ابن النيل -
لم يعد يعرف واحدنا على وجه التحديد.. ما إذا كانت هناك ثمة جدوى من أن يكون له قول في هذا الذي حدث منذ كان يوم السبت الأسود الموافق27 / 12 / 2008م وإلى يومنا هذا، وربما يستمر إلى أجل غير مسمى، وقد تناقلت شاشات فضائيات العربية ولاتزال.. تفاصيل ما أصاب بني قومنا في قطاع غزة الفلسطيني المحاصر، لحظة بلحظة، ممهوراً بعديد ماترتب عليه من ردود أفعال شعبية ورسمية مصاحبة، داخل الوطن المحتل وخارجه، وإن كانت قد عجزت في مجملها عن تحقيق ما استهدفته، إلى وقتنا هذا على الأقل، من حيث امكانية ان يسهم أثرها وتأثيرها في إيقاف تلك المحرقة الصهيونية الأبشع، التي يتعرض لها أهلنا هناك، وهو مايعيد إلى أذهان جميعنا وقائع ما سبق وأن لامسناه بأم أعيننا، على مدى ثلاثة وثلاثين يوماً من عام 2006م، في حرب مماثلة على لبنان الشقيق.. اصطلح على تسميتها بالحرب السادسة بيننا وبين العدو، منذ كانت النكبة الأولى.
وكثيرة هي المشاهد الميدانية الموجعة على بشاعتها، والكفيلة في حدها الأدنى بأن تستفز عميق مشاعرنا الوطنية والقومية والإنسانية ككل، حيث الشقيقات الخمس وقد استشهدن دفعة واحدة، ثم الشقيقات الثلاث والشقيقتان اللتان لقيتا المصير ذاته، وحيث أجد أبرز قادة المقاومة وقد مضى إلى رحاب ربه شهيداً مع زوجاته وأبنائه، إلى غير ذلك من دواعي إيلامنا الأخرى والمماثلة، ومنها على سبيل المثال صور ماتبقَّى من أشلاء أطفالنا العرب الفلسطينيين.. وقد تناثرت بين ركام المباني التي دمرتها على رؤوسهم صواريخ طائرات العدو المغيرة، وقذائف بوارجه الحربية المحتشدة في عرض البحر.
غير أن أكثر ما استوقفني إلى حد الدهشة من بين ما أمكن لنا مشاهدته طيلة الأيام الماضية.. هو مشهد تلك المرأة التي فقدت إبنيها بفعل هذا العدوان الهمجي الغاشم على المغتصبة حقوقهم، وما قالته لأحد مراسلي فضائياتنا في حينه، من أن لديها بندقية أحد الشهيدين وسوف تحملها نيابةً عنه لمواجهة قوات جيش الاحتلال الصهيوني، في حالة ما إذا أقدمت هذه القوات على اجتياح قطاع غزة براً، وهو ما ليس بحاجة إلى أي تعليق من جانبنا بالمقابل.. وإلى حديثٍ آخر.