
|
|
|
استطلاع/ بليغ الحطابي - يرى سياسيون وباحثون في الشئون الدولية أن أفظع ما يمكن أن تصل إليه السياسة الأمريكية أن تَعْتَمد سياسة إرهابية، قلَّما يُنْتَبه إليها، لأنها مُدْغَمة في علاقات معقدة من مجالات متعددة ومختلفة، منها الواقعي الظاهر، ومنها المتواري الذي ينتظم في نسق شامل وعام، يحدث أثره السلبي ليس على أمريكا بالذات، بل على العالم بكامله..
وأكدوا لـ "الميثاق" أنه عندما يرتقي الإرهاب كظاهرة إلى إرباك الوضع العالمي عبر سياسة دولية وخارجية محكمة، معنى ذلك، حسب قولهم، أن الحكم في أمريكا يستند إلى إرهاب ممنهج ومنطلق في نفس الوقت، فهو يُعَد ويهيأ ويصاغ في تشريعات وسياسات تعبّر عن الموقف الأمريكي المؤثر في وضعية العالم بأسره..
وهو ماينطبق عليه الحال اليوم في بلادنا مع اتخاذ الحرب مسارها التصعيدي مع أمريكا وإسرائيل مع الاستهدافات المتكررة للجيش اليمني للعمق الإسرائيلي والمصالح الأمريكية في البحرين الأحمر والعربي، وما تقوم به أمريكا من سياسة ردع تستهدف المنشآت الاقتصادية والأعيان المدنية، يؤكد محللون أنها تجويع ممنهَج يرتدي زي الحرب، وخنق متعمَّد يُنفَّذ بضربات عسكرية مدروسة..
أمريكا تصنع الذرائع..
لم تكن أكاذيب الإدارة الأمريكية في الحديث عن “إعادة الشرعية في اليمن” أو “محاربة الإرهاب” أو “حماية الممرات الدولية من أعمال القرصنة” أو عن “وجود أسلحة الدمار الشامل في العراق” الأكاذيبَ الوحيدة التي استخدمها المجمع (الصناعي العسكري النفطي المصرفي) المتحكم بالقرار الأمريكي لتبرير العدوان على اليمن وتدمير سوريا وغزو العراق وفرض الحصار على شعبه؛ كما لن تكون الأكاذيبُ المستحدَثة ضد سوريا الأكاذيبَ الأمريكية الأخيرة..
فقوى الهيمنة والاحتلال الاستعمارية إذا قررت غزو بلدٍ ما فإنها لا تحتاج إلى ذرائع ومبررات، لأنها قادرة دوماً -بما تملكه من قدرات ووسائل تضليل- على اختلاق هذه الذرائع وافتعال تلك المبررات من أجل تحقيق غاياتها..
صانعة الإرهاب...
الباحث السياسي والدولي محمد الصالحي يقول إنه بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، اتجهت أمريكا لفرض هيمنتها على العالم تحت ذريعة الحرب على الإرهاب، حيث احتلت أفغانستان عام 2001م والعراق عام 2003م، وتدخلت في الشؤون الداخلية للدول العربية.. وعلى الرغم من ادّعائها ريادتها في الحرب على الإرهاب، إلا أنها تظل المصدر الرئيسي له..
دولة الإبادة..
ويضيف: فقد قامت هذه الدولة على أنقاض مجازر ارتكبتها ضد السكان الأصليين لقارتي أمريكا خلال الحقبة الاستعمارية الأوروبية، حيث نفذت بحقهم عمليات تطهير عِرقي وإبادة جماعية.. كما أظهرت وحشيتها خلال الحرب العالمية الثانية بإلقاء قنبلتين نوويتين على مدينتي ناغازاكي وهيروشيما اليابانيتين، مما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين..
تاريخ ملطَّخ بالدماء..
ويؤيده في ذلك الصحفي والمحلل السياسي أحمد ناصر الشريف.. ويزيد على ذلك بالقول: ما تقوم به واشنطن حالياً من ارتكاب جرائم حرب متكاملة في اليمن -حيث لم تسلم من قصف طائراتها الشبح المقابر والأسواق الشعبية المكتظة بالسكان والأعيان المدنية- ليس بجديد عليها فتاريخها الحافل بسِجِلها الإجرامي منذ تأسيسها قبل أكثر من 250 عاماً يشهد لها بأنها رأس الإرهاب وأُمه..
ويضيف الشريف: فلم يسبق لأية دولة عُظمى أن استخدمت السلاح الذري المحرم دولياً ضد شعب آخر ودمرت فيه مُدُناً بأكملها وقتلت سكانها إلا ما يُعرف اليوم بالولايات المتحدة الأمريكية كما فعلت في اليابان وهي التي تأسست على أنقاض إبادة سكان أمريكا الشمالية الأصليين الهنود الحمر حيث قتلت منهم أكثر من مائة مليون إنسان..
شاهدٌ حَيّ..
فتاريخها الإجرامي، كما يقول الشريف، شاهد عليها بدءاً بما فعلته في اليابان ثم في فيتنام وفي دول أخرى بأمريكا اللاتينية، ومروراً بما فعلته في أفغانستان والعراق وسوريا، وانتهاءً بما تفعله حالياً في اليمن وفلسطين وتحديداً في غزة على أيدي الجيش الصهيوني الذي تدعمه بالمال والسلاح وتحميه سياسياً في مجلس الأمن حيث تستخدم حق النقض الفيتو لمنع إدانة جرائم الكيان الصهيوني في قطاع غزة وتحمي قادته من ملاحقة محكمة الجنايات الدولية لاعتقالهم بعد إدانتهم بارتكابهم أفظع الجرائم التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ القديم والحديث، وكله بتشجيع ودعم أُمّ الإرهاب أمريكا التي يقود إدارتها الحالية المعتوه والمجرم دونالد ترامب..
خُنوع عربي..
ويؤكد الأستاذ أحمد الشريف، أن أمريكا أو ما يُعرف بالولايات المتحدة الأمريكية هي أسوأ ما حمله التاريخ للعالم لا سيما خلال المائة العام الماضية، حيث شكلت بلاءً عظيماً تضررت منه كل شعوب المعمورة.. وبالنسبة للعالم العربي الذي تتعامل أمريكا مع حكامه وكأنهم عبيد لديها وتابعون لها، فالعيب يكمن في الشعوب العربية نفسها التي خضعت لإرادة حكامها ولا ترى بأعينها إلا مايراه لها قادتها الخانِعون، فأصبحت عاجزة حتى عن الخروج إلى الشارع بمظاهرة تستنكر ما يجري في غزة من جرائم إبادة جماعية بحق سكان القطاع الذين يموتون جوعاً بسبب الحصار المفروض عليهم، ولم تقتدِ بالشعب اليمني أو على الأقل بالشعوب الغربية التي حكوماتها وفي مقدمتها أمريكا تدعم العدوان الصهيوني على غزة، ولم تسكت ولم تخضع لإرادة حكامها كما فعلت الشعوب العربية المفروض عليها الذلة والمسكنة..
شركة تجارية..
ويخلص الشريف إلى القول إن ما يُعرف بالولايات المتحدة الأمريكية ليست دولة بالمعنى والمفهوم المتعارَف عليه للدولة وإنما هي عبارة عن مجموعة شركات تجارية يمتلكها اللصوص القادمون إلى الأرض الأمريكية من أوروبا، وقد تخصصت هذه الشركات في نهب ثروات الآخرين ومحاربة الشعوب الحرة التي تقول لها: "لا".. فمن بعد بروزها كدولة عُظمى لتحل محل بريطانيا الاستعمارية في الشرق الأوسط والبلاد العربية تحديداً عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، تفرغت للسيطرة على مقدرات الشعوب وإبادة سكانها..
تدمير شامل..
استهداف المنشآت الاقتصادية والمدنيين ليس سوى فصل جديد من مؤامرة، يكشف أن ما يتعرض له اليمن حرب تدميرية شاملة وممنهَجة تطال الجغرافيا والإنسان.. هذا ما أكد عليه الصحفي والمحلل السياسي عبدالله الحنبصي.. ويضيف: فما بدأه التحالف السعودي الإماراتي من استنزاف ممنهَج لمقدرات اليمن، اليوم تتولى أمريكا استكمال ما بدأه بأدواتها المباشرة بدخول مباشر خط المواجهة للإجهاز الكامل على ما تبقَّى من مقومات دولة..
فاستهداف منشأة نفطية واقتصادية لا يُقرَأ بمعزل عن المشهد الكبير، بل يُعد جزءاً من خارطة أوسع لإعادة تشكيل اليمن على أساس جهوي مناطقي يسودها الخراب والكراهية..
استهداف الشعب..
ويشير الصحفي الحنبصي إلى أن ذلك يمثّل جريمة حرب وإرهاب، كما يفضح المزاعم الأمريكية التي ادَّعت في بداية عدوانها على اليمن أن حربها وغاراتها لا تستهدف الشعب اليمني؛ ليتضح -من خلال قصفها الأحياء السكنية والأسواق الشعبية والبُنى الخدمية والاقتصادية ومنها ميناء راس عيسى والعاملين فيه والمسعفين- أن حربها على اليمن كل اليمن.. كما يكشف أيضاً حقيقة أن أمريكا صانعة الإرهاب منذ احتلت العراق في 2003م وارتكبت تلك الجرائم والمجازر ومنها قصف ملجأ العامرية وتعذيب السجناء في سجن أبو غريب؛ فضلاً عما ارتكبته في فيتنام وفي أفغانستان وفي كل منطقة تضع فيها أقدامها..
إبادة ناعمة لليمني..
فما تمارسه الولايات المتحدة اليوم في اليمن يتجاوز حدود العقوبات والضربات العسكرية؛ إنه شكل جديد من الحرب.. إبادة ناعمة تُنفَّذ بأدوات اقتصادية مُحكَمة، تُجفَّف فيها الموارد، وتُستهدف مفاصل البقاء، وتُخنق الحياة ببطء، دون الحاجة إلى قصف مباشر أو طلقات نارية.. وهو ما يشير إلى ما ذهب إليه الدكتور حمزة الحمزة -وكيل محافظة شبوة- حين قال: إن الاستهداف الأمريكي المتكرر للأحياء السكنية والأسواق الشعبية والبُنى الخدمية في اليمن، مثل قصف ميناء راس عيسى الذي أودى بحياة عشرات المدنيين والعاملين فيه، يبيّن طبيعة السياسات الأمريكية ودورها في تصدير العنف ودعمها المعلَن للعدو الاسرائيلي.. إن هذه الممارسات تُظهِر نمطاً ممنهَجاً من الانتهاكات التي تنتهك القانون الدولي وتُجسّد مفاهيم العقاب الجماعي، مما يُرسخ ويبرهن على أن الإرهاب قد تحوَّل إلى "صناعة" تُدار بآليات أمريكية صهيونية..
ويشير الحمزة إلى ما تعتمده السياسة الإرهابية للولايات المتحدة وذلك عبر:
استهداف المدنيين والبُنى التحتية.. انتهاك صارخ للقانون الدولي:
وثّقت تقارير عدة قصفَ طيران العدوان الأمريكي لمنازل مدنية في صنعاء ومحافظات يمنية، مثل مجزرة حي فروة الشعبي التي راح ضحيتها عشرات المدنيين، بما في ذلك نساء وأطفال.. كما استهدف الميناء المدني في راس عيسى مما أدى إلى استشهاد ما يزيد 100 فرد بينهم موظفون وسائقو شاحنات..
وفي سياق آخر يُعتبر قطع إمدادات المياه والغذاء والكهرباء عن غزة من قِبَل العدو الإسرائيلي بدعم أمريكي واضح، شكلاً من أشكال الجرم الصهيوني الأمريكي، فهم يستخدمون "التجويع سلاح"، وهو جريمة حرب بموجب القانون الدولي..
العقوبات الجماعية وسياسة "العقاب المزدوَج":
ويثبت ذلك ما يقوم به العدو الإسرائيلي في غزة بدعم أمريكي، وأيضاً ما يسعى الأمريكي لفرضه من خلال جرائمه في اليمن..
حماية جرائمها دولياً:
كما يشير الحمزة إلى مسألة الفيتو الأمريكي الذي يعمل على حمايتها من ارتكابها الجرائم وإفلاتها من العقاب، فقد استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار دولي يطالب بوقف إطلاق النار في غزة، مما سمح باستمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية المدعومة أمريكياً.. هذا الموقف يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، ويثبت اشتراك الأمريكي في جرائم الإبادة الجماعية التي تُرتكَب بحق الشعب الفلسطيني..
الخطاب التبريري.. من "مكافحة الإرهاب" إلى تبرير العنف:
تُقدم الولايات المتحدة عملياتها في اليمن تحت ذريعة "استهداف القدرات العسكرية"، لكن الوقائع تُظهِر استهدافاً ممنهَجاً للمدنيين، "ادّعاءات أمريكا تكذّبها قنابلها على المنازل والموانئ".. هذا التناقض يُشبه الخطاب الإسرائيلي الصهيوني الذي يصف ضحاياه بـ"الحيوانات البشرية"..
تواطؤ دولي..
إلى جانب التواطؤ الدولي والازدواجية المعيارية، تُدين تقارير الأمم المتحدة انتهاكات التحالف، لكن غياب الإجراءات الفعلية – مثل محاسبة المسؤولين – يُظهر تواطؤاً ضمنياً.. ففي الوقت الذي تُدين فيه هجمات أخرى كـ"إرهاب"، تغض الطرف عن جرائم واشنطن وحلفائها..
حماية الإرهاب..
ويؤكد وكيل محافظة شبوة أن الأنماط المتكررة من الاستهداف العشوائي، والعقوبات الجماعية، وحماية الجناة عبر الفيتو، تُشير إلى أن الإرهاب -بمعنى استخدام العنف الممنهَج ضد المدنيين لتحقيق أهداف سياسية- أصبح جزءاً من الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.. هذه الممارسات لا تنتهك القانون الدولي فحسب، بل تكشف النهج الأمريكي الإجرامي القذر، مما يؤكد أن "الإرهاب صناعة أمريكية" تُدار عبر آليات قانونية ودبلوماسية مزدوجة المعايير..
تفريخ الجماعات الإرهابية..
ويعود الباحث في الشئون الدولية ووكيل محافظة شبوة محمد الصالحي إلى القول: لا يمكن تجاهل جرائم واشنطن في فيتنام، أو دورها في صناعة وتفريخ الجماعات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي تأسس خلال الحرب السوفييتية الأفغانية بدعم وتدريب وتمويل أمريكي سعودي باكستاني.. كما مارست سياسات عدوانية في الصومال، وأفغانستان، والعراق بعد احتلالها، ودعمت أنظمة إرهابية مثل الكيان الإسرائيلي في جرائمه ضد الفلسطينيين، وأنظمة الخليج في حروبها على سوريا واليمن وليبيا والعراق، ووفرت غطاءً قانونياً في المحافل الدولية لتبرير هذه الجرائم..
تعريف الإرهاب..
مشيراً إلى أن سِجِل الجرائم الأمريكية يؤكد أنها أم الإرهاب وصانعته الأولى، لذا تحرص على إبقاء هذا المصطلح غامضاً ومرناً لتتهم به كل من يعارض سياساتها.. إلا أن التعريف الأصدق للإرهاب هو استخدام القوة العسكرية ضد المدنيين لتحقيق أهداف سياسية، وهو ما تمارسه أمريكا بإرهاب الدولة..
ويقول: جرائمها ضد شعبنا كما رأينا في رأس عيسى وقصف الأسواق والمنازل في صنعاء، تهدف إلى ثنيه عن دعم غزة، وتؤكد أنها جزء من سلسلة طويلة من الإرهاب الأمريكي.. هذه الجرائم دليل قاطع على أن أمريكا تمارس إرهاب الدولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. ولذلك يرى الصالحي أنه لا فرق بينها وبين من يحملون الأحزمة الناسفة لاستهداف الأبرياء.
|

|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|