|
|
|
استطلاع / عبدالرحمن الشيباني - كالعادة يبقى اليمنيون متُفردين فى كل شيء خصوصاً فيما يتعلق بالقضايا المصيرية للأمة العربية والإسلامية، فالموقف اليمني فى هذا الشأن ثابتاً وما يزال ، يتصدر المشهد السياسي العربي والإسلامي ،ويكون واضحاً عند أى انحراف واختلال قد يُصيب الأمة، وحاضراً قوياً بشأن مُجمل القضايا العربية والإسلامية والتطورات والمواقف التي تُتخذ بشأنها ،بعيداً عن المواقف الضبابية الانتهازية التي نراها اليوم ،حيث تتجلى الصورة واضحة وترتفع الأصوات صادحة في هذا الشأن، مفادها أن لا موقع وسط فيما يخص القضايا الكبرى للأمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعتبر القضيه المركزية للعرب والمسلمين..
يكاد يجزم الجميع أنه وبالرغم من تشظي المواقف بشأن ما يمثله المشهد السياسي اليمني من تجاذبات وتقلبات، لكن تبقى مسألة مهمة تجمع اليمنيين على رأي واحد تقريباً وهي القضية الفلسطينية، التي اخذت مساحة كبيرة في اهتماماتهم، ليس من اليوم ولكن منذ عقود طويلة، وبالرغم من الحرب والعدوان وتداعياتها عليهم ،إلا أنه لا أحد قد يساوم علي قضية كُبرى كالقضية الفلسطينية أو يتنازل ، ومع بدء العُدوان الإسرائيلي على غزة كانت الجماهير اليمنية سّباقة في التعبير عن غضبها وإدانتها لما تقوم به اسرائيل من مجازر ضد أبناء الشعب الفلسطينى الأعزل، لم يكن المستوى الرسمي أقل شأناً من المستوى الشعبي، فكان التحرك الذي رأيناه قوياً سواء باستهداف القوة الصاروخية لكيان الاحتلال التي باغتت العدو وجعلته يعد العدة لمثل هذا التحرك المفاجئ، أو من خلال سن التشريعات والقوانين التي تُجرم التطبيع أو التعامل مع الكيان الصهيوني بأي شكل من الأشكال، أو محاولة اتباع طرقا ما للتمويه لكي يتسنى أو الافراد للتطبيع مع العدو الازلي لأمتنا كما هو حاصل اليوم..
مشروع القرار
لذلك كان لمجلس النواب في صنعاء تحرك جاد ومسؤول في هذا الإتجاه ،حيث ناقش مشروع قرار وصوت عليه يمنع التطبيع ويجرمه وكذلك الاعتراف بكيان الاحتلال الإسرائيلي والتطبيع معه، حيث يهدف مشروع القانون أيضاً إلى "منع إقامة العلاقات الدبلوماسية أو السياسية أو العسكرية أو الاقتصادية أو الثقافية، أو أي علاقات أخرى بهذا الكيان المحتل، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة" ووفق بيان مجلس النواب، جاء "تقديم مشروع القانون انسجاماً مع ما يُمْليه الواجب، دينياً ووطنياً وقومياً، وانتصاراً للحرية والعدالة والسلام، ودرءاً للمخاطر التي يشكلها كيان الاحتلال الإسرائيلي على اليمن والمنطقة، وما يمثله من تهديد لوحدة المجتمع وسلامته"، كما يأتي تقديم هذا المشروع "تحصيناً للبلاد من مخاطر الاختراق الصهيوني، وحفظاً للأمن الوطني والأمن القومي، واستجابةً للمطالب الشعبية الرافضة للتطبيع والغطرسة والاستكبار والصلف الصهيوني الأميركي، وما يرتكبه الكيان المغتصب من جرائم ومجازر، وانتهاكات متكررة للمقدسات الإسلامية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس والأقصى الشريف"..
تعريف القانون
* المحلل السياسي /عبدالمغيث الشمسي يقول" إن التطبيع مع إسرائيل يعني رفع كل القيود بين الدولة المطبعة، وإسرائيل من ضمنها توقيع معاهدات تؤكد على السلام الدائم، والتعاون بما في ذلك المجالات الأمنية والاقتصادية وحتى السياسية، مشيراً إلى أن هذه النظرية تناقض النظرة العربية لاسرائيل ككيان مغتصب ومعتدٍ على حق الشعب الفلسطيني في استقلاله وحريته، وارجاع اراضيه والاقرار بحق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة..
وعن مكونات مشروع القرار يقول الشمسي لـ "الميثاق" : مشروع القانون يتكون من (10) مواد، حددت المادة الأولى منها الهدف من القانون الى تحقيق الأهداف الاتية: تجريم التطبيع مع إسرائيل بأي شكل من الاشكال، ومنع إقامة العلاقات الدبلوماسية او السياسية او العسكرية او الاقتصادية او الثقافية او أي شكل من اشكال العلاقة مع إسرائيل، ونصت المادة الثالثة والرابعة والخامسة على عقوبات وصلت الى حد الاتهام بالخيانة العظمى، وانزال اشد العقوبات تصل الى المؤبد والاعدام، وجاءت المادة السادسة بتحذيرات شديدة إلى الدول والجهات والمنظمات من التعامل مع إسرائيل، أما المادة الثامنة فقد نصت على منع المنشورات والمؤلفات التي تروج للتطبيع مع إسرائيل: فيما تضمنت المادتان التاسعة والعاشرة المسائل الإجرائية وهذا يعتبر واجباً من الناحية الدينية والوطنية والقومية..
شرعنة الاحتلال
* المحلل السياسى المعروف سمير المسني قال "إن حجم المؤامرة كبيرة على الأمة العربية وقضيتها المحورية (فلسطين) ومنذ بدايتها الاولى في 1948م افرزت العديد من الاسقاطات والتباينات الفكرية.."، مشيراً إلى أنها "افضت بدورها الى سقوط الكثير من اقنعة التآمر للانظمة العربية..
ويعتقد المسني انها كانت بداية المرحلة للتطبيع الفعلية.. ويضيف في حديثه لـ»الميثاق«" قائلاً : " لقد تماهت تلك الانظمة العربية في نسف الترابط العربي الذي بدأ يتشكل في تلك الفترة لصالح مخطط القوى الاستعمارية وربيبتها اسرائيل في المنطقة العرببة ،إن عمليات التطبيع مع الكيان الغاصب المدروسة والممنهجة لم تكن وليدة اللحظة فقد سبقتها العديد من محاولات مد جسور التواصل وخلق علاقات ثنائية مع اسرائيل منذ سبعينات القرن الماضي (بدءاً بمعاهدة الاستسلام مع مصر في 1979م) في اتجاه ايجاد ظروف ملائمة لشرعنة التواجد الإسرائيلي في فلسطين واعطاء الضوء الاخضر لارتكاب جملة من المجازر الدموية التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني (مذبحة دير ياسين على سبيل المثال)..
أنظمة متخاذلة
ويقول المسني :كان من الضرورة التوصل إلى معالجات سريعة لكشف ابعاد ذلك السيناريو والمخطط الخبيث الذي تم فرضه على مجتمعاتنا العربية ومن ثم ايجاد خطوط مناوئة له وافشاله مجتمعياً وسياسياً وفضح الانظمة العربية المتخاذلة والتي تسير في ركاب الصهيونية العالمية وقوى الشر العالمي المتمثل في بريطانيا وامريكا ،وهنا تكمن أهمية حظر وتحريم (تجريم هي الكلمة المناسبة) التطبيع مع الكيان الصهيوني حتى لاتستمر الممارسات العبثية من قبل ذلك الكيان وبمباركة انظمة عربية خائنة..
وتابع :"إن الهدف الاساسي من اصدار هذا القانون والأهمية التي يحملها من الناحية الوطنية والقومية هو تأكيد موقفنا الوطني والقومي إزاء القضية الفلسطينية المثمثل بالوقوف الواضح والحازم مع اشقائنا الفلسطينيين وحقهم في تقرير المصير واستعادة ارضهم السليبة واجتثاث العدو الصهيوني، وباعتقادي يجب أن يتبع اصدار ذلك القانون جملة من الاجراءات أهمها قطع العلاقات الدبلوماسية مع الأنظمة المطبعة كإجراء احترازي ونشر فكر ووعي متجدد بأهمية اصدار ذلك القانون وحث المجتمع على التعاطي مع القانون بايجابية وذلك من خلال التغطية الاعلامية المكثفة والمستمرة..
ثبات الموقف
* الكاتب الصحفي/ محمود المغربي بدوره يقول :"منذ العدوان الصهيوني على غزة أقرت صنعاء حزمة من الإجراءات القوية والفريدة وغير المسبوقة بحق الكيان الصهيوني كرد على عدوانية ومجازر الكيان بحق أبناء الشعب الفلسطيني في غزة، ومن تلك الإجراءات ما هو سياسي وما هو عسكري وما هو اقتصادي وهي خطوات تجعل اليمن في صدارة الدول العربية والإسلامية في تبني سياسة صارمة مع العدو الصهيوني وصلت إلى إعلان الحرب عليه واستهداف مدن ومواقع مختلفة داخل الكيان الصهيوني في ظاهرة هي الأولى في تاريخ العرب والمسلمين مما يجعل اليمن يغرد خارج السرب العربي والإسلامي المتخاذل حد العمالة والتطبيع والانبطاح لإسرائيل ومن خلفها أمريكا التي يسبّح بحمدها أغلب زعماء العرب..
ولفت المغربي إلى" أن قرار مجلس النواب اليمني ما هو إلا ترجمة للقرارات الدولية وإلى الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني والشرعية الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية..
حقوق مشروعة
وعن أبعاد القرار الذي اتخذه المجلس أوجزها المغربي بقوله : "يعكس القرار موقف الشعب اليمني وقيادته السياسية الرافض للتطبيع مع الكيان الصهيوني بكافة أشكال التطبيع ورفض أيٍّ منها حتى إنهاء الاحتلال ونيل الشعب الفلسطيني كافة حقوقه الشرعية والمتمثلة بحقه التاريخي في إقامة دولة فلسطينية كاملة السيادة على الأراضي الفلسطينية وعاصمتها القدس ،كما يعطي القرار قوة القانون لموقف اليمن الرافض للتطبيع مع إسرائيل، ويجعل أي خطوة في هذا الاتجاه غير قانونية وقابلة للمساءلة القانونية والعقاب، كما أن ذلك يعزز القرار الوحدة الوطنية اليمنية ويؤكد على رفض الشعب اليمني التطبيع مع إسرائيل، ويشكل القرار أيضاً دعماً قوياً للقضية الفلسطينية ويعزز وحدة الصف العربي في مواجهة السياسات الصهيونية العدوانية تجاه الشعب الفلسطيني ومؤامراتها على الدول العربية والإسلامية..
ويختتم المغربي لـ"الميثاق" بالقول : "إن ذلك يأتي كتعبير عن موقف اليمن من التحركات الإسرائيلية في المنطقة وعقد صفقات مع بعض الدول العربية والخليجية بشكل خاص، الغرض منها تصفية القضية الفلسطينية وتهجير المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني وهو ما ترفضه اليمن قيادة وشعباً ولا تقبل به ودائماً ما تؤكد القيادة السياسية في صنعاء أن القضية الفلسطينية هي القضية المركزية والمحورية لليمن والأمة العربية والإسلامية يستحيل تصفيتها أو القفز عليها بأي شكل من الأشكال ولن تسمح اليمن بالتطبيع مع إسرائيل، مهما كانت الضغوط السياسية أو الاقتصادية..
واجب ديني
* المحلل السياسي/ عبدالرقيب البليط يشير إلى أهمية هذا القانون وبدأ حديثه من جانب ديني فيقول : "يأتي أهمية قانون حظر وتجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني امتثالاً لأمر الله، الملك جل جلاله عملاً بقوله تعالى "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولا نصير"..
لذلك يعد التطبيع مع العدو الصهيوني جريمة ومعصية لله الملك جل جلاله ولقرآنه وللإسلام والمسجد الأقصى المبارك والفلسطين وشعبها، وخيانة للشعب والوطن الذي يقوم نظامه بالتطبيع مع الكيان الإسرائيلي..
ويضيف البليط : الواجب على كل الشعوب العربية والإسلامية وأنظمتها أن تعمل على إصدار قانون يجرم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي.، كما فعلت اليمن والكويت وتونس وكذلك ليبيا من خلال إصدار البرلمانات في هذه الدول قوانين تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي..
دول خانعة
ويقول البليط : بذلك تكون الدول العربية والإسلامية إذا جرمت التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وأصدرت قوانين تحث على التجريم فستكون قد طبقت الشريعة الإسلامية وتحلت بواجبها الديني والوطني والقومي في مناصرة الشعب الفلسطيني وفلسطين والمسجد الأقصى المبارك ..
واضاف :" ان ذلك يساهم ويساعد على إزالة كيان العدو الصهيوني من فلسطين والمنطقة العربية والإسلامية..
وأردف قائلاً :" مع استمرار التطبيع ستظل هذه الدول خانعة ذليلة، ومهرولة صوب التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، وتكون قد خسرت خسراناً مبينا، وساعدت هذا الكيان الغاصب والمحتل لفلسطين وشعبها وللمسجد الأقصى المبارك على الاستمرار في الاحتلال والتوسع نحو احتلال دول وشعوب عربية وإسلامية أخرى، بما فيها الدول العربية والإسلامية التي قد قامت بالتطبيع معه وغيرها ممن تسعى للتطبيع، والتي تقع ضمن مآربهم الخبيثة وأهدافهم القذرة واطماعهم الاحتلالية الاستعمارية. |
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|