محمد عبدالماجد العريقي -
عقب سماع خبر الحادث الإرهابي الذي وقع الاثنين الماضي قرب عرش بلقيس في مارب وراح ضحيته 7 قتلى من السياح الأسبان وثلاثة يمنيين كان أول رد فعل نطق به العديد من الناس بالقول: لقد ضربت السياحة في اليمن وفسر الحادث بأنه استهداف للسياحة التي كانت قد بدأت تأخذ طريقها للانتعاش بالفترة الأخيرة.
ورغم أن الاستنتاج السريع لآثار الحادث الذي بدا وكأنه مرتبط بالسياحة.. غير أن هول الصدمة النفسية لم تبارح الكثير من اليمنيين حتى الآن, ولذلك فإن الضرر الذي ألحقه هذا الحادث لا يقتصر على الجانب السياحي فقط وإنما شمل جوانب كثيرة أبرزها الضرر المعنوي الذي طال كل مواطن بوجه خاص والوطن اليمني بوجه عام, فالذي يتابع بيانات الاحتجاجات والادانات من كل المنظمات والأحزاب والهيئات الرسمية والشعبية والدينية ووسائل الإعلام بمختلف أطيافها وتوجهاتها لا شك بأنه سيلمس حجم الضرر المعنوي الذي لحق بكل مواطن يمني, لأن الذي حدث أولاً استهدف التشويه بسمعة كل اليمنيين المعروف عنهم أنهم لا يغدرون ولا يلحقون الأذى بأي فرد يدخل بلادهم آمناً مطمئناً مسلماً أمنه عهدة بين أيديهم طالما أصبح بصورة قانونية يسير على التراب اليمني.
وثانياً يعد ذلك الاعتداء طعنة غادرة لحضارتنا الإنسانية التي نتفاخر بها ونروج لها كمصدر سياحي ليأتي الآخرون يشاهدون ويتحدثون عن أصول العراقة والمدنية والإبداع المعماري والزراعي الذي ينتمي إليه هذا الإنسان ومن عبق ذلك التاريخ الحضاري يحظى اليمنيون بتقدير واحترام الآخرين لهم.
ويرون في هذا البلد (أرضاً وإنساناً) المقومات الحضارية التي تنطلق نحو التقدم والنهوض مهما كانت التعثرات والصعوبات الحالية.
وثالثاً - فقد وجه الحادث إساءة بالغة لديننا الإسلامي, إذ أن الإعلام الغربي يصور أن مثل هذه الأعمال تتم من قبل جماعات إسلامية متشددة أو متطرفة, والإسلام بكل تأكيد بريء منها, فكل يمني سواء كان منضوياً تحت تيار إسلامي أو غيره نبذ وأدان هذا الحادث, أما الضرر المعنوي الكبير فقد كان ولا يزال من نصيب العاملين والمشتغلين بالخدمات السياحية كمصدر رزق يعولون منه أسرهم التي تصل أعدادها إلى مئات الآلاف.
وإذا ما تعرضنا للخسائر المادية فإن أول المتضررين هي الخزينة العامة للدولة التي تسعى بكل جهد لتعظيم رقم العائدات السياحية من العملات الصعبة في ميزان الإيرادات وبكل تأكيد فإن الجهود الكبيرة لتتبع آثار الجريمة تتطلب نفقات كبيرة, وكلها أمور لم تكن متوقعة وتمويلها يقع على حساب خدمات ومشاريع أخرى.
وأمام هذه النتائج والآثار التي تسفر عن الأعمال التخريبية والمسيئة ليس فقط (حادثة مارب) التي تهز الكيان المعنوي للمواطن والوطن, وتستنزف الكثير من الإمكانيات المادية, ولمواجهة كل ذلك لا بد من تضافر جماعي كل في مجال وفي دائرة اهتماماته للعمل على تجنيب بلادنا كل ما يضر بسمعتها ومكانتها واقتصادها وحضارتها ودينها.. ولا نترك فرصة لأي تباينات في الأفكار والرؤى والتوجهات أن تشتت من جهدنا الواحد الموحد في مواجهة الأخطار التي تهدد الثوابت.. فهذه الثوابت هي سقف العيش والمعايشة والبقاء والوجود في هذا الوطن الغالي.
عن يومية "الثورة"