فيصل الصوفي -
أجزم أن الإرهابي الذي نفذ الهجوم الانتحاري بمارب عصر الاثنين الماضي لا يعرف أحداً من ضحاياها لا هو ولا الذين مولوا وخططوا وجندوا للعملية الإرهابية.. وأجزم أنهم لا يعرفون ماريا تريزا، وانطوانيو تالو، ودوليا.. ولا يعرفون مروان عجلان، ولا أحمد الرداعي، ولا صادق السعدي.. وأجزم أنه ليس بين الإرهابيين وبين الضحايا العشرين المصابين والقتلى، السياح والسائقين والجنود، أي خصومة مسبقة.. بل أجزم أن الإرهابيين يعلمون تماماً أنهم استهدفوا أناساً أبرياء، وهذا هو الإرهاب بعينه.. يقتل أبرياء لكي يلحق ضرراً بطرف ثالث هو الدولة والمجتمع، وهذا الضرر قد تحقق بالفعل، حيث نجح الإرهابيون في ضرب السياحة وهي ما تزال في أول الموسم، وألحقوا خسارة بالاقتصاد الوطني وبمصالح العاملين في القطاع السياحي والاستثماري.. أضروا بسمعة الوطن وبمصالحه وعلاقاته مع دولة صديقة. لقد بات من المؤكد أن هذه العملية الإرهابية من بنات تنظيم القاعدة الإرهابي فهي تحمل بصماته وتشبه عمليات قام بها في منتصف مايو 2006م عندما استهدف الإرهابيون تفجير منشآت نفطية في ميناء الضبة بحضرموت وصافر بمارب بأربع سيارات مفخخة قادها إرهابيون من منتحري القاعدة الذين اعتادوا الانتحار آخذين معهم ما استطاعوا من الأرواح البريئة مخلفين وراءهم الخراب والضر بمصالح المجتمع. لقد كررنا مراراً أن الإرهاب مثله مثل الحرب يشتعل داخل الرأس أولاً، وينتقل إلى الأرض ثانياً، معبراً عن نفسه بالانتحار والقتل والتخريب والإضرار بمصالح الآخرين. الإرهاب نتاج ثقافة مغشوشة وتربية منحرفة، وما يزال يعمل ليلاً ونهاراً ويتحين الفرص لإنزال ضربات ماحقة بمجتمعنا. وعندما يهدأ الإرهابيون لبعض الوقت فذلك يعني انهم منهمكون بالتحضير لعملية إرهابية هم وحدهم يختارون مكانها وتوقيتها وضحاياها وأهدافها، لذلك علينا أن لا نأمن من شر هؤلاء، الذين لم يجد معهم أي حوار أو تسامح. إن العملية الإرهابية الأخيرة هي الأكبر منذ بدأت أولى عمليات الإرهاب المكشوفة في ديسمبر 1998م وهذا يعني أن تنظيم القاعدة الإرهابي وغيره من الجماعات الجهادية المتطرفة ما تزال حصاة مؤلمة في خاصرتنا وعلينا أن نعمل معاً كأفراد وجماعات، حكومة ومجتمع أهلي، سلطة ومعارضة، من أجل استئصال هذه الحصاة من خاصرتنا. الارهابي الذي نفذ الهجوم الانتحاري فقتل 7 أسبان وأصاب 6 آخرين وقتل من اليمنيين اثنين وجرح 6 آخرين لم يكن سوى المنفذ أو الحلقة الأخيرة من سلسلة طويلة مكونة من ممولين ومستقطبين ومحرضين ومخططين ومدربين وعرابين ومنفذين.. والمرء منا تسيطر عليه الدهشة والحيرة كلما وقعت مثل هذه العمليات الإرهابية، ويتساءل: هل بيننا هنا في اليمن مواطن يقبل أن يلعب أي دور داخل حلقات السلسلة الإرهابية تلك؟ وللأسف يبدو أن الإجابة هي نعم!. لكن بمقدورنا نحن الأغلبية هزيمة هؤلاء الإرهابيين الذين قرروا مسبقاً فتلنا والإضرار بمصالحنا وبعلاقاتنا مع الآخرين.. بمقدورنا ذلك عندما نجفف البيئة ونطهرها من دنس الإرهاب.. وبمقدورنا عندما نتثبت من مصير صدقاتنا وتبرعاتنا .. بمقدورنا عندما نبلغ أجهزة الأمن بالأنشطة الإرهابية المحتملة.. بمقدورنا إذا جعلنا كل شيء معرضاً لأشعة الشمس التي تقتل الجراثيم. إن ما فعله الإرهابيون بنا ليس هيناً ويجب أن نحاصرهم ونعاملهم بالقسوة نفسها التي يعاملوننا بها.. وان نكرههم بنفس مستوى كراهيتهم لنا، لا يكفي أن نقول إن هؤلاء يخالفون الإسلام وتقاليد وأخلاق الشعب اليمني، فهذا شأن لا يعنيهم من الأساس، وعلينا أن نعطيهم حقهم من الموت أو الحبس، وبدون ذلك لن يتركونا نعيش بسلام ولن نأمن على حياتنا ومصالحنا ما داموا ينسجون المؤامرات ويفخخون السيارات وهم بيننا!!. الثورة