موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الثروة السمكية تحذر من مخالفة قرار "حظر الجمبري" - صنعاء.. حشد جماهيري كبير مع غزة ولا خطوط حمراء - إسقاط طائرة أمريكية في أجواء مأرب - بيان هـام صادر عن وزارة الإتصالات - أبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة - وسط تهديد بتشديد الحصار: الجوع.. سلاح ضغط أمريكي على صنعاء - تربويون وأكاديميون لـ"الميثاق": تحصين الجيل الجديد بأهمية الوحدة اليمنية ضرورة قصوى - الوحدة اليمنية خيار شعب ومصير وطن - الأمين العام يعزي بوفاة الشيخ عبدالكريم الرصاص - الأونروا: 600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح -
مقالات
الميثاق نت -

الإثنين, 09-مارس-2020
عمار‮ ‬الأشول‮ ‬ -
تَشهد بعض المجتمعات العربية، تَحوُّلاتٍ عدّةً في التفكير وفي التدبير وفي المعرفة؛ ما يُفْضي إلى التغيير في نمط العيش وممارسة الحياة. ولكن، لماذا بعضٌ منها يتقدّم خطوة، وبعضها الآخر يتراجع خطوات؟! هل سبَبُ هذا التغيير مرتبطٌ بتَغيُّر فكر الحاكم، أمْ بتغيُّر مفاهيم النظام، أمْ بتغيُّر النظام برُمّته، أمْ هو عائدٌ إلى تَغيُّر المجتمع ذاته، لِيَجد الحاكمُ أو النظام نفسه مُجبَرًا على الاعتراف بهذا التغيير وإقراره؟ في كِلْتا الحالتَين قد نصل إلى الجدلية التي تسأل: أيُّما أكثرُ تأثيرًا في واقعنا العربي اليوم: "الناس‮ ‬على‮ ‬دِين‮ ‬مُلوكهم‮"‬،‮ ‬أمْ‮ "‬كيفما‮ ‬تكُونوا‮ ‬يُوَلَّ‮ ‬عليكم‮"‬؟
لا شك أنه كثيرًا ما تنعكس أفكار الحاكم ومعتقداته، على إنتاج منظومة الحكم. وهذه المنظومة غالبًا ما تُنتِج مجتمعًا، معظَمُه يستنسخ أفكار حاكمه ومعتقداته. هذا بطبيعة الحال، نجده في الأنظمة الشمولية التي تحاول فرض سلطتها على المجتمع، وتعمل على السيطرة على كافة‮ ‬جوانب‮ ‬الحياة‮ ‬الشخصية‮ ‬والعامة،‮ ‬كالإيديولوجيا‮ ‬والاقتصاد‮ ‬والتعليم‮ ‬والفنِّ‮ ‬والمهن،‮ ‬حتى‮ ‬أخلاقيَّات‮ ‬المواطنين‮/‬ات‮. ‬لكننا‮ ‬قلَّما‮ ‬نجده‮ ‬في‮ ‬الأنظمة‮ ‬الديمقراطية‮.‬
في المقابل، لا شك أيضًا أن الشعوب تُحْدث تأثيرها في الحاكم وفي نظام الحكم عمومًا؛ ما يعكس تغييرًا إيجابيًّا على حياتها وحريتها، ويحقّق الرفاهِيَة التي تصبو إليها. ولكنَّ ذلك يكُون سهلًا وسلسًا وغير مُكلِّف في الأنظمة الديمقراطية؛ أمّا في الأنظمة الشمولية أو‮ ‬حُكم‮ ‬الفرد،‮ ‬فإنّ‮ ‬تَكْلفة‮ ‬التغيير‮ ‬تكون‮ ‬باهظة،‮ ‬وقد‮ ‬تصل‮ ‬أحيانًا‮ ‬إلى‮ ‬استبدال‮ ‬نظام‮ ‬شمولي‮ ‬بنظام‮ ‬أكثر‮ ‬شمولية‮ ‬منه،‮ ‬وهو‮ ‬ما‮ ‬تشهده‮ ‬برأيي‮ ‬بعض‮ ‬الأقطار‮ ‬العربية‮.‬
تاريخيًّا -على سبيل المثال-، كانت ما عُرِف بالأندلس مسيحيّة. وعندما حكَمها المسلمون تأسْلمَت، ثم عادت إلى مسيحيَّتها بعد خروج الحكم الإسلامي منها. لكنها -تضمُّ حاليًّا إسبانيا والبرتغال- تتبنّى اليوم النظام الديمقراطي، الذي يكفل الحقوق والحريّات، ومنها حرية المعتقد، وتَقْبل وجودَ كنيسة بقرب جامع أو مَعبد؛ إذ لم يعُدِ الحاكم فيها يَفرض سلطته على حرية الآخرين كما فرضها الحُكّام الأوائل، سواءٌ المسلمون أو المسيحيون، ولم يعُدْ يتعدّى دورُه إطارَ المنافسة مع خصومه السياسيين، في تقديم الكثير من الحريات، مِن ضِمنها‮ ‬حرية‮ ‬الفكر‮ ‬والاعتقاد‮.‬
إنّ عملية التغيير نِتاجُ إرادة مجتمعية، قبْل أن تكُون إرادة سياسية. فثقافة الشعوب ووعْيُها، هي مَن تصنعهما، وذلك بالتوافق والتوازي مع قناعات الحاكم. ومِن الخطأ اعتقادُ أنَّ التغيير يتحقق بمجرَّد تغيير رأس الحكم فقط، أو بمجرد إصدار السلطة قانونًا أو دستورًا يقضي بالإصلاح، بل إنه لا بد من إعادة النظر في الأفكار والعادات والمعتقدات البالِيَة، التي لا تنسجم مع واقع اليوم، قبْل التفكير في تغيير النظام السياسي، أو الإقدام على إصلاحات اجتماعية مِن قِبل السلطة، دون تهيئة ثقافية أو فكرية لها.
التغيير المفروض مِن قِبل الحاكم، دون تهيئة الأرضية المناسبة له، يُعدُّ تغييرًا ناقصًا، لا سيَّما إذا ما جاء بقرار سلطوي، وليس تلبية لمَطالب ورغبات شعبية. ثم إنَّ سعْيَ النُّخب إلى إحداث التغيير دون تهيئة المجتمع له، قد يؤدِّي إلى نتائج عكسية. فبدلًا من استيعاب فكرة الإصلاح، ينقسم المجتمع، وقد يصطفُّ مع الحاكم، أو يُنتِج حاكمًا أسوَأ منه. وكما يؤكِّد الشيخ محمّد الغزالي، فإنَّ: "العمل الصعب هو تغيير الشعوب؛ أمّا تغيير الحكومات، فإنه يقَع تلقائيًّا عندما تريد الشعوب ذلك".
إنّ عملية التغيير مُركّبة ومترابطة، وليست بمعزلٍ عن الوعي الكامل بها. ثم إنها ليست بتلك السهولة والخِفّة، التي يمْكن من خلالها تحقيق التطوير والإصلاح بِعَصًا سحريَّة، بل تحتاج إلى التوافق المجتمعي، وتهيئة الظروف الاجتماعية والسياسية اللازمة لتفعيلها. فأكثرُ‮ ‬ما‮ ‬يُعيقها‮ -‬كما‮ ‬يقول‮ ‬غوستاف‮ ‬لوبون‮ ‬في‮ ‬كتابه‮ "‬سيكولوجية‮ ‬الجماهير‮"-: "‬العقليَّات‮ ‬المتحجّرة‮ ‬التي‮ ‬تأخذ‮ ‬وقتًا‮ ‬طويلًا‮ ‬جدًّا‮ ‬قبْل‮ ‬أن‮ ‬تتغيّر‮".‬
أيضًا لا بد من التمييز بين التغيير الجوهري والتغيير الشكلي. فالأوَّل نابعٌ من الداخل، ونتائجه تنعكس على الحريّة بمفهومها الكبير والواسع، بدءًا من حرية الرأي والفكر والمعتقد، وليس انتهاءً بحُكم الشَّعبِ نفسَه بِنفسه. أمَّا التغيير الشكلي، فلا يتعدى عن كَونه انفتاحًا مستورَدًا أو مُعلّبًا يُفرَض على المجتمع، كما سبَق أنْ فُرض عليه التشدُّد من قبْل. وهو انفتاحٌ مؤقّت، قد يتغيّر بتغيُّر مزاج الحاكم، ليجد المجتمعُ نفسَه، وقد وقع في انفصام في صيغة التطبيق لكلْتا الحالتَين؛ إذ بقدر ما يكون فرض التشدّد سيّئًا، فلا يقل‮ ‬عنه‮ ‬سوءًا‮ ‬فرض‮ ‬الانفتاح‮ ‬بالقوّة‮.‬
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)