الميثاق نت: - < أصدر مركز الإسلام والديمقراطية بواشنطن كتاباً باللغتين العربية والانكليزية حول الندوات التي عقدت في كل من المغرب والقاهرة وصنعاء في اكتوبر 2002م أهدى المركز الكتاب الى روح الشهيد جار الله عمر حيث جاء الإهداء..
إلا أن الكتاب لم يتضمن مجمل أعمال تلك الندوات وإنما توصياتها، وقد كان الاستاذ الشهيد جار الله عمر أبرز المشاركين في ندوة صنعاء التي كانت آخر اسهاماته الفكرية التي نورد نصوصاً من مداخلاته المسجلة لدى المعهد اليمني لتنمية الديمقراطية والتي نعتذر للشهيد وللقارئ عن رداءة التسجيل في بعض المناطق من حديثه وهي قليلةوقد اسقطناها على مضض حتى لا تسيء اليه دون أن نخل بالسياق العام للمداخلة أو نربكها بتقطعات تخل بوحدة نسق تفكير جار الله عمر رحمه الله.. الذي كان بطبيعته في المشاركة شفهية وتتسم بالابتكار اللفظي مع وضوح الرؤية للمسائل التي يعالجها بمهارة وحكمة تفرد بها.. علماً بأن هذه المداخلة تنشر لأول مرة..
< أنا فعلاً أتصور داخل إطار الثقافة العربية الاسلامية أننا سوف نصل الى نوع من أنواع الديمقراطية الموجودة في العالم ككل حالياً، وربما أن جسماً مهماً وربما الجسم المهم في الحركة الاسلامية المعاصرة يتجه في إحدى المسارات التي اتجهت اليه أو مضت فيه الديمقراطية المسيحية في أوروبا.. طبعاً لا يصل الموضوع الى حد التشابه الحرفي «هذا يستفز البعض» ولكن من حيث المضمون.
المهم كيف يمكن الحفاظ على جوهر الاسلام وفي نفس الوقت يؤخذ بالنهج الديمقراطي المعاصر لحل مشكلة الحكم مع الاحتفاظ بوجوهر الفكر الاسلامي، يعني «التسوية» حتى يكون هناك معنى لهذا الحوار الذي نجريه اليوم وفي الحوارات التالية أنا اعتقد أنه لابد أن نلقي نظرة على المشهد العام حالياً في العالم العربي والاسلامي.
أولآً: ان جميع التقارير الدولية قد أظهرت ان العالم العربي والاسلامي متخلف عن العالم بشكل عام بل متخلف عن المتخلفين، طبعاً نحن في أسفل القائمة القضية الآن كيف نعود الى العالم الثالث.
نحن متأخرون في القضايا الرئيسية الأربع:
- قضية الديمقراطية نحن متأخرون فيها عن افريقيا.
- قضية التنمية البشرية والتي وصلت الى درجة التقوقع.
- التنمية الاقتصادية والاجتماعية وصلت ايضاً الى درجة التقوقع.
- ولم يعد لدينا شيء.. فموضوع المعرفة والتدريب ليس لنا علاقة به، كما أننا نحن متأخرون في قضية المرأة ايضاً وهي عبارة عن مواقف فقط.
- ثانياً: كل محاولات الإصلاح في التاريخ العربي الاسلامي وفي الوقت الراهن ابتداء من عصر النهضة.. جمال الدين الافغاني ومحمد عبده وانتهاء بالمحاولة الاخيرة في طرح عملية الديمقراطية المعاصرة حيث فشلت الديمقراطية الراهنة ووصلنا الى حالة استقرار.. المعارض معارض والحاكم حاكم الى الابد وتحولت الديمقراطية الى ظاهرة كلية أصبحت تخاطب الخارج ولا تخاطب الداخل ولا تحل مشكلات كأنها موجهة فقط لغرض التفاهم مع صندوق النقد الدولي ومع الغرب ليس الا دون أن تكون معنية بالمشاكل السياسية في الداخل.
نستخلص أولاً من هذا كله أننا نعيش أزمة وهذه الأزمة تحتاج الى حل وتحتاج إلى نقاش وتحتاج الى حوار ونحتاج الى برنامج يتحول الى برنامج عمل بين مختلف القوى السياسية والاسلامية.
لا استطيع أن أقارن بين الاسلام والديمقراطية.. أنا أتحدث عن الثقافة العربية الاسلامية.. تاريخ الفكر العربي الاسلامي أما الاسلام كعقيدة فهو يعني مصلحة الناس.. تطورهم، وجميع الديانات السماوية في الواقع كانت تتفق مع مصالح الناس وتستحدث هذه المصلحة من قبلها.. إذاً ما نراه هو أنها تخلو في التجارب السياسية وفي القراءات المختلفة للفكر الاسلامي ويتم توظيفها لتغطية الاستبداد السياسي، الاسلامي كديانة عالمية أصبح موجوداً في الدنيا ولا نستغرب أنه الديانة الثانية في روسيا وفرنسا والهند والولايات المتحدة الامريكية ولكننا مع ذلك - بطريقة أو بأخرى - نرى اشتباكاً فكرياً وعنيفاً أو فكرياً ومسلحاً مع كل الأمم.. اشتباكه مع كل أمم الأرض التي نريد أن يصبح الاسلام فيها بعنفه.. نحن نحتاج الى شجاعة في الاجتهاد ونحتاج الى إعادة قراءة للنص ونحتاج فعلاً من الصحوة الاسلامية أن تعيد النظر في الكثير من الثوابت والمسلمات التي تتعلق بذات الشأن العام، بقضية المعاملات كالقضايا السياسية بشكل أساسي وأنا أرى بوادر فعلاً جميلة هنا، كما أن هناك اساسيات للتغيير في الفكر وفي قضايا فكرية اسلامية جديدة تؤكد فعلاً التحاقنا بهذا العصر ومواصلة التطور:
أولاً: الكلام عن حرية التعبير - حرية الاعتقاد.
يعني كيف يمكن أن نسمح بالتعدد الديني والتعدد المذهبي في ديار الاسلام وليس في ديار الآخرين؟ السؤال ليس موجهاً لأحد هنا.. هل نستطيع أن نقبل التعدد الفكري والتعدد الديني والتعدد المذهبي؟ إذا جاءنا مسلم يريد أن ينتمي الى المسيحية هل نسمح له؟: هل نستنكره؟ هل نعتبر ذلك ارتداداً عن الاسلام؟ إنه مجرد سؤال للمناقشة لأننا إذا نظرنا قليلاً يمكن أن نجد صعوبة وعلينا أن نواجه مثل هذه المشاكل في اليمن مذهب ديني واحد.. وحيد، وأعتقد أنه أحدث ضرراً كبيراً في تطور الفكر السياسي في اليمن، لأنه يؤسس ثقافياً بواحدية الفكر السياسي، بواحدية الحزب ويكون عندناحاكم واحد، حزب واحد.
موضوع التشريع:
- الاجتهاد كان مشكلة المذاهب الأربعة وهو الذي أدى هذا الجفاف في حياتنا.
- نقول الآن ينبغي أن نجتهد.. ولكننا نضيف لا اجتهاد مع النص، تفسيرات الخطاب الديني صارت ضمن المقدس، عمر بن الخطاب جمد النص في قضايا كثيرة،في القرن السابع الهجري كانت هناك محاولة من قبل نجم الدين الصوفي صديق ابن حنبل كان يقول:
عندما يتعارض النص مع مصلحة الامة سنأخذ بمصلحة الأمة ونشرع باعتبار أنه لا ضرر ولا ضرار.. ومصلحة الأمة تقضي هذا وهو فقيه شهير وله 45 مؤلفاً في التفسير والحديث، ولكن هل نستطيع فعلاً أن نجتهد عندما تقتضي مصلحة الامة الاسلامية كلها ونبحث عن تأويل مناسب للنص أو لا نستطيع إذا لم نستطع فتلك إشكالية ستظل قائمة، لأن الفهم البشري للنص القرآني محدود.
العلمانية:
هو فهم سائد ليس لدى كل المواطنين في الفكر الاسلامي، بعضهم يفهم الامر بالشكل المختلف، العلمانية هي الجسر الذي عبرت عليه الدعوة الاسلامية الى أمصار أوروبا، بدون العلمانية ما كان يمكن أن يسمح للدين الاسلامي أن يكون موجوداً في الغرب، لأن الدولة هناك لم تكن دولةمسيحية بالمعنى الرسمي، الفكر المسيحي سائد وموجود لكنه ليس دين الدولة الرسمي ولذلك العلمانية هي التي سمحت أن يدعى للإسلام هناك وتبنى المساجد لمعتنقيه، هل نستطيع أن نناقش موقفنا من العلمانية مناقشة عقلانية؟ الدولةهناك لا تقف ضد الدين إذاً المسألة كيف نحرر الدين من الدولة هنا لأن الدولة الاسلامية على مدى التاريخ أساءت للدين واستخدمته بطريقة غلط مثل الكنيسة تماماً، الكنيسة هناك في أوروبا مثل الدولة عندنا، استخدمت الدين في كبت الحريات، في منع التطور، استخدمته في منع التعدد الفكري، عاقبت الناس دينياً بينما المشكلة كانت سياسية في كثير من الحالات ابتداءً من أيام المعتزلة وابن حنبل وحتى الآن المشكلة هي ان الدولة استخدمت الدين بطريقة خطأ ولم تنتصر لقيمها الحقيقية.. هذه هي الاشكالية نستطيع في الختام أن نقول إننا نحتاج الى إصلاح ديني ولكن هذا الاصلاح لا يجب أن تقوم به وكالة مخابرات أو أئمة مساجد علينا أن ننظر للدين على أنه حضارة، ثقافة، عدالة، تغيير وتطور وتقدم لأنه جاء لخير الانسان.. يجب أن نعرف أن حركات الاسلامي السياسي الحالية ليست موحدة يجب أن نفهم هذا، هناك الاسلام السياسي الرسمي منذ أيام بني أمية وحتى الآن.. إسلام مسلح، وهناك حركات الاسلام جديدة متنورة بدأت بجمال الدين الافغاني، ورشيد رضا وأخذت حركات جديدة تتطور وتتحول بنفس هذا الاتجاه ولكن هناك شروط معينة داخلية وخارجية ضرورية لها:
الداخلية: أهمها هو أن يسمح لهذا النوع من التيارات المتطورة ان تمارس نشاطها بشكل حر وديمقراطي ولا تضاف اليها الحركات السلفية.. إن الحكومات العربية تحاول أن تستعين بالتيار السلفي في مواجهة الاسلام السياسي الذي يتطور، لأن السلفية تدعو الى الطاعة المطلقة ولا تميل الى إدانة الحكم.. هذه من الأشياء التي أراها مهمة إذا لم يسمح لهذا التيار بأن يتطور وإذا لم تتطور الديمقراطية في العالم العربي ويكون للانتخابات معنى في حياة الناس ولحرية الصحافة وتعدد الاحزاب فإن ما سيحصل ان هذه الحركة ومجمل العمل السياسي سوف يخفت والمجتمع العربي والثقافة العربية سوف يعملان لإعادة إنتاج الثقافة الدينية.
الشرط الخارجي: هو موضوع العلاقة مع الغرب وسياسة الغرب في الشرق الاوسط وبالذات الولايات المتحدة الامريكية.. السياسة تجاه القضية الفلسطينية تجاه أنظمة الاستبداد في العالم العربي وتجاه الديمقراطية.
٭ هذه المادة القيمة سبق أن نشرتها صحيفة «الميثاق» في تاريخ 9 مايو 2005م.. ونظراً لأهميتها وحيوية محتواها.. نعيد نشرها..
|