الميثاق نت -

الإثنين, 28-ديسمبر-2015
ناصر محمد العطار -
< تشهد جميع مجالات الحياة تغيرات متسارعة ومضطردة وباتجاهين متضادين الأول مع عقارب الساعة وبالموجب يسجل ابتكارات وانتاجاً حتى صنف بالعالم الأول والمتحضر، يليه العالم الثاني والنامي والذي يسابق الزمن للحاق به، رغم عدم التجانس والاختلاف بين مكوناتهما من الأمم والشعوب على مستوى كل واحدة منها أو فيما بينها..
نبدأ من الجغرافيا والديمغرافيا والسلالات البشرية والقبائل في المجالات (ديانة، ومعرفة، لغة) الحياة السياسية والاقتصادية، فالبعض يأخذ بالحرية التعددية المطلقة والنظام الرأسمالي والبعض أخذ بالاشتراكية الكاملة، والبعض أخذ بالمختلط .. إلاّ أن الجميع وصلوا الى نقطة واحدة.
أما الاتجاه الثاني فهو الذي يسير ضد عقارب الساعة وبالسالب ليسجل تراجعاً وتدهوراً مخيفاً (صراعات، حروب، فتن، جوع، جهل، مرض، فقر، تشرد.. الخ).
وما يؤسف له أن أغلب من يسلكون هذا الاتجاه هم من الأمة الأمة العربية والاسلامية، ومخطئ من يعتبر أن لا دخل للإنسان في صنع هذه التعثرات مهما كانت حجته، رغم أن الاسلام دين للرحمة والتلاحم والتسامح والإنتاج والابتكار والتوحد والمكاسب، فهذه قيمة ومن أهدافه.
إن الشتات والتمزق هو من نصيب من لا يؤمن به.. قال تعالى: «وتحسبهم جميعاً وقلوبهم شتى» صدق الله العظيم، وللوصول الى الأسباب الحقيقية لما آل اليه الحال نطرح أمامكم مقارنة بين الشعب الصيني والأمة العربية، فالصين عاشت مجاعة منتصف القرن المنصرم فيقال إن (60%) منهم ماتوا جوعاً، ومازال هذا الرعب حاضراً في حياتهم، فهم يتبادلون التحايا بالقول: «شبعت.. هل تغديت.. هل اصطبحت.. الخ...»، ولا مقارنة في الجغرافيا فهي تقع في أقصى الشرق وما يتعلق بالديمغرافيا فالصين تشكل سدس سكان العالم.. يقابل ذلك تعدد في الديانة والمعتقد، فالغالبية يدين للطبيعة، خلافاً عن وجود أكثر من (55) قومية و(55) لغة، وأكثر من نصف مليون حرف.. ونظام اشتراكي كامل وممزوج.. الخ ، ومع ذلك وصل وسلك طرق النجاح وأصبحت المنتجات الصينية تملأ الأرض حتى الغذاء والفواكه.. الخ..
أما الأمة العربية وبالرغم من توافر كافة الميزات والمقومات لنجاحها أفضل من غيرها لكنها عكس ذلك تماماً.
وهاكم حال الأمة العربية فالجغرافيا لصالحها، فهي في منتصف الأرض وتقع في باطنها كنوز الأرض من الثروات المعدنية والطبيعية والممرات والمضائق المائية.. الخ، وقبل ذلك وحدتها الشاملة (ديانة، لغة، مصير، ثقافة، هوية.. الخ).
وكانت قد وصلت الى العنان في الاختراعات والطب والجغرافيا وشتى صنوف العلم والمعرفة.. الخ، وتمكنت من استخراج النفط في بداية القرن المنصرم، والتوازن بين السكان والمساحات الخ..
ومع ذلك - دمار وحروب، وفتن، وهوان، وخضوع للاستعمار، وجهل وجوع، وقهر، ومرض، وتشريد الملايين، وديون، والقادم يبعث على الرعب والخوف..
إذاً الفرق في الاحترام والاهتمام بالإنسان وبث ثقافة الاستعلاء بين المواطنين، وتحت أي مسمى «طائفي، سلالي، جهوي، مناطقي»، وبالدرجة الأساسية لذا يجب الاهتمام بالاطفال وعدم جرهم الى أي نشاط الا ما هو علمي وإنتاجي وبمناهج موحدة وكذلك تجنيب النظام السياسي والاقتصادي وغيره من هيمنة الديانة والمذهب أو غيرها.. وعدم انفاق لمصالح خاصة الوظيفة العامة والموظفون العمومين والذين يقومون بالاعمال التي تندرج ضمن مهام الدولة بجميع سلطاتها ومن أعلى منصب، وحتى آخر منصب، بما فيها الجيش والأمن، وكذلك ما في حكمها، فيجب أن تكون متصلة بالمصالح العامة جاء في ذلك «الأحزاب، منظمات المجتمع المدني، الأندية الثقافية والرياضية، الخطابة وإدارة دور العبادة وغيرها، وحتى محرري الوثائق الرسمية وأمناء التوثيق وعقال القرى والحارات والسلطات المحلية فتعتبر وظيفة عامة وكل من يعمل منها يجب أن يخضع لمبدأ الثواب والعقاب».
الشيء الآخر يجب التخلص من ثقافة التعالي والتمييز تحت جميع المسميات فهي جزء من المشكلة ومتعمقة بشكل مخيف على مستوى أفراد الأسرة الواحدة، فالمرأة تحرم، وابن الريف يحرم، وابن الفقير يحرم، والصفوة والمراتب الأولى للوساطة والوجاهة.. الخ.. وهكذا تحذو الاجيال فكراً وسلوكاً نفس هذا السلوك المشوه وتظل تدور في دائر الاحتراب، والنظام السياسي والاقتصادي أصبح يخضع للأمزجة والتفرد بالدين وغير ذلك، ومن صعد الى الحكم دمر كل شيء مما بناه سابقه، وسخر الامكانات لصالح أتباعه.. المال العام الذي أصبح ينفق بغير ما هو مخصص ووصل الأمر الى نهب اشخاص للجبال والتباب والشواطئ، والوديان.
وبسبب هذه السلوكيات شهدت الحياة دماراً ويتعرض الانسان للبؤس والشقاء.. الخ.. فهل آن الأوان ومن قبل المتحاورين أولاً والمعنيين بالشأن اليمني أن يتجردوا من ولاءاتهم وأحقادهم ووضع المصلحة والشأن اليمني على طاولة الحوار وايجاد مخارج حقيقية للأزمة ونسيان التفرد بالشرعية أو الحكم بالأمر الواقع والاستفادة من تجربة الصين.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 18-مايو-2024 الساعة: 10:50 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-44660.htm