إقبال علي عبدالله - بعد ثلاثة أسابيع من العدوان الهمجي، الوحشي، على شعب أعزل يسكن في أرضه التي لا تزيد مساحتها عن ثلاثمائة وخمسة وستين كيلومتراً مربعاً.. هل نجحت الآلة العسكرية الصهيونية جواً وبراً وبحراً في القضاء على هذا الشعب ومقاومته الأسطورية؟!.
سؤال يبرز الآن على المشهد السياسي والعسكري في قطاع غزة الفلسطينية. وباعتقادي أن الإجابة يجب أن تعود أساساً إلى مرحلة التحضير لهذا العدوان الذي ذهب الكثيرون إلى القول بأنه جاء «لوقف اطلاق الصواريخ على اسرائيل» هذا حسب ما تردده ماكينة إعلام الكيان الصهيوني في الوقت الذي تقول الحقائق إن التحضير للحرب الشاملة على غزة جاء منذ سنوات وتقريباً منذ مؤتمر أنابولس، حيث صرح أحد القادة في الكيان الصهيوني أنه «يحلم أن يصحو ذات يوم وقد ابتلع البحر مدينة غزة!!».
غزة ظلت الشوكة في قلب كيان اغتصب الأرض وشرد سكانها وأحرق الزرع وحبات الزيتون.. وظل هذا الكيان منذ إعادة الإدارة المحلية من السلطات المصرية إلى الشعب الفلسطيني في عام 1967م ظل هاجسه وتخوفه من غزة لا يبتعد لحظة واحدة من مخيلته، وظلت أجندته العسكرية المدعومة والممولة من الإدارات الأمريكية، المتعاقبة منذ عام 1948م تصوب نحو غزة.
من هنا وبعد أن توافرت الكثير من المناخات السياسية وأبرزها الخلافات الفلسطينية - الفلسطينية، وجد الكيان الصهيوني فرصة الهجوم على غزة، هجوم استراتيجي سبقته سنوات من الحصار وشق أسفين داخل القيادة الفلسطينية وبروز هذا الخلاف في ظهور حركة «حماس» الإسلامية كقوة منفردة تقود غزة.
من المفيد بعد هذه الإشارة المتواضعة التي تسبق الإجابة عن سؤالنا هل «نجحت اسرائيل في القضاء على المقاومة في غزة؟!» أن نؤكد حقيقة أن الأسابيع الثلاثة برهنت فشل اسرائيل بكل آلياتها العسكرية أن تحقق هذا الهدف من حربها العدوانية الهمجية الشرسة، فكانت الصورة من اليوم الأول للعدوان تبين أن الكيان الصهيوني لم يستفد من حربه المهزومة على جنوب لبنان عام 2006م، وأنه لم يختبر بعد إرادة الشعب الفلسطيني رغم العقود الستة من احتلال هذا الشعب وتشريد غالبيته في الشتات.
فثبت أن نجاح الآلية الصهيونية العسكرية لم تحقق سوى الدمار والقتل خاصة قتل الأطفال والنساء وكبار السن فيما ظلت المقاومة الفلسطينية تزداد قوة ونمواً في غزة، وتوسعت موجة التأييد لحركة «المقاومة» بدلاً عن القضاء عليها.. بمعنى أن «السحر انقلب على الساحر!!».
اليوم وبعد هذه الأسابيع الثلاثة وربما أسابيع قادمة خاصة بعد إصرار قادة الكيان الصهيوني رفض كل النداءات والدعوات العالمية لوقف العدوان على غزة، فإنه من المؤكد أن اسرائيل الصهيونية قد وقعت في هزيمة جديدة، هزيمة من شعب يسطّر المعجزة في زمن غابت عنه المعجزات العربية.
حجر يهزم دبابة.. أشجار على أرض تقاوم مئات بل آلاف الأطنان من قذائف الصواريخ المنزلة من الجو والمرسلة من البحر والبر.. أطفال يسطرون ملحمة الشهادة، وقادة وزعماء عرباً ومسلمين يحتمون خلف الفضائيات وشعوب تصرخ وعيون العالم تسكب الدموع!!.
العدو الصهيوني برهن لنا - نحن العرب والمسلمين قبل العالم - أنه لا يريد السلام؛ بل يعشق الدمار وقتل الأطفال والنساء، ولكن الأكثر برهاناً أنه بهذا العشق العدواني لم يستطع أن يهزم الأطفال بكل آلياته العسكرية الضخمة.. اطفال الأسطورة في زمن الشتات والانقسام العربي.
عن صحيفة الجمهورية |