استطلاع/عبدالرحمن الشيباني - مقارنةً بدول كثيرة في المنطقة لم تكن اليمن قد شهدت هذا المستوى الذي نراه اليوم من انتشار المدارس والجامعات والمعاهد سواءً أكانت حكومية أو أهلية »خاصة« لعدة أسباب يعرفها الجميع وفي خضم هذا التنامي وبعد أكثر من عقدين ونصف من انشاء أول جامعتين حكوميتين في اليمن هما جامعتا عدن في العام 1970م وجامعة صنعاء في العام 1972م بدأ التعليم الأهلي في اليمن يرى النور بتأسيس أول جامعة خاصة هي جامعة العلوم والتكنولوجيا في العام 1994م.
بعد ذلك توالت انشاء الجامعات في ظل الحاجة الملحة لملء الفجوة في قطاع التعليم الذي اصبح أعداد الدارسين من الجنسين في تزايد وبشكل مضطرد الأمر الذي حدا بقطاع واسع من رجال الاعمال والمستثمرين للدخول في هذا القطاع الحيوي المهم نظراً لما تدره هذه الجامعات من أرباح طائلة ومضمونة على أصحابها، وزاد من هذا التنافس ظهور جامعات ومعاهد وكليات أخرى بالاضافة الى تدني وتراجع مستوى التعليم في الجامعات الحكومية التي هي ايضاً بدورها فتحت اقساماً للتعليم الموازي مرجعة السبب الى استيعاب المزيد من الطلاب الذين لم يتم قبولهم أو لعدم اجتيازهم اختبار القبول في الكليات التي يريدون دخولها والتي يدفع الطالب أيضاً رسوم دخول اختبارات القبول حيث تتخلل هذه الاجراءات العديد من التجاوزات وتحت مسميات عدة ووساطات تأتي من جهات عليا لقبول بعض الطلاب الذين يفتقرون حتى للشروط الأدنى لعملية القبول ناهيك عن لوائح الجامعة في هذا الشأن لينتهي البعض منهم الى اختيار »التعليم الموازي« كاختيار اجباري لهم أو الذهاب لجامعات خاصة تكون حينها الكلفة باهظة جداً.
بقالات وجامعات
وأنت تسير في الشارع تعتريك دهشة كبيرة بسبب عشرات اليافطات والاعلانات المختلفة لجامعات أصبحت الواحدة تفقس العشرات منها تزاحم بذلك البقالات والمولات وتروج لما تسميه بالتخفيضات الهائلة في رسوم التسجيل وتتفنن في مخاطبة المجتمع بعبارت منمقة محفزة، وما عليك حينها إلا أن تقتنص هذه الفرص ومع مرور الوقت تكتشف هذه الحيل الماكرة والخداع المغلف بعبارات ما أنزل الله بها من سلطان وحتى لا نُتهم بالتحريض فهناك جامعات على ندرتها تكون عند المستوى المطلوب في جاهزيتها والى حد ما تكون ملائمة لبيئة تعليمية صحيحة، للأسف تحول التعليم في بعض الجامعات اليمنية »الخاصة« الى سلعة الهدف الرئيسي من ذلك هو الربح لا غير فكيف يمكن أن نفسر امتناع بعض الجامعات ومماطلتها وتسويفها في اعطاء الطالب أوراقه لأنه يريد النقل من تلك الجامعة لأخرى أقل تكلفة وإذا ما أصر الطالب يجد نفسه راسباً كنوع من لي الذراع وعقاب لأنه فكر في النجاة بجلده من سوط هذه الجامعات التي ألهبت ظهره.
خرق اللائحة
بعض الجامعات الأهلية كانت ساحاتها على موعد مع وقفات احتجاجية قام بها بعض طلبة هذه الجامعات احتجاجاً على فرض إداراتها رسوماً اضافية على طلابها رغم ذلك أكدت ادارة تلك الجامعات استحالة التراجع عن فرض مجلس الأمناء فيها إلغاء الرسوم أو حتى تخفيضها وهو ما كان مطلب هؤلاء الطلاب الذين يقولون إنهم تفاجأوا بها ولم تكن موجودة في لوائح الجامعات ولا في لائحة وزارة التعليم العاليم التي تمنع فرض رسوم اضافية من قبل أي جامعة أهلية دون التنسيق أو الرجوع للوزارة وهذا يعد خرقاً واضحاً للائحة والقانون، بعض الطلاب أكدوا لـ»الميثاق« ان جامعاتهم فرضت رسوماً غير قانونية وليست موجودة في اللوائح في سنة الامتياز والتي تكون آخر مرحلة في الدراسة يتم التطبيق فيها في المستشفيات والمراكز الأخرى وتفاجأنا بفرض رسوم باهظة جداً قدرها 750 دولاراً وعند ذهابنا لمعرفة حقيقة هذا الأمر اكتشفنا أن المبلغ لا يتجاوز الـ15 ألف ريال.
شهادات طلابية
ويمضي الطلاب في شكواهم بالقول نحن خريجين ومع ذلك تفرض علينا رسوم أنشطة طلابية 5 دولارات ومثلها رسوم بطاقة طالب وهو خريج 130 دولاراً ورسوم شهادة 30 دولاراً رسوم تصوير طبق الأصل للشهادة كشف درجات الطالب من 30 الى 50 دولاراً، هناك جامعات لا تطلب هذه الرسوم وان كانت هناك رسوم فهي رمزية جداً.. كانت الرسوم في السنة 1500 دولار في السنة الآن ارتفعت الى 2300 دولار، هذه مبالغ باهظة جداً.. جامعات أخرى تطلب أقل من ذلك قمنا بتقديم شكوى لوزارة التعليم العالي والتي بدورها تجاوبت إلا أن صيغة الرسالة لم تكن توجيهاً صريحاً بل كانت عبارة عن طلب بتخفيض الرسوم لم تتفاعل مع ذلك تلك الجامعات وهذا قصور من جانب الوزارة بهذا الشأن.
الطلاب الذين تحدثوا مع »الميثاق« أضافوا: بداية هذا الموضوع أننا سجلنا على أساس أنها أربع سنوات لنتفاجأ في آخر سنة لنا أن فرضوا سنة امتياز وفرضوا علينا رسوم ترم »فصل« 750 دولاراً هذا المبلغ كبير جداً لا نستطيع دفعه.. الله وحده كم عانينا من أجل دفع رسوم دراستنا، قمنا بمراجعة إدارات الجامعات لكن للأسف لم يتم التجاوب معنا واكتشفنا لاحقاً أن تلك الجامعات تعطي المستشفيات والمراكز التي نطبق فيها مبالغ رمزية جداً، وللأسف لم يتجاوب معنا أحد حتى هذه اللحظة حتى وزارة التعليم العالي وفوق هذا كله أيضاً حجزوا أوراقنا من افادات وشهائد وكشوفات الدرجات حتى نسلم المبالغ التي يطالبوننا بدفعها.
الصحيفة التقت مع بعض المسئولين في رئاسات عدد من الجامعات التي يشتكي الطلاب من تعسفاتها في هذا الجانب فكان الرد مقتضباً ومتضمناً للنفي.. بل أكدوا أن من حق الجامعات أن تفرض الرسوم التي تريدها وانه لا توجد لائحة بهذا الشأن بالرغم من أن أحد المسئولين البارزين في وزارة التعليم العالي أكد للصحيفة وجود لائحة بهذا الشأن وان هناك خرقاً لها من قبل بعض الجامعات شاكراً في الوقت نفسه الجامعات التي مازالت ملتزمة بذلك.
قانون مقيد
حيث أكد لـ»الميثاق« أن هذه الرسوم متفق عليها في كل الجامعات حتى يعرف الطالب ما له وما عليه لكن يفاجأ الطالب في سنة رابعة أو خامسة برسوم جديدة اضافية ويصف ذلك بالظلم والجباية غير القانونية ويضيف بالقول: القرارات التي تصدرها الوزارة للأسف لا تلتزم بها بعض الجامعات خذ مثلاً رسوم الامتياز قمنا بعمل رسالة وقلنا إن ذلك الأمر خارج اللائحة، وعن سبب عدم امتثال بعض الجامعات لما تصدره الوزارة من قرارات قال: الوزارة ليست لديها قوة صارمة وجهة منفذة للضبط بالرغم من ان القانون حدد ذلك أسوة بوزارة التربية والتعليم التي تشرف وتضبط العملية التعليمية في المدارس، ويضيف: بعض المدرسين في هذه الجامعات لا يحملون شهادة الدكتوراه وأغلبهم من حاملي شهادة البكالوريوس أو من خريجي المعاهد العليا المفترض أن يكونوا دكاترة في تخصصاتهم ولا يقلون عن ذلك بل ان بعضهم معيدون وفنيون.. ويستطرد بالقول: وزارة التعليم العالي جهة مشرفة تنظم عمل هذه الجامعات ويفترض ألا تقوم هذه الجامعات برفع أي رسوم ويعترف هذا المسئول الذي طلب عدم ذكر اسمه لـ»الميثاق« أن مخرجات التعليم سواءً أكانت الحكومية أو الخاصة ليست على ما يرام لأن الهدف المادي اصبح هو الأساس بحيث طغى الكم على حساب الكيف ما أدى الى اختلالات كثيرة.. داعياً الدولة الى تدارك الأمر ووضع استراتيجية وطنية فيما يخص التعليم وقال: إن هذه الجامعات تقذف بأنصاف متعلمين حيث تشهد الكثير من قطاعات الدولة اختلالات كثيرة وتدهوراً في تقديم الخدمات خصوصاً فيما يتعلق بالجانب الصحي الذي اصبح في الحضيض ساهمت فيه هذه المخرجات..
ويختتم حديثه للصحيفة بالقول: حتى لا يقول أحد إننا متحاملون على أحد فقد كنت شاهد على عمل هذه الكوادر التي تسببت في تدمير أسرة بكاملها فبعد أن أجرى أحد هؤلاء المخبريين فحصاً لأحد النساء فأجاب الأسرة بأن زرجته تحمل فيروس نقص المناعة »الايدز« فجن جنون الرجل وقام بتطليق زوجته وبعد اجراء فحص آخر تبين أن المرأة سليمة وكنت شاهداً على تلك الحادثة وهي تأتي ضمن حوادث كثيرة.
سياسة مفقودة
يمر التعليم في بلادنا بمرحلة خطيرة وكأن الرجل يدق ناقوس الخطر في هذا الشأن والحقيقة أنه في ظل عدم وجود سياسة تعليمية واضحة فإن هذا النزيف سيستمر والملاحظات أيضاً أن الفجوة تتسع بين عمل وزارة التعليم العالي وهذه الجامعات التي أغلبها لا تلتزم بلوائح الوزارة ولا حتى بلوائحها الداخلية فتقوم بفرض رسوم اضافية خصوصاً على طلاب السنة الأخيرة الذي يضطر البعض منهم للدفع لكي يتسنى له تقديم أوراقه للجهة التي يريد العمل بها.. ضعف وتراخي الرقابة على عمل هذه الجامعات شجعها على استمرار ابتزاز طلابها واجبارهم على دفع اموال أخرى يقول الطلاب انهم باعوا أعز ما يملكون حتى يتسنى لهم تلقي تعليم جيد ليفاجأوا بتلك الممارسات.. على الدولة ألا تقف متفرجة فقط وأن تقوم بواجباتها وايقاف هذا العبث.
|