موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الثروة السمكية تحذر من مخالفة قرار "حظر الجمبري" - صنعاء.. حشد جماهيري كبير مع غزة ولا خطوط حمراء - إسقاط طائرة أمريكية في أجواء مأرب - بيان هـام صادر عن وزارة الإتصالات - أبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة - وسط تهديد بتشديد الحصار: الجوع.. سلاح ضغط أمريكي على صنعاء - تربويون وأكاديميون لـ"الميثاق": تحصين الجيل الجديد بأهمية الوحدة اليمنية ضرورة قصوى - الوحدة اليمنية خيار شعب ومصير وطن - الأمين العام يعزي بوفاة الشيخ عبدالكريم الرصاص - الأونروا: 600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح -
مقالات
الخميس, 03-يوليو-2008
الميثاق نت -                                   حسن العديني * -


أطل الرئيس الكوبي «فيدل كاسترو» بقامته المديدة وذقنته المميزة من شاشة التلفزيون ونحن في مجلس الاستاذ «عبدالقادر باجمال» شفاه الله، فدار حديث قصير حول هذا الثائر العجوز ورجل الدولة الذي صمد في وجه أمريكا وعلى حدودها حوالي خمسين عاماً، والوحيد الذي قاوم السقوط بعد انهيار الاتحاد السوفيتي السابق وتهاوي الأنظمة الاشتراكية المتحالفة معه.
سأل الصديق «زيد الذاري» «باجمال» هل عرفته عن قرب؟ فأجاب بحكاية طريفة أنقلها هنا لاستنباط دلالة ذات مغزى.

قال باجمال أنه عندما نشب الخلاف بين أثيوبيا والصومال على إقليم أوغادين قررت القيادة السوفياتية البحث عن تسوية سياسية بين حليفيها في القرن الأفريقي وأوكلت الأمر لكاسترو، وجرت الاتصالات واختيرت عدن مكاناً للتفاوض، وحضر الرئيس الاثيوبي «مانجستو هيلاما ريام» والرئيس الصومالي «محمد سياد بري» ووصل «فيدل كاسترو» آخر النهار وانتقل الجميع على الفور إلى إحدى القاعات الرسمية وبينهم بالطبع القيادة في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
استغرق التفاوض ليلة كاملة، وعندما انفض الاجتماع كانت الشمس قد أرسلت أشعتها إلى المدينة.
قال باجمال أن الرئيس الأثيوبي أبدى مرونة كبيرة أثناء المفاوضات بل اقترح خيارات نالت رضا كاسترو، ومع كل واحدة منها كان الظن يخامره أنهم توصلوا إلى فك العقدة لكن الرفض القاطع من سياد بري كان يعيد الحوار إلى نقطة البداية ويزرع اليأس في قلب راعي المفاوضات.
في الصباح استعجل الرئيس الصومالي السفر وطار إلى عاصمة بلاده. وفي لحظة ما والجميع واقفون (كاسترو ومانجستو ومجموعة من القادة في عدن يتقدمهم عبدالفتاح اسماعيل وسالم ربيع علي) قال كاسترو لما نجستو «هذا الطويل الأهبل سوف يحاربك، عليك أن تعود وتبدأ فوراً في التحضير للحرب» ورد الرئيس الأثيوبي «ولكني سأضطر لإعادة جنرالات الإمبراطور هيلاسلاسي، إلى الجيش، وفي هذا خطر على الثورة"
قال كاسترو «وماقيمة الثورة من غير وطن». وقطع عبدالقادر باجمال روايته وقال بأن ما خشي منه الرئيس الإثيوبي حصل بالفعل وذكر أسماء جنرالات أثيوبيين قدامى ساهموا في إسقاط نظام مانجستو.
تدخلت معلقاً بأن مانجستو الماركسي لم يقرأ فيما يبدو تجربة الثورة البلشفية. بل لعلنا جميعاً لانتعلم من تجارب غيرنا، فالثورة الإيرانية على سبيل المثال وقعت في خطأ قاتل عندما سرحت كبار ضباط الجيش في عهد الشاه. ولذلك تلقت هزيمة ساحقة في بداية حربها مع العراق. لم تكن مشكلة إيران في الأسلحة وقطع الغيار أول الحرب لأنها نشبت بعد أقل من سنتين من سقوط الشاه الذي أورثها أكبر ترسانه عسكرية في المنطقة لكن إيران كانت تفتقد القادة الأكفاء.

الثورة البلشفية عالجت هذه المشكلة بفضل عبقرية أحد قادتها اللامعين. ليون تروتسكي هو في حقيقة الأمر القائد الميداني للثورة البلشفية. وقد تولى بعد نجاحها مفوضية (وزارة) الخارجية ثـم مفوضية الحرب.

كان تروتسكي مفوض الدولة للحرب أثناء القتال مع الجيش الموالي للكولاك الذي عرف بالجيش الأبيض تمييزاً له عن الجيش الأحمر السوفيتي، وكان مدركاً أهمية وجود قادة يعرفون فنون القتال فاستبقى كبار الجنرالات والضباط الذين لم يلتحقوا بالجيش الأبيض دون أن يكون مطمئناً لولائهم بل ظل يخشى خيانتهم. فكيف عالج الأمر؟

الحق أن القليل من الناس يعرفون أن «تروتسكي» أول من اخترع في الجيوش حكاية ضباط التوجيه السياسي. لقد اختار شباناً من أعضاء الحزب وعينهم ضباطاً سياسيين في الوحدات العسكرية، وأعطى توجيهاته بأن يشترك القائد العسكري والضابط السياسي في التوقيع على أي أمر عسكري، ثم زود الضباط السياسيين بتعليمات صارمة باليقظة إزاء تصرفات القادة وإعدام أي قائد تشتم منه رائحة الخيانة. وكذلك وظف خبرة الضباط الذين لايؤمنون بمبادئ الثورة وأمن مكرهم في نفس الوقت.

تابع باجمال بأن كاسترو التفت إلى سالم ربيع علي وقال له وأنت إرسل إليه قوة عسكرية من عندك، أما أنا فسأزوده بكتيبتين من الجيش الكوبي العامل في انجولا من ذوي السحنات السمراء. أجاب سالم ربيع علي «والله لو دخل شبر- وأشار بكفه مادا إياها- فسوف أحاربه وزاد بأنه سيرسل كتيبة مدرعات وكتيبة ميكانيكية، لكن عبدالفتاح اسماعيل تدخل بالقول «أن هذا يحتاج إلى قرار من المكتب السياسي» ورد عليه كاسترو وبحزم.. يارفيق في الحروب ليس هناك مكتب سياسي. هناك رجل واحد، قائد واحد.. أضاف أن ستالين عندما تعرضت بلاده لغزو الألمان نحى المكتب السياسي جانباً وقاد هو الحرب.

استعدت هذا الحديث عند قراءتي مقابلة أجرتها صحيفة الصحوة مع أحد قادة التجمع اليمني للإصلاح واسمه عبدالعظيم العمري.. الدكتور عبدالعظيم العمري والعنوان الرئيس للمقابلة يقول «مايجري في صعدة معالجة خاطئة واستخدام الجيش يجب أن يتم بتوافق وطني». وفي المقابلة كلام كثير عن غموض في أصل المشكلة ومعالجتها لكن الأصل هو الاعتراض على ممارسة القوة من قبل الدولة.

عن الغموض يقول مثلاً أن الدولة تتهم الحوثيين بالعصيان والتمرد فإذا سألنا الحوثيين فسوف يقولون أنهم طائعون مسلَّمون بسلطة الدولة.
والشواهد لاتؤيد هذا الكلام من قريب ولامن بعيد.

فهناك تمرد مسلح واضح منذ أكثر من أربع سنوات، وهذا ا لتمرد امتد من جبال مران إلى مناطق واسعة في محافظة صعدة ثم انتشر ليشمل مديريات في محافظتي عمران وصنعاء.

بعد هذا يصعب القول أننا لانستطيع أن نفهم المشكلة. ثم إن السلاح المرفوع في وجه سلطة الدولة تعززه تحركات سياسية وحملة إعلامية كثيفة تتبنى مطالب مذهبية وطائفية، والمعنى في أبسط مدلولاته لايخرج عن أمرين. إما أن هدف الحرب تغيير طبيعة الدولة بحيث تتسيد طائفة على المجتمع بأكمله، وذلك مستحيل من الناحية العملية، ومرفوض من الناحية الأخلاقية والسياسية.

أو أن الهدف تقسيم اليمن إلى دولتين إحداهما زيديه والأخرى شافعية. وهذا أيضاً مستحيل وخطر وغير مقبول من جميع النواحي الجغرافية والسياسية والأمنية وغيرها.
وإذن فإن المشكلة واضحة، ولاغموض فيها يحتاج للكشف ولا التباس يستدعي التفسير .

ونحن قد نتفق مع الانتقادات الموجهة للدولة فيما يتعلق بالتأرجح بين خياري الحسم العسكري والحل السياسي. إذ أن عدم الثبات علي خيار واحد شكل سبباً أساسياً في إطالة أمد المشكلة وتوسيع نطاق الحرب وازديادها ضراوة وعنفاً من جولة إلى أخرى.

لكن الشيء محل الخلاف هو أنه بعد استنفاد الجهود لحلول سلمية وأصبح القتال خياراً مرجحاً. نسمع من يقول: إن قرار الحرب ينبغي إخضاعه للتشاور والتفاوض.

هنا بات قرار الحرب متروكاً لتقدير رئيس الدولة القائد الأعلى للقوات المسلحة. ومن غير شك أنه سيشارك أركان حربه وقادته العسكريين دراسة التقديرات قبل إصداره التوجيه الاستراتيجي للقوات المسلحة ببدء العمليات العسكرية، غير أنه يرتكب خطأً فادحاً إذا اعتقد بأن عليه أن يوسع نطاق مشاوراته ليأخذ رأي الأحزاب السياسية.

قد يستوجب الأمر في بعض الأحوال موافقة البرلمان، ولكن الحروب لاتستدعي دائماً مثل هذا، أما وقد اندلع القتال بقرار من الطرف الآخر فإن القرار بالرد يصبح محتماً ويجب أن يكون سريعا.ً ففي الحروب كما قال كاسترو لاوقت لدى القائد حتى يسمع كلمة المكتب السياسي.

والأمر أصعب في مجتمع تعددي لأن الحديث عن توافق وطني يسبق توجيه الجيش بشن الحرب فذلك ضرب من العبث.
والمصيبة الأعظم هي استحالة التوافق في وجود حالة سوء ظن بين الحكومة والمعارضة، فلئن كانت سنوات مرت في حوارات تتصل وتنقطع بشأن التوافق على مسائل ذات طابع سياسي وقانوني كاللجنة العليا للإنتخابات والتعديلات الدستورية والنظام الانتخابي فما هو الوقت الذي ستستغرقه المناقشات بين الأحزاب للتوصل إلى قرار بشأن مواجهة حرب قائمة بالفعل؟
سيكون على الجيش أن يترك الطريق مفتوحة إلى العاصمة أمام المتمردين في انتظار موافقة المتحدث للصحوة على مواجهة النيران بالنيران.

بوسعنا أن نوجه انتقادات للدولة بسبب الخيبات والعثرات التي مني بها الجيش رغم علمنا أن التصدي لحرب عصابات عملية مكلفة ومرهقة. ولكن هناك أسئلة طرحتها في موضوع سابق تتعلق بمصادر تسليح المتمردين وشكوك بجماعات وأفراد مستفيدين من استمرار الحرب، وضعف كفاءة الأجهزة الأمنية واحتمالات تقترب من درجة اليقين بوجود اختراقات من قبل الحوثيين لأجهزة الدولة بما فيها الجهازين الأمني والعسكري. ولذلك فقد يكون من أولى الضرورات إجراء عملية مراجعة شاملة تتبعها عملية غربلة وإحداث تغييرات واسعة خصوصاً في مواقع اتخاذ القرارات التكتيكية داخل المؤسسة العسكرية والأمنية دون أن نستثني الأجهزة المدنية للدولة. وبدون ذلك فإن إنهاء الجولة الحالية من القتال لن تمثل نهاية حقيقية للحرب.

*نقلا عن الاسبوع
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)