الميثاق نت- نادية صالح: -
في حين تحتفل نساء العالم باليوم العالمي للمرأة، تأكيداً على حقوقها السياسية والمجتمعية، وتقديراً للدور المشهود الذي تقوم به في بناء الأوطان والحياة العامة ، وللوقوف على الإنجازات التي تحققها المرأة في شتى بقاع الأرض، إلا أن هناك واقعاً يختلف تماماً بعيداً عن نيل الحقوق وممارستها وقلة قليلة من لهن إنجازات تذكر في بلد كاليمن، حيث تعاني المرأة اليمنية كماً هائلاً من المشاكل والإرهاصات والعقبات، وأصبحت تصارع لتبقى على قيد الحياة لا أكثر.
منذ اندلاع الحرب والعدوان على اليمن في آواخر مارس 2015، شهد وضع النساء في البلد الفقير ذي المجتمع الذكوري المحافظ "تراجعاً حقيقياً"، وأضحت المرأة اليمنية أماً لشهيد وأختاً لجريح وخالة لمختطف وعمة لمفقود، بما يعني أنها تعيش وجعًا كبيرًا لا يمكن وصفه، نتيجة لاستمرار الصراع وتخندق الأطراف المتصارعة خلف آرائها رافضةً أن تقدم تنازلات حقيقية من أجل الوصول للسلام واحتراماً للشعب اليمني الذي عانى الأمرين خلال سبع سنوات من الحرب والدمار والخراب
واقع المرأة اليمنية في يومها العالمي
من القتل، إلى الفقر، إلى النزوح، قلب استمرار العدوان والحروب حياة ملايين اليمنيين رأسا على عقب، لكنّه سلبهم أيضا العديد من الحريات والحقوق.. ويشير صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن النساء خصوصا في أفقر دول شبه الجزيرة العربية، دفعن فاتورة باهظة نتيجة لذلك،
فما تتعرض له اليمن من مآسٍ وصراعات ألقت بظلالها على وضع المرأة من الناحية المعيشية وتسببت بتراجع مستوى التعليم"، وانعكس ذلك "بانتشار ظواهر كثيرة مثل الزواج المبكر"، بالإضافة إلى أن هناك تسرباً كثيراً للفتيات من التعليم بسبب صعوبة الحياة، وبسبب انتشار النزوح، وقد فقد الكثيرون مصادر عيشهم وأصبح تعليم المرأة ثانوياً وليس من الأولويات".
وبينما تناضل المرأة في بعض الدول العربية من أجل الوصول إلى حقوقها كاملة والمساواة الحقيقية وتكافؤ الفرص في الحياة العامة سياسياً ، اقتصادياً، تعليمياً، ووظيفياً، تقبع المرأة اليمنية في أسفل التصنيفات تكابد ظاهرة العنف القائم على النوع الاجتماعي التي ازدادت، ولولا أن هناك تحفظاً مجتمعياً لبرزت إلى السطح مئات الحالات والوقائع التي تثبت البؤس الذي وصلت له الحقوق والحريات في الجمهورية اليمنية، ومن خلال الواقع الذي نعيشه اليوم، نستطيع أن نقول إنه ليس بمستوى تطلعات الحركة النسوية، وإن اليمن تراجع في كل المؤشرات، وبشكل أكبر على مستوى تمكين النساء".
وتشير تقارير محلية ودولية إلى أن ما يقرب من 600 امرأة يمنية فقدن حياتهن، وإصابة نحو 900 أخريات، منذ انطلاق العدوان والحرب الدائرة في اليمن منذ ما يقارب سبعة أعوام ، إضافة إلى آلاف الانتهاكات، وحالة التهميش باستثنائهن من المشاركة في الحكومة أو وفود المفاوضات.
أمنيات وأحلام
عشرات الناشطات والحقوقيات اليمنيات عبرن عن أرائهن وأمنياتهن في اليوم العالمي للمرأة، وبهذا الصدد تقول الناشطة الحقوقية في محافظة عدن مناهل قاسم - اختصاصية علاج العنف الأسري - أصبحنا نبحث عن وطن تعيش فيه المرأة موفورة الكرامة فلا تقضي حياتها وهي أمام خزانات السبيل لتعبئة عبوات ماء بسعة الـ20 لتراً وحملها فوق رأسها لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس اللاهبة ثم تخرج للبحث عن الحطب لإيقاد النار في بلد يصدر الغاز لدول العالم ولا يجد أبناؤه ما يفي بأقل القليل من حاجتهم اليومية له
وتضيف " مدينة عدن كانت إحدى ساحات الصراع بين أطراف الحرب الذي كان له تأثير مباشر على إحداث تغييرات سواء في حياتي أو دوري في المجتمع، ففرض عليّ الصراع النزوح من منطقتي ولعب دور جديد وهو العمل النفسي تحديداً العنف الأسري، الذي تتعرض له المرأة جراء الوضع المعيشي القاسي، واستمرار تأثير الصراع حتى بعد انسحاب طرف أنصار الله من عدن في 2015، حيث شهدت عدن انفلاتاً أمنياً وانتشار الجماعات المسلحة والمتطرفة منها وزادت الحاجة الملحة إلى مواجهة تلك المظاهر وإعادة نشر ثقافة التعايش وقبول الآخر بشكل أساسي، وهذا أثر على المرأة في عدن وحريتها وحقوقها وصار وضعها في تدهور مستمر وتزايد الصعوبات على تقلص فرص المرأة على الصعيد المجتمعي والسياسي والاقتصادي..
ابتهال البعداني - ناشطة نسوية في محافظة إب - أكدت أن المرأة اليمنية تواجه الكثير من المخاطر، إلا أنها ما تزال صابرة ومكافحة ومناضلة وتحتفل بهذا اليوم الذي يمثل لها الاحترام والتقدير ويعكس كفاحها ونضالها وانطلاقتها في بناء المجتمع.
واعتبرت أن المرأة اليمنية "هي الفئة الأكثر تضرراً من الحرب الدائرة، إلا أنها لم تستسلم ولم تظهر ضعفاً".
وأضافت البعداني: أثبتت المرأة اليمنية أنها مثابرة ومناضلة، وجديرة بوقوفها مع الرجل تسانده في الجانب الطبي والصحي والاغاثي، وكسرها للحواجز التي تعيق مشاركتها للرجل في مختلف المجالات، مشيرة إلى أن معاناة المرأة اليمنية كربة بيت، تعيل أسرة لرجل في المعركة أو مفقود.
ووجهت الناشطة ابتهال البعداني رسالة لأطراف الصراع في اليمن داعية إلى "إيقاف الحرب التي دمرت البلاد والانسان"، كما طالبت العالم "بدعم صوت المرأة الداعي إلى وقف الحرب".
الحرب ليست السبب الرئيس في تهميش المرأة اليمنية
تؤكد عدد الأراء التي تحدثت بها نساء وفتيات يمنيات لصحيفة (الميثاق) أن معاناة المرأة اليمنية لم تكن يومًا بسبب العدوان والحرب التي تشهدها اليمن بقدر ما هي من القوانين الظالمة التي تدين المرأة حتى وإن كانت هي الضحية، بينما لا يتم محاسبة الرجل حتى وإن ثبتت الجريمة، وهذا ما أكدته تقارير كثيرة توثق الانتهاكات التي تعرضت لها المرأة اليمنية.
حيث تتطلع الفتاة الريفية في اليمن للحصول على حقها الكامل من التعليم؛ وذلك بسبب العادات والتقاليد المشوهة التي يعاني منها المجتمع الريفي، والذي يقف عقبة أمام مواصلة تعليم الفتاة لمرحلة الثانوية أو التعليم الجامعي لأسباب تافهة للغاية، ففي الكثير من أرياف اليمن يعيب على من تغادر قريتها فقط لأجل أن تتعلم؛ بل إن التعليم لديهم محصور في تعلم القراءة والكتابة فقط .
فالمرأة أو الفتاة في الريف حلمها الوحيد أن تكون إنسانة لها قيمتها لها رأيها لها حقوقها حتى على مسألة الزواج تتطلع الفتاة الريفية أن لا تتعرض للإجبار على الزواج فقط لأن الأب يرغب بذلك.
التزام أممي
ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في العراق واليمن، دينا زوربا، أشارت في كلمة ألقتها نيابةً عنها الإعلامية وداد البدوي، في المؤتمر السابع للمرأة الذي أقيم في محافظة عدن إلى الأوضاع الصعبة التي تمر بها المرأة اليمنية رغم الصراعات.
ولفتت إلى أن ملايين النساء اليمنيات يكافحن من أجل الحريات وحقوقهن الأساسية؛ لذا تعمل الأمم المتحدة للحد من المخاطر التي تواجههن إيماناً منا بالوصول إلى اليمنيات الأكثر تضرراً وضعفاً والعمل على تعزيز سبل العيش لديهنّ، وتحقيق المساواة اليوم من أجل غدٍ مستمر.
وأكدت التزام هيئة الأمم المتحدة للمرأة بدعم النساء والفتيات في اليمن ودعم وصولهنّ إلى صنع القرار بما يسهم في تفعيل أهداف التنمية المستديمة، متطلعةً لوجود خطط للأمن والسلام والتدخل السريع يضمن لهن المشاركة والاستقرار.
وبشكل عام، يوصف المجتمع اليمني بالمجتمع القبلي المنغلق في معظم مناطقه التي لديها معايير اجتماعية تزيد من تقييد دور المرأة والذي يفرض عليها أدواراً محددة فمثلا في الجانب الاجتماعي تقيد المرأة بعمل المنزل وتربية الأطفال فقط.. كما أن هناك مناطق تحرمها من الإرث كمنطقة يافع في محافظة لحج.. وبالنسبة للعمل خارج المنزل فيمكن السماح لها بالعمل في مجال التعليم فقط، وتمضي السنون وتتغير الحكومات والأجيال والوجوه، والمرأة اليمنية ما زالت تصرخ بأعلى صوتها وهي تبحث عن جزء من حقها المسلوب، وتنتظر إنصافًا أو أملاً تسوقه إليها الدولة أو تحمله إليها أجنحة الأمم المتحدة في بلد تُصنَّفُ فيه على أنها عورة يجب سترها، وقاصرة ينبغي إخضاعها لوصاية الأب أو الزوج.
| 
نساء اليمن.. كفاح في زمن الحرب
