كلمة الثورة -
أعادت حادثة التفجير الإجرامية التي استهدفت الفوج السياحي الأسباني - في محافظة مارب - إلى الأذهان تلك الأعمال الإرهابية التي تعرضت لها اليمن وقطاع السياحة تحديداً في الفترة الماضية، وإن بوتيرة جاءت مختلفة عن العمليات السابقة من حيث الأسلوب والمسرح الذي جرت عليه، حيث أظهرت هذه العملية الإجرامية بشاعة الفعل الذي ارتكبه أولئك الضالون ممن تجردوا من كل القيم الأخلاقية والدينية والإنسانية وهم بذلك الفعل القبيح والمدان والمستهجن من كافة أبناء اليمن والعروبة والإسلام، أرادوا تعطيل حركة النمو والتطور وعرقلة مسيرة البناء التي تشهدها بلادنا في مختلف الأصعدة والمجالات، عوضاً عن أنهم بذلك التفجير الذي أزهق أرواح عدد من ضيوف اليمن قد أرادوا إلحاق الضرر بأرزاق عشرات الآلاف من اليمنيين سواء العاملين منهم في الفنادق أو أولئك الذين يعملون مع الأفواج السياحية أو المشتغلين منهم في الحرف اليدوية أو غيرهم ممن يكسبون لقمة عيش أسرهم من هذا القطاع الذي أرادوا تدميره من خلال ذلك التصرف الإجرامي غير المبرر ديناً وشرعاً. مما يعني معه أن من اعتدوا على ضيوف اليمن الذين قطعوا آلاف الأميال والمسافات الطويلة من أجل زيارة معالمه السياحية والاطلاع على آثاره الحضارية لم يلحقوا الأذى بالاقتصاد الوطني وحسب، وإنما بشريحة واسعة من المواطنين، إلى جانب الإساءة البالغة التي تسببوا بها في حق دينهم وجميع من ينتمون إليه. وحيال هذه الغايات الدنيئة للإرهاب والإرهابيين، فإن جميع المواطنين وكل من ينتمي لهذا البلد معنيون بدرجة أساسية بالتصدي لمثل أولئك الضلاليين والظلاميين أعداء الحياة وإسقاط رهاناتهم الخاسرة وتضييق الخناق عليهم باعتبار أن هذه المسؤولية ليست مسؤولية الدولة وأجهزتها الأمنية فقط، بل إنها مسؤولية تقع على عاتق الجميع. وفي ذات الوقت فإن من المصلحة أن تستشعر دول المنطقة أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأن مجتمعاتها مستهدفة من تلك الآفة الخطيرة والماحقة التي لا تميز بين شعب وآخر، فالكل في نظر أولئك المتطرفين أعداء وخصوم، ولا تفريق لديهم بين هذا وذاك. ولأن الإرهاب صار يهدد أمن المنطقة واستقرارها إن لم يكن العالم بأسره، فالواجب أن يسارع المجتمع الدولي إلى التحرك في عملٍ جماعي لتطويق هذه الآفة التي تنبئ كل المؤشرات أنها قد وضعت في أولوياتها إقلاق السكينة والأمن في منطقتنا وخارجها. ومن المهم في هذه الحالة أن تتكاتف الجهود وتتوحد الطاقات في مجابهة تحديات الإرهاب واجتثاثه من جذوره، خاصة أن ذلك قد أصبح مطلباً ملحاً لتأمين حاضر ومستقبل البشرية وتأمين مسيرتها الإنمائية من شرور السلوكيات الإرهابية وأعداء الحياة. ولا شك بأن تأييد اليمن لاقتراح المملكة العربية السعودية الشقيقة بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب قد عبر عن إدراك اليمن بخطورة الإرهاب على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي وكذا تأثيراته الكارثية على الواقع الإنساني ويكفي أن دوافع الإرهاب باتت تهدد كل شيء جميل على وجه الأرض. ولأن الإرهاب أعمى بحقده وخبيث في أفعاله كونه لا يترعرع إلا في الظلام ولا يقوى على الخروج من الزوايا المظلمة، فلا بد أن تدرك دول المنطقة أن التصدي لهذا الوباء لا يحتمل أي قدر من الاتكالية، وقد حان الوقت لأن يتعزز التنسيق والتواصل بين الأشقاء لما من شأنه الحفاظ على أمن مجتمعاتنا واستقرارها وتخليصها من ذلك المرض. ولا مجال هنا سوى أن يعمل الجميع ضمن فريق واحد بعيداً عن أية حساسية، وهو الموقف المأمول من كافة الأطراف الحزبية والسياسية والاجتماعية، وهو الرهان الذي يتعين أن نضعه ضمن أولوياتنا أحزاباً وتنظيمات سياسية ومنظمات مجتمع مدني حتى نخلص وطننا من هذا السرطان الخبيث.