الإثنين, 22-أكتوبر-2012
الميثاق نت -   فيصل الصوفي -
جرت عادتنا السيئة أن العلماء والخبراء والمختصين والموظفين الكبار الجالسين في مكاتبهم هم العالمون وأصحاب الأفكار والأكثر درايةً بشعاب مكة، وأن الناس «عوام «تابعون.. مرةً اقترح «خبراء» فتح مراكز محو أمية ومراكز تدريب على الحياكة والتطريز في حي بالعاصمة يسكنه دبلوماسيون وأثرياء، فأُهدرت إمكانات مادية ومالية كثيرة سدى، لأنهم وضعوا المشروع في بيئة لا تحتاج إليه.. حتى الخبراء ليسوا خبراء عندما يفكرون نيابةً عن الناس ويحددون احتياجاتهم بدلاً عنهم.
القرارات التي تهم المواطنين تعد من قبل اختصاصيين في الحكومة ومجلسي النواب والشورى والأحزاب والتجار والإدارات الأدنى، دون مشاركة الناس أو أخذ أرائهم حولها، ولذلك هي غالباً قرارات خاطئة، وتُسبك احياناً لمصلحة الذين يدبجونها، وكثيراً ما نجد مشرعين يشرعون قوانين من أجل أنفسهم، ومسؤولين في التخطيط الحضري يخططون بما يخدمهم أو يخدم ذوي نفوذ وملاك عقارات، ولكن تحت غطاء «مصلحة المواطنين» ومن أجل المدينة.
الصحفيون يتحدثون عن قضايا الناس كما يزعمون، بينما عند مناقشتها يتجهون مباشرة إلى مكاتب» الموظفين- الخبراء « باعتبارهم متخصصين وخبراء في تلك القضايا يتحدثون فيها نيابة عن الناس ويشكون منها نيابة عن الناس ويقترحون حلولاً لها نيابة عن الناس.
برلمانيون يزعمون أنهم منشغلون بالتواصل مع جهات حكومية للاهتمام بقضايا الناس، بينما لا ينزلون إلى الناس لمعرفة قضاياهم واحتياجاتهم لعرضها على الحكومة، هذا لو كان تواصلهم مع الحكومة ليس لقضاء حوائج أومصالح التجار، ولا ينزل النائب إلى دائرته للحوار مع ناخبيه إلا في الموسم.
حتى الحكومة تقول إنها تجلب الخبراء وتأخذ آراء العلماء والتجار في قضايا الناس.. تقول: الشعب صاحب السلطة بينما الخبراء والموظفون والمختصون يملكونها من أدنى إلى أعلى ويصنعون القرارات بمعزل عن الناس بدعوى أن الناس لا يجيدون التفكير بمشكلاتهم وحلولها.
لا نقلل من أهمية الخبراء والمتخصصين والعلماء والمختصين.. فلا يقول بذلك عاقل، ولكننا نقول إن ما يقررونه في القضايا التي تعني الناس لا ينبغي أن يتم بمعزل عنهم، فهم أدرى بقضاياهم واحتياجاتهم ولا بد أن تؤخذ آراؤهم أولاً قبل اتخاذ القرارات في المكاتب.
هذا ينطبق أيضاً على الأحزاب والمؤسسات الأخرى، فالقيادات التي تعتبر»نخبة» لا ينبغي لها أن تمضي في قيادة حزب أو مؤسسةٍ ما دون الرجوع من وقت إلى آخر للمستويات الدنيا.. النخبة عندنا صارت كلمة تدل على فئة مميزة تملك الخبرة والمعرفة وتفكر وتعلم وتدبر أحسن من الآخرين الذين يسمون «العامة»، بينما استحقاقها للقيادة لا يعني استغناءها عن آراء مَنْ هم دونها.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 10-مايو-2024 الساعة: 05:11 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-28842.htm