موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الأمين العام يعزي الشيخ مبخوت البعيثي بوفاة شقيقه - منظمة دولية: لا مكان آمن في قطاع غزة - حماس ترد على بيان الدول الـ18 - صنعاء.. استمرار الحشود المليونية الداعمة لغزة - 34356 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - قصف أهداف بفلسطين المحتلة.. صنعاء تستهدف سفينة إسرائيلية - شورى اليمن يدين مجازر الكيان بمستشفى ناصر - ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 34305 - ثلاث عمليات عسكرية يمنية ضد أهداف عدوانية - تمديد التسجيل على المقاعد المجانية في الجامعات -
مقالات
الإثنين, 19-مايو-2014
الميثاق نت -   عبدالرحمن مراد -

كانت اليمن قبل حادث انهيار السد وتفرق أيدي سبأ دولة مركزية تمر عبرها كل تفاعلات العالم وهو الأمر الذي مكنها من تكييف كل تلك التفاعلات الحضارية القديمة لمصلحتها فقد كان يفدها الناس في رحلة اقتصادية كل عام وأخرى مماثلة الى الشام بيد أن تلك المركزية خفت ضوؤها مع دخول الاكسوم الى اليمن وظهور التنافس بين القوى الكبرى في التاريخ وهو الأمر الذي استطاع شل الفاعلية المركزية لليمن.
وقد حاول أبرهة أن يستعيدها بيد أنه فشل فشلاً ذريعاً بعد أن شعر أن ناموساً كونياً يحول دون ارادته في استعادة المركزية اليمنية ومنذ ذلك القرن لم يتحدث التاريخ في أدبياته المختلفة عن مركزية يمنية في شبه الجزيرة العربية، بل تحدث عن دويلات كانت على تشابك مع دمشق وبغداد والقاهرة ومن قبل أولئك مع المدينة المنورة وظلت متواليات أحداثه تدور في ذات الفلك لم يتغير شيء، وبسبب ذلك الانقطاع الحضاري تعمق عند النخب الثقافية والسياسية إحساس عميق بأن اليمن كانت مركزاً لمعظم جغرافيا الجزيرة العربية وما جاورها، وأن الدول الناشئة في شبه الجزيرة العربية لم تكن إلاّ جزءاً من الدولة التاريخية اليمنية وترى أن الأنظمة القائمة في تلك الفترة لم تكن إلاّ أنظمة تقليدية في سبيلها الى الانقراض والتلاشي، وفي المقابل ترى تلك النخب في نفسها نموذجاً للدولة الثورية والحديثة والدولة الديمقراطية، وبين تلك الثنايات الزائفة في الوعي الجمعي ضاع حلم الدولة الحديثة ووقع في فخ الصراعات بين موازين القوى.
قد يتطلب الوعي بالمركزية وعياً مماثلاً بالقوة المادية والاقتصادية وهو ما لم يتحقق على مدى أكثر من نصف قرن من الزمان فالناتج المحلي ما يزال في أدنى مستوياته، ومستوى دخل الفرد هو الأدنى عالمياً، والانفاق الدفاعي لا يمكن قياسه بأي مماثل له، ومؤشرات التنمية البشرية لا يمكن الحديث عنها لأنها تكاد تكون عدماً، اذ أن ما يتحقق منها تدمره الصراعات والحروب.. أما معدل البطالة فهو في تزايد مستمر، والدين العام من الناتج المحلي يكاد يهددنا بالفناء المؤجل.. وأمام كل ذلك نجد أنفسنا نتشدق بالمركزية وبالامتداد التاريخي في حين اشتغالنا على البناءات العامة اشتغالاً انتهازياً وعبثياً، وكلما صدقنا الحقائق الموضوعية الواقعية وسؤالاته الحضارية والنهضوية المتجددة هربنا الى السعودية وتدخلها في شئوننا الداخلية لتبرير فشلنا وعجزنا عن مواكبة اللحظات الجديدة والانتقالية التي تمر بالمجتمعات.. وأمام حالة الثبات التي تصيبنا بالعجز وبالشلل التام ومع حالة التشدق بالثورية والأنظمة الحديثة والديمقراطية نجد السعودية في تطور مضطرد ومتفاعل مع الزمن، ومؤشرات متغيراتها المادية والحضارية في تنامٍ مستمر، ونجد وعياً باللحظة وبالهدف نعجز عن أن نجد مثله في نظامنا الثوري الحديث في أية لحظة تاريخية فارقة، هناك امتلاء ثقافي وحضاري ومنهجية سياسية قادرة وثابتة وادارة حديثة وواعية.. وحين تتأمل المجتمع السعودي تجد مجتمعاً تجاوز لحظته الثقافية الصحراوية والبدوية وعمر وجدانه بروح التمدن والعمران وروح السلام وقد حدث ذلك التطور الهائل في ظرف زمني لا يكاد يتجاوز عمر الثورة اليمنية إلاّ بالقليل أو بعوامل الاستقرار التي توافرت هناك ولم تتوافر لنا هنا في اليمن.
ما يجب أن ندركه أن المملكة العربية السعودية منذ النصف الأخير من القرن الماضي وحتى هذه اللحظة قد أصبحت مركزاً وهي تدير صراعاً مع منافسيها، وقد يشتد أوار التنافس كلما كانت موازين القوى أكثر تقارباً.. وصراع المملكة على الحفاظ على موقعها ومركزيتها دافعه الأول والأخير ثقافي عقائدي فقد تعزز من خلال مركزيتها الدينية وأصبح بالنسبة للجانب السياسي كالضرورة الواجب القيام بها.. وما تقوم به المملكة ليس أمراً مبتدعاً بل هو شائع في كل الاقاليم السياسية المتجانسة في العالم كما يقول بذلك علماء الجيوستراتيجية، فالتنافس على احتلال موقع الدولة المركزية تنافس حاد ودائم ومستمر، والوصول الى موقع الدولة المركزية يجعل كل تفاعلات العالم مع الاقليم بإرادتها وبما يجعلها قادرة على تطويع تلك التفاعلات لمصلحتها، ومثل ذلك الصراع تديره المملكة في جبهات شتى فهي تديره مع ايران، وايران منافس قوي على موقع الدولة المركزية، وتديره مع تركيا وتديره مع قطر بيد أن قطر أقل خطورة وشأناً نظراً لوجود التفاوت الكبير والشاسع في المعايير العامة للقوة، وتديره مع العالم الذي يبحث عن كينونته الاقتصادية في مصادر الطاقة.
ومن الخطأ الظن أن السعودية تريد أن تبتلع اليمن أو لا ترغب في استقراره كما هو شائع في خطابنا الثقافي أو الاعلامي أو السياسي أو الاجتماعي المقائلي ولكنها وفقاً للضرورة الاستراتيجية أو السياسية تسعى جاهدة إلى أن يكون هناك توازن نسبي أو كلي يضمن لكل طرف مصالحه ويعزز من أمنه ومن استقراره ولا يتهدده في قابل الأيام ومثل ذلك لن يتحقق إلاّ بتصحيح الصورة التاريخية التي يختزنها كل طرف على الآخر وعن نفسه والتفاعل مع اللحظة الجديدة واعادة صياغة مجموعة الأهداف والتفاعلات والعلاقات الجيوسياسية وبما يحقق قدراً من التناغم في المصالح ويحد من الصراع، وكما يقال فالصفة الأبرز في العلاقات الدولية هي ديناميكيتها وحركتها في العالم الذي يتميز بالتنوع والتعدد.. وتظل السعودية هي الحقيقة الموضوعية التي تحضر بصورة ايجابية في أزماتنا الخانقة ويغيب من سواها، فهي الأكثر حرصاً على بقاء الدولة والأكثر خوفاً من انهيارها ولذلك لابد من إثارة السؤال الجديد في كيفية التعامل معها وفق قاعدة تصالحية جديدة تفرغ حمولات الماضي لتبدأ من لحظتها الجديدة وبما يعزز من المصالح العامة للبلدين الشقيقين والجارين.. اليمن والسعودية.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)