د/عادل الشجاع -
في إطار تطبيق برنامج رئيس الجمهورية الانتخابي كان لا بد من إشراك المواطن بصورة أساسية في المجالس المحلية في اتخاذ القرارات وتنفيذها والمساءلة عنها.
ويقع على عاتق وزارة الإدارة المحلية ووزيرها الناجح عبء كبير في ترجمة ذلك من خلال إعداد مؤشر للتنافس المحلي بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة بهدف تنمية الاستثمار.
إن برنامج رئيس الجمهورية ومبادرته للإصلاح السياسي جاءت تلبية للمتغيرات التي تحكم العالم، فمسألة اتخاذ القرار وتنفيذه والمساءلة عنه تكون أقرب ما تكون للمستفيد أي المواطن، فلا بد من أخذ رأيه بوصفه المستفيد من خدمة التعليم والصحة والكهرباء، فهذه الخدمات كلها ذات طبيعة محلية وتختلف من منطقة لأخرى.. فخدمة التعليم لا بد أن تعكس طبيعة المجتمع، فالمحافظات الحضرية غير المحافظات الريفية، فلا بد من ربط المنهج بالمكان الذي يعيش فيه المواطن، فالتعليم يعد وسيلة فعالة لنقل ثقافة المجتمع المحلي، لا بد أن نجعل الإنسان اليمني أكثر ارتباطاً بالمجتمع وأكثر قدرة على الانصهار فيه والاستفادة من خصائصه.
إن اللامركزية ستحد من الفساد وستوسع من مشاركة الناس بصورة إيجابية وستحد من مساوئ الهجرة الداخلية وستعيد توزيع الثروة والاستثمارات، واللامركزية ستحدد احتياجات الناس من الخدمات المختلفة، كما أن السلطة المحلية سيكون لديها حافز لترشيد الإنفاق العام والمشاركة. كلنا ندرك أن مدخل الإصلاح يبدأ من شعور المواطن بأن المال العام هو ماله وأنه يجب أن يحافظ عليه ويعمل على ترشيده والبحث عن موارد جديدة لتعزيز الإيرادات العامة.
وعلينا أن نفرق بين نقل السلطة إلى المواطن ونقلها إلى المجلس المحلي، فالمواطن لا يمارس السلطة بنفسه وإنما من خلال المجالس المحلية، وهنا يتم تفعيل دور المجتمع المدني.. إن تطبيق مثل هذه المعايير سيجعل سلطة اتخاذ القرار أقرب ما تكون للمواطن، وستكون وزارة الإدارة المحلية هي الجهة الرقابية التي تحافظ على سلامة النظام وتتأكد من التطبيق الكامل للسياسات والاستراتيجيات والمعايير القوية.
ونحن نعلم أن القرارات التي تتعلق بالتعليم قبل الجامعي وإنشاء مدارس ابتدائية جديدة، أو إضافة فصول جديدة هي قرار محلي أفضل من كونه قراراً مركزياً وأفضل مكان يمكن اتخاذه فيه هو المجتمع المحلي، إضافة إلى ذلك يستطيع المجتمع المحلي المفاضلة ما بين خدمة التعليم أو إنشاء وحدات صحية أو خدمات رصف الطرق.
ونحن على ثقة بأن الأخ وزير الإدارة المحلية قد أدرك أن التحول من المركزية إلى اللامركزية يستتبعه تغيير في العلاقات المالية الحالية، وهذا يعني أن وزارة المالية لا بد أن تنقل مثل هذه الصلاحيات إلى السلطة المحلية لأنه لا يمكن اتخاذ القرارات وتنفيذها دون وجود سلطات مالية وموازنة خاصة لكل محافظة على حدة.
إن اللامركزية تعني أن الوزارات تحول الميزانية للسلطات المحلية التي تعيد ترتيب أولوياتها في ضوء المعايير الوطنية ووفق خطة التنمية المحلية.
إن مثل هذه السياسة ستجعل السلطة المحلية قادرة على إنشاء أوعية مالية وموارد إضافية وستكون قادرة على زيادة مواردها المحلية والتحكم بصرفها.. ويمكن للمواطن أن يناقش في كل ذلك أولوياته بمزيد من الوضوح والشفافية.
إن السلطة المحلية ستكون لديها القدرة على الرقابة على الأجهزة التنفيذية في مختلف مستوياتها، لأن السلطة المحلية هي المعنية بجودة الخدمات المحلية وهي المسؤولة عن توفير هذه الخدمات المقدمة للمواطنين، ولا يعني ذلك أن السلطة المحلية ستعمل بمعزل عن السياسات العامة، وإنما لا بد أن تعمل وفق التخطيط المحلي الذي يتطابق مع الاستراتيجيات العامة.
كل ذلك سيجعل المحليات تتنافس في تحفيز بيئة استثمارية من خلال التسهيلات وتجاوز التعقيدات التي أفرزتها المركزية وسيوسع ذلك من الفرص الاستثمارية في مختلف مناطق اليمن وتنمية ثقافة الاستثمار.
إن الاستثمار يحتاج إلى توفير الخدمات العامة ويحتاج إلى أن تكون المنطقة مستعدة لاستجابة ومعرفة أهمية وتسهيل الإجراءات، فاللامركزية ستجعل المجتمع المحلي يشعر بأنه مسؤول عن جودة الحياة في المنطقة ويشعر كل مواطن بضرورة الالتزام بتنمية الاستثمار في مجتمعه.المطلوب من وزارة الإدارة المحلية بالتنسيق مع وزارة التجارة والصناعة ووزارة المالية وضع برنامج يقيس دور المحليات في تنمية الاستثمار، والبرنامج هو مبادرة فكرية تعمل على تحفيز بيئة الاستثمار والتنافس بين السلطات المحلية وقياس قدرة الأجهزة المحلية الشعبية والتنفيذية على تقديم الخدمات العامة وتحسين جودة الحياة، إضافة إلى تسهيل بيئة الأعمال من حيث إتاحة الخدمات للمستثمرين وتقديم حلول للمشكلات التي تواجه المستثمرين.
عن الثورة