موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


تحذير من تكاثر اسراب الجراد في اليمن - وقفة احتجاجية في كندا تضامناً مع اليمن وغزة - قطر تدرس إغلاق مكتب حماس في الدوحة - ارتفاع حصيلة شهداء غزة إلى 34654 - القوات اليمنية تدشن المرحلة الرابعة ضد الاحتلال الصهيوني - 3 مجازر و26 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة - عدوان أمريكي جديد على صيادين يمنيين - اليونسكو تمنح جائزة الصحافة للصحفيين الفلسطينيين بغزة - سلسلة غارات عدوانية جديدة على الحديدة - ارتفاع حصيلة الشهداء فى غزة إلى 34596 -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 09-أغسطس-2021
د‮. ‬عبدالوهاب‮ ‬الروحاني -
في صباح أحد ايام الصيف وبالتحديد في اغسطس من العام 1986م بعد عام على تخرجي من كلية الصحافة ..كنت على موعد مع فعالية رسمية وشعبية، حيث تتزاحم السيارات والحراسات المشددة على المداخل والبوابات، وانتظار موكب الرئيس..
الكلية‮ ‬الحربية‮ ‬تعج‮ ‬بالمشاركين،‮ ‬مكرفتين‮ ‬ومقبعين،‮ ‬عسكر‮ ‬وطلاب‮.. ‬قيادات‮ ‬الدولة‮ ‬والمجتمع‮ ‬يتوافدون‮ ‬إلى‮ ‬الساحة‮ ‬ببطائق‮ ‬الانتساب‮ ‬والمشاركة‮.. ‬
عند‮ ‬بوابة‮ ‬القاعة‮ ‬الكبرى‮ ‬التقيت‮ ‬بصاحبي،‮ ‬كان‮ ‬زميلاً‮ ‬لي‮ ‬في‮ ‬الصفوف‮ ‬الاولى‮ ‬بمدرسة‮ ‬الايتام‮ ‬الابتدائية‮ ‬بصنعاء،‮ ‬اصبح‮ ‬فجأة‮ ‬قائداً‮ ‬مهماً‮ ‬ومن‮ ‬الوزن‮ ‬الثقيل‮.‬
تبادلت معه التحية وبعضاً من ذكريات زمن المدرسة، شفت "الكدم" وعصا السواري، وحليب اليونيسيف، وسحاوق ام محمد التركي، وبينما كان يبدو غير مهتم بالنبش في معاناة وجوع الماضي، انهال عليَّ بأسئلة من نوع:
أين‮ ‬بطاقة‮ ‬المشاركة؟‮! ‬
واين‮ ‬درست،‮ ‬وما‮ ‬درست‮ ‬؟‮! ‬
وايحين‮ ‬تخرجت‮ ‬؟‮!‬
وماذا‮ ‬تعمل؟‮!‬
وليش‮ ‬أنت‮ ‬هانا‮ ‬؟‮! ‬ويش‮ ‬ناوي‮ ‬؟‮! ‬ومع‮ ‬من‮ ‬درست‮ ..‬الخ؟
كنت ارد على تساؤلاته بهدوء وتؤدة، وعندما اشعرتني بعض الأسئلة أنني أمام المحقق (كونان) لغوشو أوياما، ذكرته أيضاً بـ"الذرع" (الضرب) الذي كان يشل الأيدي في صباح صنعاء البارد من عصاتي الاستاذين (زبارة، والمحني) -رحمهما الله - وكانا شديدي القسوة على (الأغبياء) في‮ ‬مسائل‮ ‬الحساب‮ ‬وجدول‮ ‬الضرب‮ ‬عند‮ ‬الاول‮ ‬والنحو‮ ‬والصرف‮ ‬عند‮ ‬الثاني‮.‬
كان صاحبي القائد منتشياً بموقعه ومزهواً ببدلته وطيوره ودبوراته المعلقة على كتفيه، ونياشينه المتزاحمة في صدره .. الرجل هو من الدائرة الاقرب ، وبالتأكيد لم يكن معنياً بحماية الفعالية والمكان، لكنها القرابة وقوة العادة تحشر أنفها.
بينما كان الرئيس (رحمه الله) يدير الجلسة وأكثر من ألف من المشاركين على مقاعدهم .. كنت انا جالساً على كرسي في احد الصفوف القريبة من المنصة .. فجأة داهمني للتفتيش اربعة من حراسة زميلي (القديم) القائد الذي أصبح ذا سلطة وسطوة..
اثنان‮ ‬يقفان‮ ‬من‮ ‬الخلف‮.. ‬أحدهما‮ ‬يهمس‮ ‬في‮ ‬أذني‮ ‬وأنا‮ ‬على‮ ‬مقعدي‮ ‬ويقول‮: "‬لا‮ ‬تتحرك‮" ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬حاولت‮ ‬النهوض‮ ‬وقال‮ ‬آخر‮: ‬اسمع‮ ‬الكلام‮..!! ‬
ولم‮ ‬يكن‮ ‬لي‮ ‬الا‮ ‬أن‮ ‬أسمع‮.. ‬وبسرعة‮ ‬مربكة‮ ‬هجم‮ ‬الآخران‮ ‬من‮ ‬الأمام‮ ‬يفتشان‮ ‬في‮ ‬جوانبي‮ .. ‬يتحسسان‮ ‬حزام‮ ‬بنطلوني‮ ‬ويتفحصان‮ ‬قدمي‮..‬
اصبت‮ ‬بدهشة‮ ‬كبيرة‮ .. ‬و‮ ‬تساءلت‮ ‬عما‮ ‬الذي‮ ‬يجري‮ !! .. ‬ولِمَ‮ ‬كل‮ ‬هذا‮ ‬؟‮! ‬
أنا‮ ‬نحيف‮ ‬وأزن‮ ‬57‮ ‬كيلو‮ ‬جراماً‮.. ‬ألبس‮ ‬قميص‮ ‬نصف‮ ‬كم‮ ‬وبنطلوناً‮ ‬ليس‮ ‬به‮ ‬جيوب‮ ‬ولا‮ ‬احزمة‮ ‬ناسفة‮ .. ‬كان‮ ‬بحوزتي‮ ‬قلم‮ ‬ومسجل‮ ‬وبضعة‮ ‬اوراق‮ ‬ملفوفة‮ ‬بيدي‮..‬
كان‮ ‬في‮ ‬الموقف‮ ‬همجية‮ .. ‬اثارني‮ ‬كما‮ ‬اثار‮ ‬دهشة‮ ‬المقاعد‮ ‬المجاورة‮ .. ‬ولاني‮ ‬كنت‮ ‬خفيفاً‮ ‬وسريع‮ ‬الحركة‮ ‬كان‮ ‬بالامكان‮ ‬طلبي‮ ‬للتحرك‮ ‬إلى‮ ‬الخلف‮ ‬بإشارة‮ ‬من‮ ‬احدهم‮ ‬دون‮ ‬ازعاج‮ ‬وجلبة‮.‬
الانفعال الذي ابداه "القائد" (بالتأكيد) لم يكن بالاشتباه، فقد كان يعرف انني -على الاقل- احمل بطاقة مندوب الثورة (الصحيفة)، لكن السبب (ربما) كان حديثي البريئ، واستعادة ذكريات الغباء الذي كان في مدرستنا الأولى، ثم شعور الرجل بجرح لكبريائه وموقعه.
بمقابل هذا الموقف "الغريب" مع زميلي الذي ارتقى مرتقى صعباً وفي نفس اليوم وذات المناسبة التقيت مع قائد آخر ولكن من نوع وطراز مختلف، حارب وقاتل من أجل الثورة والجمهورية، ثم غادر السلطة ليبقى الوطن، ويبقى هو مواطناً عادياً..
ذلك كان اول رئيس للجمهورية بعد الثورة المشير عبدالله السلال (رحمة الله تغشاه)، تقدمت اليه وهو يسير في الساحة خارج القاعة، عرفته بنفسي وبمهمتي، فرحب وبدأ يتحدث معي ببساطة، ولطف، وتلقائية وكأنه يعرفني من زمن بعيد، وقال: "نحمد الله ان الثورة خرجتنا لاطريق".
قلت‮ ‬كيف؟‮! ‬
قال: كان المدرب والمهندس، والطبيب، والمعلم، والخبير في هذه الكلية وفي كل مؤسسات الدولة روسياً أو مصرياً أو عراقياً او صينياً، واليوم ابسر كلهم من حقنا، يمنيين قح، (وكان يشير الى مجموعة من الشباب بأزياء وبدلات عسكرية مختلفة).. هذا ماكنش سهل بالخالص..!!
قلت‮: ‬كنتم‮ ‬وماتزالون‮ ‬انتم‮ ‬الرواد،‮ ‬قال‮: ‬الوضع‮ ‬قد‮ ‬تغير‮ ‬والبركة‮ ‬في‮ ‬الشباب‮.. ‬
قلت‮: ‬ويش‮ ‬رأيك‮ ‬في‮ ‬اجتماعات‮ ‬المؤتمر؟‮!‬،‮ ‬قال‮: "‬العبرة‮ ‬بخواتيمها‮ ‬يا‮ ‬ولدي‮" .‬
وكتبت‮ ‬خبراً‮ ‬رسمياً‮ ‬للصفحة‮ ‬الأولى‮ ‬عن‮ ‬مشاركة‮ ‬الرئيس‮ ‬السلال‮.. ‬وعند‮ ‬عودتي‮ ‬للصحيفة‮ ‬سلمته‮ ‬للاستاذ‮ ‬الزرقة‮ ‬لإجازته‮.. ‬فقرأه‮ ‬ونظر‮ ‬الي‮ ‬مستغرباً،‮ ‬ثم‮ ‬الى‮ ‬رؤوفة‮ ‬حسن‮ ‬التي‮ ‬كانت‮ ‬تحدثه‮ ‬في‮ ‬أمر‮ ‬ما‮ ‬وقال‮:‬
‮- ‬اقري‮ ‬يا‮ ‬رؤوفة‮!!‬
وقرأت‮ ‬رؤوفة‮ ‬الخبر‮ ‬ثم‮ ‬اعادته‮ ‬اليه‮ ‬مبتسمة‮ ‬دون‮ ‬تعليق‮ ‬،‮ ‬فقال‮ ‬موجهاً‮ ‬كلامه‮ ‬الي‮:‬
‮- ‬هذا‮ ‬كان‮ ‬رئيساً‮ ‬يا‮ ‬عبدالوهاب‮ !!‬
‮- ‬قلت‮: ‬وانا‮ ‬اخذت‮ ‬منه‮ ‬التصريح‮ ‬لانه‮ ‬كان‮ ‬رئيس‮ ‬دولة‮ ‬يا‮ ‬استاذ‮ ‬محمد‮ .‬
‮- ‬قال‮ ‬مقهقهاً‮.. ‬انت‮ ‬متأكد‮ ‬ننشره‮ ‬،‮ ‬خلاص‮ ‬ينشر‮ ..!!‬
ونُشر‮ ‬في‮ ‬الصفحة‮ ‬الاولى‮ ‬رغم‮ ‬المحاذير‮ ‬التي‮ ‬كان‮ ‬يعرفها،‮ ‬وكنت‮ ‬انا‮ ‬ادركها‮.. ‬فهو‮ ‬رئيس‮ ‬سابق‮ ‬في‮ ‬بلد‮ ‬كاليمن‮ ‬،‮ ‬وتصريحه‮ ‬كان‮ ‬ينطوي‮ ‬على‮ ‬تلميح‮ "‬والامور‮ ‬بمخواتيمها‮" ..‬
ومن‮ ‬عام‮ ‬لعام،‮ ‬ومن‮ ‬اغسطس‮ ‬الى‮ ‬اغسطس‮ ‬آخر‮ ‬تتجدد‮ ‬المناسبات‮ ‬وتتغير‮ ‬الشخوص‮ ‬والاحداث‮ ‬و‮"‬العبرة‮ ‬بخواتيمها‮".‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
شوقي هائل.. الشخصية القيادية الملهمة
راسل القرشي

ضبابية المشهد.. إلى أين؟
إياد فاضل*

"الكوتشينا".. على الطريقة الإيرانية..!!
د. عبدالوهاب الروحاني

أبوراس.. موقف مشرّف مع القضية الفلسطينية
سعيد مسعود عوض الجريري*

" غَزَّة ".. كاشفة
أحمد الزبيري

حتى لا يصبح بلد الحكمة منسياً وفاشلاً.. “دعوة للحوار والسلام”
عبدالله الصعفاني

حب الوطن أغلى من المال
عبد السلام الدباء

ماذا تفعل البحرية الهندية في البحر الأحمر؟
منذر سليمان

دولة العدل والمساواة
علي القحوم

عنتر أبو "الجَلَن" !!
عبدالرحمن بجاش

اليمن على مدار السرطان!!
علي أحمد مثنى

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)