موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


وسط تهديد بتشديد الحصار: الجوع.. سلاح ضغط أمريكي على صنعاء - تربويون وأكاديميون لـ"الميثاق": تحصين الجيل الجديد بأهمية الوحدة اليمنية ضرورة قصوى - الوحدة اليمنية خيار شعب ومصير وطن - الأمين العام يعزي بوفاة الشيخ عبدالكريم الرصاص - الأونروا: 600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح - المواصفات تنفذ نزولاً للتفتيش على محلات بيع الذهب - تقلبات جوية.. الأرصاد يكشف توقعات الطقس - حصيلة جديدة للشهداء والمصابين في غزة - استشهاد أكثر من 15 ألف طفل في غزة - ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 35173 -
مقالات
الإثنين, 10-مارس-2014
الميثاق نت -    محمد علي عناش -
< كثيراً ما تتردد كلمة الدولة المدنية في جميع الوسائل والمنابر الاعلامية، ويعقد لها ورش العمل والندوات والمحاضرات، أصبح الجميع يرددونها ويطالبون بها وكأنها أصبحت محل إجماع وغاية مشتركة للجميع، هكذا يبدو الأمر للمراقب والمتابع لجميع الفعاليات والأنشطة السياسية والجماهيرية، غير أن الأمر لا يعدو عن كونه مجرد خطاب سياسي استهلاكي وفعاليات لحظية محصورة في نطاق ضيق للتسويق الاعلامي الذي لا يعكس بالفعل حقيقة الواقع الاجتماعي والسياسي في البلد ولا الأرضية الثقافية التي يمكن البقاء عليها، بل يساهم في إخفاء حقيقة التوجهات الرسمية والمدنية التي لا تتماشى مع بناء الدولة المؤسسية وبناء المجتمع المدني.
خطاب الدولة المدنية ظل ولاايزال في مستوى فوقي ومجرد فعاليات ضيقة للاستهلاك والاستغلال السياسي، دون تأصيل واضح لمفهومها وأبعادها الاجتماعية، ودونما إجماع على مبادئها وأدواتها الجوهرية التي تكفل التأسيس للدولة المدنية والشروع في ممارسة أبسط مظاهرها السياسية والمؤسسية والقانونية كالمحافظة على استقلال ونزاهة القضاء وتنظيم حمل وحيازة السلاح وإخلاء المدن من المعسكرات وحيادية الوظيفة العامة.
الحقيقة الملموسة أن الكثيرين يزايدون بالدولة المدنية، لكنهم لا يعملون في إطار تحقيقها وممارستها، ليس جهلاً منهم وإنما لإدراكهم أنها تتصادم مع مصالحهم وأهدافهم، ونجد الكثيرين يتناقضون مع أنفسهم، ففي حين نجدهم يرفعون شعار الدولة المدنية لكنهم عملياً نجدهم يتحالفون مع القوى التقليدية ومجرد شقاة لديهم، ويكرسون واقعاً اجتماعياً وسياسياً وثقافياً يتصادم مع الدولة المدنية والنظام والقانون والديمقراطية وحقوق الانسان، ومنهم من يتطرفون أكثر بتصديرهم وعياً متعارضاً ومتصادماً مع قيم العصر والعلم والعقل.
إن الدولة المدنية في صيرورة بنائها مرتبطة أساساً بالتنمية الشاملة، وخاصة بالتنمية الاجتماعية والتي تنقل المجتمع من الحالة التقليدية المتخلفة الى حالة الدولة المؤسسية والإنتاج الصناعي والمجتمع المدني والتداول السلمي للسلطة، وهذا التحول لا يمكن أن يحدث دفعة واحدة، وإنما خلال صيرورة تراكمية من الإنجازات على جميع المستويات.
هذه التحولات بالطبع هي عملية منظمة لا عشوائية ومرتبطة أساساً بمدى وعينا بالتخلف الذي نعيشه، من هنا يجمع علماء الاجتماع والسياسة والاقتصاد على أن تخلف المجتمعات يجب أن يُنظر اليه من منظور كلي يشمل جميع جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والعلمية كي تتكون رؤية بنائية شاملة لتقدم المجتمع وتحديثه وهو ما يُعرف في مفهومه المكثف بالتنمية المادية والبشرية المستديمة، ومعايير نجاح جهود التنمية في أي مجتمع متخلف تقاس في مدى زمني معين، بما أحدثته من تحولات إيجابية في جميع الاتجاهات (التقدم الاقتصادي، التقدم الاجتماعي، التقدم السياسي..) يعتبر التقدم الاجتماعي هو أساس استراتيجي للتنمية وأهم مؤشرات ومعايير نجاحها في إطار بناء الدولة الحديثة.
في هذا الإطار قد نجد دولاً لديها وفرة مادية وتحقق تنمية اقتصادية كما هو حال معظم دول الخليج العربي، الا أن هذا النمو الاقتصادي ليس له انعكاس في مسار التنمية الاجتماعية والسياسية والعلمية، فمازالت مجتمعات غير ديمقراطية ودساتيرها من أسوأ دساتير العالم فيما يتعلق بالحريات وحقوق الإنسان والتداول السلمي للسلطة، ومازالت تعيش وضعاً متخلفاً حالها حال الكثير من الدول الفقيرة وربما أسوأ منها.
وعلى هذا الأساس فبناء الدولة المدنية مرتبط بشكل جوهري ببناء المجتمع المدني، الحامل الرئيس للدولة المدنية، والمجتمع المدني هو مجتمع المؤسسات المدنية والاتحادات والنقابات والأحزاب، والمصانع الإنتاجية والتحويلية، وشركات ومؤسسات رؤوس الاموال الوطنية الفاعلة في جميع قطاعات الإنتاج والتنمية، وفي هذا المجتمع تغيب وتنصهر وتذوب القبيلة والطائفة والعشيرة التي تقوم فيها علاقة الافراد على العصبية والولاءات الضيقة، أما في المجتمع المدني فتقوم علاقات الأفراد على أساس العمل والإنتاج والتنافس والكفاءة، وجميعها تنتظم في إطار دولة مدنية.
وعليه فإن بناء المجتمع المدني يتطلب تنمية اجتماعية في سياق التنمية الشاملة، التي تؤدي الى نقل المجتمع من مجتمع القبيلة الى مجتمع الدولة والمؤسسات والنظام والقانون، ومن مجتمع الهويات المتناحرة الى مجتمع الهوية الوطنية الواحدة التي تحترم التعدد بداخلها ولا تمارس الإلغاء والاقصاء، والانتقال من حالة الجهل والتخلف والحروب والثارات الى حالة العلم والسلام الاجتماعي والتفكير العلمي، والتداول السلمي للسلطة.
وعليه تعتبر مؤسسات المجتمع المدني أهم مظهر من مظاهر الدولة المدنية.. لماذا؟
- لأنها أداة توازن بين الدولة والمجتمع.
- إن مؤسسات المجتمع المدني هي فضاء للحرية والديمقراطية والمشاركة السياسية البناءة والمساهمة في تحقيق مشاريع التنمية.
- تعمل على نشر ثقافة التسامح والحوار بدلاً من ثقافة العنف والإقصاء.
- تعمل على حماية حقوق الانسان والدفاع عنها من الانتهاكات والتجاوزات.
- تحول دون سقوط وانهيار المجتمع عند حدوث هزات اقتصادية أو سقوط نظام الحكم..
وعليه فاليمن تعيش مرحلة حساسة وخطيرة من تاريخها نتيجةً لأزمة 2011م وتداعياتها الخطيرة على جميع المستويات، الأمر الذي أصبح فيه خيار بناء أسس ومداميك الدولة المدنية هو الحل الذي يجب أن تتجه نحوه جهود كل القوى الوطنية، وبدون ذلك فإن الخيارات الكارثية الأخرى ستكون هي الخيارات المفتوحة للاستقطابات الاجتماعية القائمة على العصبية والولاءات الضيقة، وستكون البديل وفقاً لمنطق قانون الغلبة.

أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)