الميثاق نت -

الإثنين, 03-أكتوبر-2016
محمد علي عناش -
في أيام معدودة خسرت السعودية- أو بالأصح مملكة داعش الكبرى- 250مليون دولار كرشاوى من أجل إسقاط مشروع قانون العدالة الذي يسمح بمقاضاة وملاحقة رعاة الإرهاب أفراداً وجماعات ودولاً.
لم يُجِْدها نفعاً تمويل الحملة الانتخابية لمرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة الأمريكية "هيلاري كلينتون ولا أيضاً الكهانة السياسية للرئيس الأمريكي "باراك أوباما" الذي استخدم حق الفيتو الرئاسي لإسقاط القانون، لأن الكونجرس الأمريكي الذي أقر المشروع أسقط بالإجماع فيتو أوباما وفعل مثله مجلس النواب وبإجماع الجمهوريين والديمقراطيين.. لايوازي سفه وبلادة مملكة الإرهاب والكهانة الدينية لرجال الدين فيها، إلا الكهانة السياسية لأوباما طوال فترة رئاسته، والتي بلغت ذروتها باندفاعه لإسقاط وإبطال قانون العدالة "جاستا" أولاً بمحاولته الدؤوبة خلق اصطفاف ديمقراطي في مواجهة الجمهوريين وكأن الأمر مجرد دعاية انتخابية من قبل الجمهوريين، ثانياً بمحاولته خلق اصطفاف أمريكي لإسقاط القانون باعتبار أن إنفاذ القانون سيضر بالمصلحة الأمريكية العليا.. لماذا سقط فيتو اوباما؟.. لايهمنا لماذا تأخر القانون لمدة14سنة ولم يظهر الا في هذه الفترة، لأن ذلك راجع الى حسابات المصالح الأمريكية، وإن ما يهمنا أن القانون ظهر في النهاية وفي قضية إرهابية بامتياز.
الحقيقة أن فيتو أوباما سقط بالإجماع لأن هناك حالة ضجر واسعة في الداخل الأمريكي على المستوى المؤسسي والشعبي من الدبلوماسية الأمريكية التي تجاوزت سقف المعقولية ولم تعد تحكمها ضوابط أخلاقية وقانونية، وخاصة مع السعودية التي لها يد في كل مايحدث في منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات ، مثلما هي ضالعة ولها يد في دعم وانتشار التنظيمات الإرهابية وفي مقدمتها القاعدة وداعش.
الأحداث في ليبيا وسوريا واليمن أبرزت هذه المسألة بجلاء، فالسعودية والى جانبها قطر موَّلتا إسقاط القذافي وقتله عبر تحالف دولي برئاسة أمريكا، إلا انه بعد تدمير ليبيا وسقوط الدولة وتخُّلق الوضع الفوضوي بعد نظام القذافي، قدمت أمريكا اعتذارها للشعب الليبي لأنها تدخلت في إسقاط القذافي واعتبرت ذلك خطأً فادحاً ارتكبته السياسة الأمريكية .
أمريكا قبضت من السعودية وقطر ثمن السلاح الأمريكي الذي تدفق الى يد أكثر من 15فصيلاً إرهابياً في الداخل السوري وعلى رأسها جبهة النصرة وداعش والقاعدة، مثلما قبضت تركيا ثمن عبور السلاح وإقامة معسكرات على الحدود السورية للإرهابيين القادمين من جميع أنحاء العالم وتدريبهم ثم ترحيلهم للقتال في سوريا في صفوف التنظيمات الإرهابية لإسقاط نظام الأسد.
تجلت أكثر الصورة السيئة للدبلوماسية الأمريكية في دعم أمريكا للسعودية في عدوانها على اليمن حتى ان قرار العدوان تم اتخاذه من داخل البيت الأبيض.. أوساط امريكية سياسية وإعلامية اعترفت بأن الولايات المتحدة باعت للسعودية أسلحة حديثة واسلحة محرمة دولياً استخدمتها في حربها على اليمن.. الدبلوماسية الأمريكية التي ارتهنت للمال السعودي تجاوزت الحد المعقول والأخلاقي في بيع الأسلحة والصمت على جرائم السعودية في اليمن وبسلاح أمريكي، بالإضافة إلى الفضيحة اللاأخلاقية للأمم المتحدة التي أخرجت السعودية من القائمة السوداء بالدول والمنظمات المنتهكة لحقوق الإنسان، بعد ساعات من إقرار القائمة..
هذه الدبلوماسية أصبحت غير مقبولة وبالتالي لايجب أن نتعاطى مع قانون العدالة الذي أصبح نافذاً بأنه مجرد ابتزاز أمريكي للسعودية، في اعتقادي أن هناك توجهاً للتخلص من البقرة الحلوب وتاريخ دبلوماسي سيئ مع هذه البقرة الحلوب، في نفس الوقت مواجهة الأممية السعودية الداعشية التي أخذت تتوالد وتتناسل من رحم واحدة اسمها "الوهابية" ومنذ زمن طويل وتحت مرأى الولايات المتحدة التي تعاطت مع انتشار الوهابية المتطرفة بشكل انتهازي ونفعي حتى تجاوزت سقفها الأخلاقي واصبحت تشكل خطراً عالمياً بما يشبه الأممية من مركزها السعودية..
تشعر بقية الدول الخليجية بحجم الورطة التي وقعت فيها السعودية ولذا التزمت الصمت لإدراكها حساسية الموضوع إلا من التباكي والاستصراخ": هل من رجل أمريكي رشيد" للتدخل في إسقاط قضية متورطة فيها السعودية من رأسها الى قدمها، في حين نفشت ريشها على اليمن وشاركت في العدوان السعودي الذي يقتل أطفال اليمن ويدمر بلداً عربياً اسلامياً دونما سبب ولكن تحت ذرائع سخيفة وحقيرة، أحقرها الدفاع عن الدين والحرمين الشريفين.
هذه السخافات التي تسمى مجازاً دولاً، لماذا لم تناشد الرشد في السياسة السعودية وتحذرها مبكراً من مغبة اللعب والعزف على الورقة الدينية والمذهبية ونشرها للوهابية الحاضنة الفكرية للتنظيمات المتطرفة والإرهابية.
السعودية أصبحت بلا غطاء وعلى جميع المستويات كدولة تحكمها أسرة مغتصبة للثروة والسلطة ومستبدة برعاياها، وكدولة داعمة للإرهاب والتطرف والفوضى في العالم، هي في نظر الكثيرين أشبه بسجن كبير لأعرابي في الصحراء لاعتقال العقل والحريات والسلام والحضارة الكونية.
مثلما يتداول الناس في الشارع الأوروبي السعودية بأنها" بنك الإرهاب" وبأنها "الفرامة" في إشارة الى ضحايا الإرهاب والفوضى والنزاعات الذين سقطوا خلال خمس سنوات ويعدون بمئات الآلاف وراءها السعودية.
وبالتالي فإن السعودية أصبحت في قفص الاتهام بشكل كبير، ولايقتصر الأمر على أحداث 11 سبتمبر فالأمر اصبح متعلقاً بالإرهاب عابر القارات من مركزه الرئيسي السعودية التي تحتاج تكاتف العالم لتأهيلها وإصلاحها من الداخل على جميع المستويات..
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 16-يونيو-2024 الساعة: 07:47 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-47412.htm