حسن عبد الوارث -
يُحكى أن في هذه البلاد أكثر من ستين مليون قطعة سلاح ناري في حوزة العامة.. ويُحكى أن الرقم أكبر من هذا بكثير.. وهذا عدا قطع السلاح الأبيض التي يبلغ عددها رقماً خرافياً بكل مافي الكلمة من معنى!
وعلاقة اليمنيين بالسلاح تاريخية وحميمية.. وإذا كان السلاح -في الماضي- أداة للصراع مع الطبيعة أو البيئة.. فإنه غدا -اليوم- أداة للصراع مع الذات أو الآخر!
والقول بأن السلاح زينة الرجال فرية فاحشة.. فلم يرتبط مفهوم الزينة -في أي قاموس، ولدى أي قوم- يوماً، بإبادة النفس التي حرَّم الله.. فهل قتل العطر يوماً صاحبه، أو جرحته الوردة؟!
إن انتشار السلاح بهذه الضراوة يشير بأصبع الاتهام إلى غياب هيبة الدولة، بل إلى عدم وجودها كمؤسسات ونظام وقانون ومفردات مجتمع مدني حديث.. وإلى غياب الوجه الجميل والنبيل في ظاهرة القبيلة في الوقت ذاته!.. وقد تنوعت مصادر وموديلات السلاح، اليوم، على نحو رهيب.. حتى الاسلحة الاسرائيلية غزت الاسواق والبيوت!!
وقد فشلت العلوم في دراسة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول لها، بقدر فشل مؤسسات الدولة حيالها.. فكل الدراسات القائمة على فرضيات علوم الاجتماع والسياسة والتربية والنفس ظلت تصطدم بزقاق مسدود قبالة تعاطيها مع معطيات هذه الظاهرة!
ويبقى أن نتساءل ببراءة ساذجة:
- لماذا تغيب هذه الظاهرة في مدن السهل والساحل، من دون أن يثير هذا الغياب خللاً في النظام أو ضعفاً في المجتمع أو اهتزازاً في العلاقات الاجتماعية أو في أداء مؤسسات الدولة؟!
[email protected]