أمين الوائلي -
سوف ينجح الحوار إذا أراد المتحاورون ذلك، ولأنه حوار، ولا يحتاج إلى سبب زائد عن كونه كذلك لكي ينجح، ما لم فلا يعد حواراً، بل «مداحسة» و«مفاحسة» وأي شيء آخر عدا عن كونه التقاء العقول وتفاهم الأفكار.
هذه المرة تتكافأ أطراف الحوار من حيث الاعتبارية الحزبية والصفة التنظيمية المتوازية أو المتساوقة مع ضرورات التقاء الجميع على طاولة واحدة وتحت سقف حاجة مشابهة إلى تفاهم يؤكد مجدداً أحقية المجتمع الحزبي وشخوصه التنظيميين بأهلية لازمة لإدارة حياة سياسية ومدنية تليق بتجربتنا الوطنية، وتبتعد عن تجميد الضجيج والضوضاء كما هو حاصل، بالفعل، لدى جماعات حزبية امتطت الضجيج إلى السياسة أو السياسة إلى الضجيج.!!
أقول تتكافأ، لأن الحوار بين قيادات تمثل أحزابها وصفاتها التنظيمية تماماً، ولطالما سبق، في تفشيل، أو تبرير إفشال الحوارات السابقة، حديث عن ازدواجية ما، في الصفة التمثيلية لأحد أطراف الحوار، وأعني هنا المؤتمر الشعبي العام، ولم يعد في متناول الآخرين التحجج بأن أمين عام المؤتمر هو نفسه رئيس الحكومة والوزراء، كما قيل في السابق، لأن أمناء وممثلي أحزابهم عزفوا على هذه الحجة أكثر مما يجب، ولم يعد ذلك ممكناً الآن، فهلموا تحاوروا بمعزل عن ذلك كله، الآن.
كان قرار فخامة رئيس الجمهورية بتفريغ أمين عام المؤتمر الشعبي العام للعمل الحزبي والمؤسسة التنظيمية، ولإدارة حوار سياسي جاد ومسؤول مع الأحزاب والتنظيمات السياسية في الساحة، حكيماً وبليغاً في سد الثغرات والإيفاء بكل الضمانات الموضوعية اللازمة للسير في عملية حوارية بين فرقاء الساحة وشركاء السياسة والأحزاب تفضي إلى نتائج موضوعية، بالمثل، وتمهد لمرحلة قادمة من الشراكة التنافسية على درجة مقبولة ومتزنة من الانضباط والتوافق المأمون والإيجابي.
والحال كذلك، لم تعد حجة اختلاط الحزبي بالحكومي، أو اقتران التنظيمي بالتنفيذي، واردة هذه المرة، تحديداً، في التملص من عملية حوارية لا بد من الإيفاء بها، وإن اقتضى ذلك، بالضرورة تعود الفرقاء على نوع آخر من السياسة يعلي من قيمة الحوار والجدل الفكري، ويحد من عبثية الصراخ والولولة في غير غاية أو رسالة مفهومة، اللهم إلا التبديد الحزبي ومراكمة الضجيج!!
يقيناً، فإن هناك من تطبّع على غير الحوار، ويصعب مطالبة هؤلاء بإحداث انقلاب فجائي وشامل في أساليب ووسائل الإدارة والأداء الحزبي والسياسي لديهم بحيث يخرج من اللاحوار حواراً، بين عشية وضحاها.
ولكن، وبالفهم ذاته، يصعب كذلك ترك الساحة والحياة السياسية برمتها عرضة للخطأ أو الخطر الناجمين عن منهجيات لا تؤمن بأولوية الحوار، وتؤمن فقط بأشتات بالية من المعاركة السياسية التبديدية، عفا عليها الزمن واليمن، ولم تعد صالحة لشيء من الاستخدام الآن في زمن الحرية والتنافسية وصراع المشاريع والعقول والأفكار، وليس المصالح أو المؤامرات!
في الأخير.. لا بد من اتفاق على أولويات وطنية ومدنية، لن تصبح ممكنة ما لم ينتظمها الحوار ويجمعها العقل السياسي، ولا بد من توافق وطني، آني ومستقبلي، حول كل ما يهم المرحلة، ويخدم التجربة، ويزيد من حضور النجاح وتراكم فرصه وإمكاناته في خانة المشروع السياسي اليمني، وعلى الأحزاب أن تجعل حضورها تابعاً للمصلحة الوطنية وليس العكس، علينا أن تتحاور أكثر.
الثورة