عباس غالب -
أتفق مع الزميل نصر طه مصطفى في تأكيده ما يلزم التأكيد عليه من أن أية معارضة تحترم نفسها لا يمكنها قبول الاشتراك في أي نشاط ديمقراطي في دولة تشكك أساساً بمشروعية نظامها السياسي خاصة إذا ما عرفنا أن فريق أحزاب «المشترك» يركز في خطابه السياسي والإعلامي على تأجيج المشاعر للانقلاب على النظام السياسي القائم الذي فوضه الشعب في انتخابات تعددية ديمقراطية جرت بنزاهة وشفافية ومشاركة حقيقية من كافة الأحزاب بما فيها «المشترك» في سبتمبر العام 2006م..
والمعارضة المحترمة لا تقتصر مواقفها على الانسحاب من نظام لا ترى أية شرعية لوجوده، بل إن واجبها الأخلاقي يحتم عليها أن تنأى بنفسها عن الدخول في مناكفات تمس الثوابت الوطنية ومنها الوحدة.
في الحقيقة وأنا أتابع أطروحات المعارضة في أكثر من بلد ديمقراطي فإنها تركز على اختيار مواقفها الرافضة أو المؤيدة من جملة السياسات التي تتخذها حكومات الأغلبية في هذه الدول، وليس من التشكيك في شرعية الأنظمة القائمة دستورياًَ.
وبحسب قراءتي هذه لم يحدث مثلاً أن نادت المعارضة داخل مجلسي النواب والشيوخ الأمريكي بمطالبة استقلال ولايات أمريكية لمجرد الأخطاء الاستراتيجية للحزب الجمهوري في شن الحرب على العراق!!.
وحتى في أكثر التجارب الديمقراطية حداثة في أفريقيا لا يمكن أن تتنصل المعارضة فيها عن أي حوار جاد ومسؤول تنادي به الأنظمة والحكومات الدستورية، حيث تكون هذه المعارضة في مقدمة القوى السياسية استجابة لما يتطلبه الحوار من تبادل وجهات النظر والأفكار والرؤى التي تحقق أبلغ الأهداف لقوى المعارضة والموالاة على السواء ألا وهو الاستقرار والسلام الاجتماعي الداخلي والالتقاء على قواسم الدفاع عن الثوابت.
وفي واحدة من أخطاء أحزاب «المشترك» الاستراتيجية إيمانها المطلق باستحالة الحوار مع «الحاكم» لقناعات مسبقة غير محكومة بآداب وثقافة الحوار مع الآخر، ولقد وجدنا هذا المنطق الغريب في رفضها المتعدد للحوار، أو تنصلها غير المبرر للاستجابة لمتطلبات الحوار في أكثر من مناسبة وبخاصة قبل وخلال اطلاق المبادرة الرئاسية لتطوير النظام السياسي.
وهي المبادرة التي احتوت في مضامينها جانباً كبيراً من البرنامج الانتخابي للأخ الرئيس/علي عبدالله صالح خلال حملته الانتخابية في سبتمبر 2006م.. بل إن كثيراً من مضامينها تتفق مع مطالب وثيقة «المشترك» للإصلاح وما طرحه برنامج مرشحها في هذه الانتخابات «بن شملان» وبخاصة فيما يتعلق بإقامة الحكم المحلي.
وإذ يدور اليوم سجال في المجتمع ومؤسساته الدستورية إزاء التعديلات الدستورية لتطوير النظام السياسي ذي النقاط العشر؛ فإننا نرى «المشترك» يخوض سجالاً لرفض التعديلات وهو نفس الموقف الرافض لشرعية النظام السياسي في آن واحد!.
حقاً إنه منطق لا يستقيم مع العقل، ولكن ثمة من يتصور في المعارضة أنه «جاب الديك من ذيله»!!.
عن صحيفةالجمهورية