من يبحث عن طبيعة الصراعات والحروب التي تحدث في مجتمعاتنا العربية خلال المرحلة الراهنة يجد ان هذه الصراعات تعد نتيجة طبيعية للتعصب الايديولوجي المذهبي الذي تمت زراعته وتأصيله في عقول الكثير من الشباب طوال الفترة الماضية خصوصاً في بلدنا اليمن بشكل طغى فيه هذا المنهج الشمولي المتطرف على الجامعات والمناهج الدراسية والخطاب الديني الذي غاب فيه العقل وحضرت العاطفة الدينية بشكلها المشوَّه.. وساعد على انتشار هذه الذهنية المال السعودي وانتشار الجهل المعرفي بحقيقة الدين وتهميش دور المؤسسات الفكرية والثقافية التي تؤصل للتفكير العلمي المنطقي المتحرر من التصورات السابقة التي تحجب العقل وتغيّب الحقيقة وتستغل العاطفة الدينية وتوجهها في مسارات عدمية جعلت من الدين اداة لغياب العقل وباروداً لتفجير الأواصر الانسانية والقيم الحقيقية التي تمثل جوهر الدين.. ولاشك ان هذه المدخلات المشوهة افرزت كيانات مفخخة انفجرت في المجتمع واستهدفت السلم الاجتماعي وأصبحت اداة بيد اعداء الوطن لتدمير وطنهم.. ولعل التحاق الآلاف من هؤلاء بمعسكر العدوان السعودي ضد بلدهم يمثل خلاصة لهذه المنهجية المشوهة والتفكير المنحرف الذي تم زرعه في اليمن اضافة الى غياب الاستراتيجية الفكرية ومناهج التفكير العلمي في مؤسساتنا المختلفة، ولذلك فنحن نخوض اليوم مع هؤلاء معركة عسكرية حتى وان انتصرنا عليهم في هذه المعركة فالحل العسكري ليس الحل النهائي بل اننا سنخوض آلاف المعارك العسكرية في المستقبل اذا لم نمتلك استراتيجية عقلية ومنهجية وعلمية نعمل على تأصيلها في مناهجنا وفي مؤسساتنا وفي خطابنا الديني المتحرر من الصيغ والعناوين الضيقة الذي يستند الي قيم الحقيقة ويؤصل للتفكير المنطقي واستخدام العقل، فالحقيقة لاتحتاج الى جلباب ترتديه لانها ليس لها سوءة، وعلينا ان نقدمها مجردة لان الكثير قد يرفض الحقيقة لمجرد أنها ترتدي ثوباً معيناً.. ولاشك ان قيادة المعركة الفكرية اصعب من قيادة المعركة العسكرية ولابد من وجود فرسان ماهرين يمتلكون اسلحة المنطق والتفكير السليم والأفق المعرفي الواسع، وما أكثر هؤلاء الفرسان في بلدنا، لكن هناك من يرفض قيادتهم للمعركة، ففرسان المعرفة هم القادرون على تقديم الحقيقة بوجهها الجميل وتأصيل منهج معرفي وعقلي للتفكير السليم يجعل الناس يستطيعون ان يصلوا للحقيقة لا ان نفرضها عليهم بشكلها الجاهز الذي نؤمن به، وهذا الامر كفيل بإنشاء جيل يؤمن بقيم المعرفة والسلام والقيم المشتركة التي تؤسس لمستقبل آمن خالٍ من التفخيخ، أما اذا ظللنا نواجه التطرف والتعصب بنفس الادوات التي انتجتها فسنظل في متوالية لانهائية من الصراعات التي تصبغ المستقبل بالدم ورائحة البارود والجثث المفخخة 0 أتمني ان يجد هذا الكلام عقولاً تحمل آفاقاً قادرة على استيعاب مضامينه وأبعاده في المستقبل وترجمته الى واقع عملي بما يحقق الغايات المثلى التي يتطلع اليها كل عاشق للحقيقة ومتعطش للنور ومحب للسلام.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 12:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-48131.htm