عبدالله محمد الارياني - < أيُها المحافظون الجُدد.. رجائي عندَ تشييدُكم لُقصورِكُم الفارهةُ تذكروا أنّ هُناكَ أكواخاً تُهدَم.. وعِندَمَا تأوونَ إلى مخادِعكُم تذكروا أنّ هناكَ مَن لا يجدون مَخادعَ يأوُون إليها.. وعندما تتسابقونَ على اقتناءِ أفخرَ السياراتِ تذكروا أنّ هناكَ مَن يعبدونَ الإسفلتِ بسيرهم على أقدامِهم.
عندما ترتادونَ أسواقَ الماركاتِ العالميةِ لِكسائِكُم تذكروا أنّ هُناكَ من بُلي كِساؤهُم.. وعِندمَا تَقصِدُونَ أشهَرَ المطاعِمَ تذكروا أنّ هُناكَ مَن يقتاتُونَ الماءَ والخبزَ إن وُجِد.. وعِندَمَا تَحرصُونَ على تعليمٍ أفضلٍ لأولادِكُم تذكروا أنّ هُناكَ مَن هجرَ أولادُهمُ التعليمَ لِقلةِ حِيلِتهم.
عِندَمَا تَعمِدُونَ إلى زرعِ أولادِكُم وأقارِبُكم في المراكزِ الوظيفيةِ تذكروا أنّ هُناكّ مَن فَقِدُوا حقهُم بالوظيفةِ.. وعِندَمَا تُسعدُون لِلمِ شملِ أُسركُم وذويكُم تذكروا أنّ هُناكَ أُسراً تفرقت بسببِ الحاجةِ.. وعِندَمَا تسعَونَ لتأمينِ أنفسكُم تذكروا أنّ هُناكَ مَن فَقِدُوا نعمةَ الأمانِ.
عِندَمَا تعملُونَ بِكُلِ الوسائلَ المشروعةَ وغيرِ المشروعةَ على تثبيتِ وجُودَكُم تذكروا أنّ هُناكَ مَن أُلغيَّ وجودُهُ.. وعِندَمَا تعملونَ على تعظيمِ مكاسِبَكُم تذكروا أنّ هُناكَ مَن تعاظمت خسائِرَهُم.. وعِندَمَا تقصِدُونَ أرقى المستشفياتِ التخصصيةِ المحليةِ والدوليةِ للعلاجِ مِن نزلةِ البردِ تذكروا أنّ هُناكَ مَن لا يملِكُونَ ثَمنَ دواءِ الأمراضِ المزمنةِ.
عِندَمَا تملأون خَزائِنكُم بالأموالِ والمدخراتِ تذكروا أنّ هُناكَ مَن فُرِغت جِيوُبُهم مِن ثمنِ القوتِ اليومِي.
عندما ... تذكروا.. وعندما... تذكروا.. وعندما... تذكروا.
♢ أيُّها المحافظون الجُدد..
لماذا هذا التسابقُ على حسابِ آدميةِ الآخرين؟.. هل تناقضتُم مع شِعاراتِكُم التي روَّجتم لها ورفعتمُوها؟.. هل تملكتكم غريزة الأنا؟.. هل انقلبتم على كافةِ القوانينَ والشرائع السماوية والوضعية لتحقيقِ طموحاتكم؟.. هل تريدونَ الاستئثارَ على كلِّ شيءٍ وحيازةَ كلِّ شيءٍ والعيشَ بمفردكُم؟.. لماذا اتخذتُم من الأحداثِ والظروفِ المحيطة سبيلاً لمحاسبةِ ومعاقبةِ مجتمعٌ جميعُنا فيهِ أعضاء؟
♢ أيُّها المحافظون الجُدد..
التساؤلاتُ التي تنتظرُ منكم الاجابة عليها كثيرةٌ والاستفهاماتُ متعددةٌ ولكنّ السؤالَ الأهمَ هو: ألا يكفي حتى الآنَ ما يحدثُ مِن ممارساتٍ تتنافى مع طبيعتنا الانسانية؟ أوَلم يحنَ الوقتُ للالتفاتِ إلى المصالحِ المشتركةِ والتحركَ السريعَ والجادِ لتضميدَ جراحَ الفردِ أولاً وجراحَ المجتمعِ ثانياً وجراحَ الوطنِ ثالثاً؟
أوَلم يحنَ الوقتُ للآذانِ أن تنفضَ غبارَها مِن عليها لتسمعَ أنينَ المحتاجينَ وصراخَ المعدومينَ؟ أوَلم يحنَ الوقتُ لرفدِ قنواتِ الأسرُِ بما يضمنُ لها عيشها قبلَ أن ينكشفَ المستورَ الذي يعيشُ بسترِ الله؟
♢ أيُّها المحافظون الجُدد..
نحنُ لسنا ضدَكُم ، ولا نحملُ الحقدَ والضغائِنَ عليكم ، ولا نكنُ لكم أيُّ حقدِ ولا نرضى بِكلِّ ما تمارسهُ ثلةُ العمالةُ والارتزاقُ وحلفاؤهم مِن ممارساتٍ مجحفةٍ بحقِ شعبِنا ووحدتِنا ومقدراتِ وطنِنا ، إلا أننا أيضاً لا نرضى بكلِّ ممارساتٍ مبنية على التفرقةِ على أُسسٍ مناطقية أو مذهبية وجهوية أو عرقية أو سلالية أو حتى سياسية تُؤدي في أحسنِ الأحوالِ إلى إيجادِ طبقتينِ اجتماعيتينِ إحداهما تملكُ وتستأثرُ بكلِّ شيءٍ والُأخرى مقصية وتفتقدُ لكلِّ شيءٍ..
♢ أيُّها المحافظون الجُدد..
نحنُ أبناءُ وطن واحد، ولنا ربٌ واحدٌ وقرآنٌ واحدٌ ورسولٌ واحدٌ ، ونتميزُ بتاريخٍ واحدٍ وأصلٍ واحدٍ ولغةٍ واحدةٍ ، ونحملُ هماً واحداً ونقفُ إلى جانبِ بعضٍ في خندقٍ واحدٍ للدفاعِ عن قضيةٍ واحدةٍ ولنا عدوٌ واحدٌ يسعى جاهداً لطمسُ حضارَتِنا وإلغاء هويتِنا ومَسخ مبادئِنا وتشويه مُعتقدَاتِنا والقضاء على موروثِنا الفكري وتطلعنا للعيش الكريم.
إنّ ما نتمتعُ بِه مِن عواملِ التوحدِ بالأسسِ وعواملِ الانتماءِ للفروعِ ألا تفرضُ عليكمُ النظر إلى العامةِ والخاصةِ بعينِ المساواة؟
المساواةُ في الحقوقِ والواجبات.. المساواةُ في الهمومِ والاحتياجات.. المساواةُ في تأمينِ أدنى مقوماتِ العيشِ الكريمِ في ظلِ حربٍ شعواءٍ وحصارٍ جائر.
ألا يُفترَضُ عليكُم تلمسَ هموم واحتياجاتَ الوطنِ والمواطنِ باعتباركُمُ الُمخوَلُينَ بذلكَ وباعتباركُمُ ولاةَ أمرٍِ
وباعتباركُمُ السلطةُ الشرعيةُ التي ارتضاها الله سبحانه وتعالى لهذا الشعبَ الذي منحكُم ثقته.
♢ أيَُّها المحافظون الجُدد..
للفتِ النظرِ لا غير لا للقلقلة أو الإرجافَ إن كُنتُم لا تعلمون فالمواطنونَ يعتصِرُونَ الغَمامَ ماءً، ويعتصِرُونَ الجُوعَ خُبزاً ، ويعتصِرُونَ الألمَ ابتسامةً، ويعتصِرُونَ الشقاءَ والكدَ صحةً ، ويعتصِرُونَ المآسي صموداً، فإن لم تُسارعوا إلى وصِلهمُ فسوفَ يُقطعونَكُم ويُضاعفونَكُم هجراً.. وإن لم تسعوا جاهدينَ لتضميدِ جراحِهم فسوفَ ينِبشونَ ويُعمقونَ جِراحُكم.
إن لم ترتقوا إلى القممَ لأزاحةِ شبحَ الظلامَ عنهُم فسوفَ يرتُقونَ إلى عنان السماء لحجبِ نورِ الشمسِ عنكُم وإغراقِكُم بظلامٍ دامسٍ لا ينجلي..
فهم مخلوقاتٌ اتصالُها بحبلِ ربِ العِزةِ متينٌ ، ودعواتُهم إن بلغت عنانَ السماءَ فلا رادٍ لها عن مستجيبها وعندئذٍ سيخسِفُ بِكُمُ الأرضَ كماخُسِف بالذينَّ مِن قبِلكُم بأمرِه.
إيمانُنا وثقتُنا بقادتُنا وولاة أمرِنا ومرجعياتنا الدينية والفكرية والسياسية كبيرٌ وإيمانُنا وثقتُنا باللهِ أكبر .
♢ قال تعالى:(ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أُخرى).
يمنُنا باقٍ رُغمَ التكالب عليهِ لمحوهِ ونصرُنا محتومٌ على أعدائِنا الداخليينَ والخارجيينَ وسنةُ اللهِ ماضيةٌ على الكونِ بأسره ونحنُ محفوفونَ ومحروسونَ من ملكِ الملوكَ القائلُ:(بلدةٌ طيبةٌ وربٌ غفور)..
♢ .الرحمةُ والخلودُ للشهداء
♢ .الشفاءُ العاجلُ للجرحى
♢ .النصرُ لقضيةِ أُمتنا
♢ .ولا نامت أعينُ الجبناء
|