الإثنين, 05-مايو-2014
الميثاق نت -  عبدالفتاح علي البنوس -

< حلّت علينا قبل أيام الذكرى الثالثة لجريمة جامع النهدين التي وقعت قبل ما يقرب من ثلاثة أعوام كواحدة من أبشع الجرائم التي شهدها الوطن في تاريخه الحديث، تلكم الجريمة الوحشية التي استهدفت كبار رموز الدولة ومجاميع من الجنود داخل بيت من بيوت الله وهم في لحظات تواصل إيمانية مع الخالق عز وجل، يتقربون إليه بالطاعات، آمنيون بأمان الله قبل أن تباغتهم أيادي الغدر والخيانة والإجرام، فلم يكونوا على علم بأنّ هناك أناساً نزع الله من قلوبهم الإيمان والخوف والخشية من الرحمن، أناساً تجردوا من كل القيم والأخلاق الآدمية وباعوا أنفسهم للشيطان من أجل ازهاق الأرواح وسفك الدماء، فأغضبوا الله ورسوله من أجل الوصول الى السلطة والاستحواذ عليها من خلال الاعتداء على بيت من بيوت الله في أول جمعة من رجب الحرام، الجمعة التي يحتفل فيها أبناء اليمن بذكرى دخولهم الاسلام واستجابتهم الطوعية لرسالة سيد الأنام عليه وآله أفضل الصلاة والسلام والتي تمثل بالنسبة لهم عيداً يحتفلون به كل عام، ولكن قوى الإجرام أبت إلا تعكير هذه الأجواء الفرائحية من خلال تلكم الجريمة جرحت عظمة اليوم الذي دخل فيه أبناء اليمن في دين الله أفواجاً.
جريمة نكراء لم تخطر على بال أحد وخصوصاً ونحن نعيش في بلاد الإيمان والحكمة ونعرف حرمة بيوت الله ومكانتها وقدسيتها، ولكن قوى الغدر والإجرام والخيانة وخفافيش الظلام قفزوا على كل ذلك وعمدوا الى الوصول للسلطة عن طريق تفجير المساجد وقتل المصلين في سابقة نافسوا من خلالها جنود الاحتلال الصهيوني وأظهروا للعالم أجمع بأنهم عبارة عن مجاميع من الوحوش المفترسة التي تحاول التدثر والتخفي بعباءة الدين مدّعية الصلاح والطهر والنقاء والنضال والثورية وهم من كل ما ذُكر أبعد، فأي دين هذا الذي يمنحك الحق في إزهاق روح امرئ مسلم واحد يشهد لله بالوحدانية ولرسوله بالنبوة، فكيف بمن يستهدفون مئات المسلمين وهم يؤدون الصلاة داخل بيت من بيوت الله وفي ضيافته، بعد أن تجمعوا تلبيةً لنداء الخالق عز وجل وابتغاء الأجر والمثوبة والقبول بين يديه.
أي حقد تغلغل في قلوب أولئك القتلة، وأي فجور في الخصومة هذا الذي يدفعهم الى ارتكاب هذا الجرم الخطير الذي جعلهم يستحقون غضب الله ورسوله؟! إلى هذه الدرجة يعشقون السلطة ويرمون بأنفسهم في قعر جهنم من أجلها.
لقد سلب الله منهم البصيرة، فأعمت أعينهم السلطة وصارت عندهم الغاية تبرر الوسيلة حتى ولو كانت من خلال التعدي على حرمات الله واستحقاق غضبه وسخطه ومقته، ومهما بلغت مستويات الخصومة مع النظام السابق، فإن ذلك لا يبرر لهم فعلتهم الشنيعة التي ستظل لعنات الأجيال المتعاقبة تلاحقهم فرداً فرداً، كل من خطط ودعم وأشرف ونفذ ورحب واحتفل وابتهج وذبح الذبائح ستطاردهم لعنات السواد الأعظم من أبناء الشعب، وستقض مضاجعهم أرواح الشهداء الأبرار الذين ارتفعت أرواحهم الطاهرة الى بارئها وهم في دار من دياره وفي ضيافته، ستلاحقهم أرواح الشهداء عبدالعزيز عبدالغني وأحمد الظنين وعبدالله المحمدي ومحمد الخطيب وعلي القاسمي وعبدالحكيم غلاب ومحمد الفسيل ونبيل المشرقي وعادل طامش وصالح الراشدي وعبدالملك اسكندر.
وستطاردهم الأجيال المتعاقبة لكونهم أقدموا على اقتراف جريمة ما سبقهم اليها أحد.
أفسدوا علينا روحانية ومكانة «عيد جمعة رجب» وحولوا هذا العيد الى مأساة مؤلمة لأسر الشهداء الذين سقطوا ضحية لإجرامهم ودمويتهم ووحشيتهم، لقد أرادوا خلال تلكم الجريمة اغتيال الشعب وتدمير الوطن من خلال التداعيات وردود الأفعال التي كانت ستتخذ للرد على تلكم الجريمة لولا عناية الله ومن ثم حكمة وعقلانية الزعيم علي عبدالله صالح الذي سارع الى نزع فتيل الفتنة ووجه وهو في حالة صحية حرجة بعدم الرد، ليخرج البلاد من حالة حرجة توقع البعض بأن تكون بداية لحالة غير مسبوقة من العنف والفوضى، نقول ذلك من باب الإنصاف وطرح الحقائق بتجرد دونما مجاملة أو تزلف أو نفاق سياسي، نقول ذلك والتاريخ كفيل بإنصاف الجميع ولن يكون هناك من مجال للمزايدة وقلب الحقائق على الإطلاق.
ثلاثة أعوام على جريمة النهدين وحتى اللحظة لايزال المتورطون فيها بعيداً عن المساءلة.. ثلاثة أعوام ولايزال القتلة يسرحون ويمرحون، ثلاثة أعوام ولاتزال العدالة غائبة، ثلاثة أعوام على الجريمة المؤامرة أطلق خلالها سراح بعض المتهمين بالتورط فيها بدعوى أنهم من شباب الثورة المزعومة، بعد أن اعتصم وزراء في حكومة الوفاق أمام مكتب النائب العام والسجن المركزي للمطالبة بالإفراج عنهم، ثلاثة أعوام والقضاء يماطل في إجراءات التقاضي نزولاً عند رغبة القوى النافذة الضالعة في ارتكاب تلكم الجريمة، ثلاثة أعوام أظهرت للشعب اليمني خساسة ووساخة وابتذال وحقارة من تطاولوا على المقدسات وانتهكوا الحرمات من أجل الوصول الى «الكرسي» وتصفية حسابات سياسية وشخصية رخيصة ووضيعة.
قبل جريمة النهدين لم أسمع عن استهداف المصلين داخل بيت من بيوت الله حتى في أوساط تلكم القبائل الغارقة في مستنقع الثأرات والصراعات والحروب القبلية، فالمساجد عندهم مقدسة ولها حرمتها، بخلاف ما عليه «خوارج العصر» فليس عندهم تقديس ولا حرمة لأي شيء غير مصالحهم والتي من أجلها هم على استعداد لاستعداء كافة اليمنيين وتجريعهم صنوف العذاب والإذلال وصولاً الى تصفيتهم إن تطلّب الأمر ذلك مادام يخدم مصالحهم.
ونحن إذ نجدد إدانتنا لجريمة جامع النهدين فإننا ندين كافة الجرائم التي تستهدف بيوت الله والمقدسات في كل أرجاء المعمورة على اعتبار أن مثل هذه الجرائم تسيئ الى الانسانية والآدمية وكافة الشرائع والديانات السماوية ونؤكد هنا على أن مرتكبي جريمة النهدين هم إلى الإسلام أبعد ولا صلة لهم ولأمثالهم به، وستكون نهايتهم مخزية ومذلة وسيفضحهم الله وستكون فضيحتهم «بجلاجل» في الدنيا والآخرة.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 20-مايو-2024 الساعة: 04:01 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-38303.htm