د. محمد علي بركات - مصارعون لا معلمون يشوهون العملية التعليمية بتصرفاتهم وأفعالهم غير السوية التي يتصدرها استخدام العنف بأشكاله البشعة ضد الأطفال في عدد من المدارس بمحافظات الجمهورية وبأمانة العاصمة .. وهناك أيضاً نماذج من المصارعات حاملات العصي يصلن ويجلن في بعض المدارس الأهلية والحكومية ممن يطلق على الواحدة منهن تجاوزاً تسمية ( معلمة ) .. ولا يختلف أولئك عن السجانين الأجلاف الذين يتعاملون مع عامة المساجين بعنف وشراسة دون أدنى رحمة .. حيث يستخدم كل من أولئك قوته أو قوتها ضد أطفال السنوات الأولى من التعليم الأساسي مما كره معظم الأطفال للعلم والمعلمين جراء ما يعانونه من أضرار الخشونة المذمومة .. بعد أن عانوا من استخدام العنف ضدهم كالضرب بالعصي على الأيدي ومفاصل الركب وأحياناً ضربهم على رؤوسهم الصغيرة بالكتب أو بالأكف غير الناعمة .. وإيقافهم في اتجاه الجدران رافعين أيديهم إلى أعلى أمام زملائهم كالمجرمين أو أسرى الحرب وذلك عقاباً لهم في الغالب على أخطاء هينة ، إضافة إلى التوبيخ والتعنيف وغيرها من أشكال الامتهان والإهانة من قبل بعض النماذج غير السوية الظالمة .. دون مراعاة لمشاعر الأطفال الإنسانية وهم في عمر الزهور وبحاجة للحنان والرعاية الحسنة التي تحببهم في الدراسة وفي المعلمات أو المعلمين ذوي العلم والمعرفة والحكمة .. الذين يحرصون على حسن التربية وحسن التعامل مع أطفال المدارس قبل التعليم ، ولابد أن هذه النماذج السوية - البعيدة تماماً عمن نتحدث عنهم - تتميز بالخبرة والمعرفة والرحمة والتفكير المستنير والإيمان بحق الطفل في حسن الرعاية ومراعاة المشاعر وحفظ الكرامة .. أما النماذج غير السوية فتتسم دون شك بتدني المستويات العلمية والمعرفية وبالقسوة المفرطة وانعدام المشاعر الإنسانية ، وبالتفكير المحدود والجهل أو التجاهل لأي حق من حقوق الطفل التي يعلمها جميع البشر الأسوياء على أرض الله رب الرحمة والعظمة .. وتحث كافة دول العالم وكافة المنظمات الإنسانية على ضرورة الالتزام بمبادئها ، وكفى الشعب معاناة الحصار والحرب الظالمة .. ولهذا فتلك النماذج غريبة الأطوار غير مؤهلة لتولي مهمة التدريس وتربية النشء لأنها مهمة مقدسة ومسئولية جسيمة .. ولا شك أن الإدارات التعليمية وملاك المدارس الأهلية يتحملون تبعات إساءة اختياراتهم لمن يؤدي مهمة التربية والتعليم بالمدارس الخاصة أو العامة .. حيث أن ذلك العبث السائد له آثار سيئة ونتائج وخيمة .. أخطرها إصابة الأطفال إما بالخوف والشعور بالإحباط ودفعهم إلى كراهية التعليم أو بالعدوانية ، وبالفعل فإن العديد منهم يرفضون الذهاب إلى المدارس خوفاً مما يتعرضون له من عنف وامتهان وأضرار بدنية ونفسية ، وكان لهذه الحالة بالغ الأثر على حياة العديد من الأسر نتيجة لتلك الأفعال الآثمة .. فما ذنب الأطفال الأبرياء ليتعرضوا لتلك المعاناة ومن يحميهم من تلك الممارسات غير الإنسانية التي لا يقرها دين ولا أعراف ولا قوانين ولا أنظمة ..؟ وما موقف وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي مما يجري باعتبارها الجهة المعنية بالأمر في اليمن الميمون بلد الإيمان والحكمة والحضارة العظيمة..؟ وما هي الضوابط والسبل الكفيلة بإيقاف ذلك العبث والعنف ضد الأطفال ومعالجة الحالات القائمة..؟ وهنا نشير إلى أهمية دور وزارة حقوق الإنسان والمجلس الأعلى للطفولة حيال ما يتعرض له الأطفال من عنف وامتهان في بعض المدارس الأهلية والحكومية ووجوب تطبيق قانون حقوق الطفل للحد من تلك الممارسات الذميمة .. الأمل كبير في تضافر الجهود لتغيير تلك الأوضاع السيئة لأن ما يحدث يشكل كارثة على مستقبل الأجيال الحاضرة والقادمة .. متمنين أن يقتدي الجميع بنبي الهدى الذي بعثه الله رحمة للعالمين عليه صلوات الله وتسليمه .. الذي خاطبه الرحمن الرحيم بقوله ((ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك)) وهو خير البشر ومعلم البشرية الذي تميز بسعة صدره وصبره وحلمه .. وننتظر مبادرة وزارة التربية والتعليم والبحث العلمي بسرعة معالجة تلك الاختلالات بفاعلية وجدية .. كما ننتظر تجاوب ملاك المدارس الأهلية لإصلاح شؤون مدارسهم ، فأبناء اليمن أطفالاً وشباباً أمانة في أعناق الجميع وليس من العدل أن يتعرضوا للمعاناة والامتهان و الأضرار البدنية والنفسية مقابل جمع الأموال ، آملين أن تصحو الضمائر ويتخلى الجميع عن الأنانية .. وتلك هي القضية.
|