الميثاق نت -

الخميس, 07-أغسطس-2014
احمد مهدي سالم -
< العيد أهزوجة حبٍّ، ترنيمةُ عشق، وانطلاقة حبور وإشعاع فرح ينير ظلمات جدران النفس، وكسر محبب للاعتياد اليومي، وابتعاد ملطّف عن المألوف الممل، والتفات مشفق وحنون الى الأطفال.. فلذات الأكباد. العيد.. سرقة مشروعة للحظات سعادة وارتياح، وقبضٌ قهري على قبسات مرح.. من الزمن الظالم القاهر.. في غفلة منه.. لتشحن به بطارية نشاطك، وطاقة تجددك.. حتى تعاود الزحف المتقدم الواثق.. الى حيث تمد يدك، وتنتهي أحلامك، وليس.. بالضرورة.. أن تحققها كلّها، يكفي أن تقبض على بعض منها.. فتشعر بشيء من النشوة، وترنو الى الفضاء ساخراً.. هازئاً بالسحب والأعاصير والأنواء.. كما فعل أبو القاسم الشابي ذات مرة، وهو يعاني آلام القلب في رائعته التي يقول في أولها: سأعيش رغم الداء والأعداء كالنسر فوق القمة الشماء أرنو الى الشمس المضيئة هازئاً بالسحب والأمطار والأنواء ومادام ذكرنا النسر.. ذهنك أكيد ذاهب الى صاحبنا المرحوم علي السمة في أغنية معروفة من كلمات مطهر الارياني: فوق الجبل.. حيث وكر النسر.. فوق الجبل واقف بطل.. محتزم للنصر.. واقف بطل صحيح أن الحياة.. صعيبة، والعيد جاء.. في ظروف كسيحة، وأوضاع أليمة، في الأغلب الأعمِّ، لكن ماذا سيعود عليك من التشكي والتبكّي؟.. ربما آلاف أو ملايين لم يتمكنوا من كساء أولادهم، أو توفير اللحمة، والصدمة.. بنواقص.. في رمضان ومتطلبات العيد، وما بعد العيد.. لكنّ العيد.. عيد العافية، ولا تسمح بتسلل اليأس الى دواخل نفسك.. انظر الى حال الأهالي في غزة ونسائها وأطفالها وكهولها.. الذين لم يمر عليهم العيد، والسماء تمطر عليها - في كل ساعة صواريخ قاتلة.. شهداء بالمئات والآلاف، وجرحى أكثر وبيوت ومنشآت مهدمة، وكهرباء مقطوعة، ادعُ لهم، وقل: الحمد لله، وستعود مصرّاً على رأيك، وتقول لي: بلا مزايدة، العيد عذاب، فأردُّ عليك بصوت القمندان: «المحبة عذاب.. من صابه الله.. با يصاب وأنت ليه يا زين.. بالتغلاّب» أتخيلك متشائماً.. متضايقاً من الشوك الخفيف الذي وخزك عندما لمست الوردة غير أنك نسيت جمالها الفاتن ونداها الرقراق، ورائحتها الزكية، وتراقصها المحبب مع النسيم العليل، وأراك تحيّرني وتقهرني كمداً.. مثل صاحب الشاعر الشهير ايليا أبوماضي الذي طالما أرهقه بكثرة تشاؤمه وملله، وتبرمه في حين أن الجمال أمامه، وتحت قدميه، وتحضرني مقولة لمفكر غربي.. مفادها أن الفرق بين المتشائم والمتفائل أن الأول: يرى ضوءاً في النفق ولا يصدّق أو لا يقتنع بوجوده؛ فلا يتحرك.. باتجاهه، والثاني: عكسه تماماً.. يمشي في ظلمة النفق ويتخيل أن هناك ضوءاً موجوداً مع أنه لا وجود حقيقي له، ولكنه يثق بحتمية ظهوره، بين لحظة وأخرى، ويا صاحبي المتبرّم المتضايق.. أعطيك وصفة علاجية بدون روشتة ورقة، ولا حبوب أو سائل حقن، ولا قارح ولا دخان.. اقعدْ.. في لحظة صفوٍِ وهدوءٍ.. واستمع الى كلمات عبّاس المطاع، ولحن وغناء الرائع القدير علي الآنسي وأوردْ لك معظمها: اضحك على الأيام وابردْ من الأوهام واسبح مع الأنغام وافرح بهذا العيد آنستنا يا عيد سلّم على أحبابك وأهلك وأصحابك وقل لمن عادك مبروك عليك العيد آنستنا يا عيد سلام.. سلام يا اصحاب يا أهل يا أنساب قدكم جميع أحباب نبدأ بهذا العيد آنستنا يا عيد مش وقت قالت قال ودحش عال العال وما يهم البال خلّيه لبعد العيد آنستنا يا عيد عدوّك اضحك له وإنْ كان عديم دلّه ومن حنق قل له مش وقت يا اخي عيد آنستنا يا عيد أصل الزمان معهد الكل فيه أبجد ومن قرأ..أزيد يحصّل شهادة عيد آنستنا يا عيد الضحكة الحلوه توحد الاخوه وتدّي النشوه طعم جديد للعيد آنستنا يا عيد احذر من التوبيخ حتى ولو تلميح وللخطأ تصحيح أسير بعد العيد آنستنا يا عيد وأزكى صلاة الله على رسول الله صلى عليه الله دائم مدى الأزمان آنستنا يا عيد ما أروع الفرح، وهو يزاحم كوابح الضيق والاكتئاب والتشاؤم.. ليشق وثاباً طريقه.. نحو قلوب الصغار، وزغاريدهم اللطيفة وشقاوتهم البريئة عندها تسعد وتأمل من اليوم أن يتبعه غد.. يتحقق فيه الغرض والمقصد.. الأمل.. لنعض بالنواجذ.. على رسالة الأمل، والاجتهاد، والمولى لن يخيب ظنون وآمال عباده.. ولا تحرم نفسك ولو بشيء محدود من فرحة العيد.. آخر الكلام : والإثم داءٌ ليس يرجى برؤه والبر برءٌ ليس فيه معطبُ والصِّدقُ يألفُهُ اللبيبُ المُرْتَجى والكذبُ يألفُهُ الدَّنيُّ الأَخيبُ - طرفة بن العبد-
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 17-مايو-2024 الساعة: 08:12 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-39733.htm