أحمد الرمعي -
استقبل الشعب اليمني شهر رمضان المبارك بنفس الطقوس وبنفس الشموخ والإباء وعزة النفس، والاصرار على أن يعيشوا حياة حرة كريمة أو يموتوا مرفوعي الرأس دون أن يفرطوا بوطنهم.. تكتض شوارع العاصمة صنعاء وبقية المدن بالناس المتسوقين أو المتجولين بثقة الرجال الكبار والنساء الماجدات غير مكترثين بأوجاعهم وما أكثرها وما يزالون يقفون كجبال اليمن بشموخ في إصرار على هزيمة العدوان والتضحية بالغالي والنفيس من أجل انتصار إرادة الشعب اليمني.
ترتدي مدن وقرى اليمن السواد للعام الثالث حزناً على عشرات الآلاف من فلذات الأكباد الذين قُتلوا غدراً من قبل السعودية.. مدن وقرى تعيش ليالي رمضان بدون كهرباء وبدون ماء.. وبدون مرتبات وبدون.. الخ، ومع ذلك إرادة اليمن تزداد صلابة وقناعة وإصراراً على هزيمة أبشع عدوان يتعرض له الشعب اليمني.. صحيح كل شيء حولنا يلفه الحزن، غير أن قناعة الجميع بعدالة وقداسة معركة شعبنا تجعل الثقة بالنصر بمثابة القوة الروحية التي تجعل شوارع اليمن هكذا لا تعرف الانكسار.
مشاهد تثير الفخر والاعتزاز والاطفال يناقلون المياه الى منازلهم نهاراً، وليلاً يرددون زوامل ويلعبون ويلهون في عالم يصيغونه بعيداً عن طبخات الغزاة والمستعمرين.. صحيح الاسعار والفساد قصم ظهور مئات الآلاف من الأسر اليمنية، لكنها تقاوم وصامدة تترقب فجر الانتصار.
قداسة شهر الله وحرمته لم تحرك ضمائر مدَّعي الاسلام، ممن يوغلون في ارتكاب المجازر بحق الشعب اليمني -اطفالاً ونساءً وشيوخاً- ودمروا البلاد والممتلكات دون رادع او وازع ديني او شرعي او اخلاقي وسط صمت عربي ودولي إزاء استمرار ما ترتكبه السعودية من مجازر.
يأتي شهر الرحمة والمغفرة والتسامح، والعدوان السعودي على اليمن الجريح مستمر للعام الثالث حيث سقط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح مع تدمير المنشآت الحيوية والاقتصادية والحياتية وأضرار تصل الى مئات المليارات من الدولارات.
يستقبل اليمنيون شهر رمضان المبارك للعام الثالث على التوالي في ظل اوضاع انسانية كارثية، فلم يكتفِ العدوان بالقتل والتدمير للانسان اليمني ولبنيته التحتية بل عمل جاهداً على تجويع هذا الشعب من خلال إيغاله ومرتزقته في فرض حصار جائر -جواً وبراً وبحراً- ليكمل مخططه الاجرامي بنقل البنك المركزي من العاصمة صنعاء الى مدينة عدن المحتلة، مما تسبب في حرمان الموظفين من تسلم رواتبهم منذ اكثر من ثمانية اشهر، الأمر الذي فاقم من معاناة الناس وكدر معيشتهم واسرهم.
مشهد قاتم يخيم على اليمنيين وهم يستقبلون شهر رمضان للعام الثالث في ظل هذا العدوان البربري الغاشم الذي تقوده مملكة الشر السعودية.
يستقبلون شهر رمضان في ظل استمرار نزيف الدم فهناك عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، وهناك آلاف الامهات الثكالى وآلاف الأرامل.
يستقبل اليمنيون رمضانهم الثالث في ظل مايقارب اربعة ملايين نازح أجبرهم العدوان ومرتزقته على مغادرة بيوتهم.. انعدام في الخدمات وتفشٍّ للأوبئة والأمراض الفتاكة التي أودت بحياة الآلاف من اليمنيين بسبب النقص الحاد في الأدوية والغذاء.
نستقبل رمضان في الوقت الذي انعدمت فيه الخدمات ونقص في الغذاء وهناك أكثر من 20 مليون يمني يعيشون تحت خط الفقر.. بل إن بعض الأسر أصبحت تأكل وجبة واحدة في اليوم نظراً لما يسببه العدوان والحصار من تفاقم للأوضاع الإنسانية.
هذه المآسي رصدتها تقارير المنظمات الدولية ومنها الأمم المتحدة التي اعلنت في وقت سابق أن اليمن يشهد أشد الازمات الانسانية في العالم مع العام الثالث للحرب عليها، حيث قالت الأمم المتحدة: "إن 19 مليون شخص أو ما يقارب ثلثي السكان يعانون من الاحتياجات الانسانية، منهم 17 مليون شخص يعانون من انعدام الامن الغذائي، و7 ملايين مهددون بخطر المجاعة.
نعلم أن حجم المعاناة الانسانية لدى الشعب اليمني اكبر بكثير مما تنشره تقارير المنظمات الدولية التي تقف للأسف متفرجة على ما يتعرض له الشعب اليمني من تقتيل وتجويع.. حيث وصلت الخسة بالعدوان إلى استهداف المنشآت المدنية ومنها المستشفيات والمدارس ومنازل المواطنين وقاعات الافراح والعزاء.
إذاً لاجديد في رمضان هذا العام سوى أن العدوان زاد من صلفه واجرامه، فزادت معه معاناة اليمنيين.. فلك الله يا شعب اليمن.