فيصل الصوفي -
قُتل نحو 500 من مقاتلي تنظيم القاعدة خلال العام المنصرم في أنحاء متفرقة من البلاد، وقُتل هؤلاء بقصف من الجو بطائرات أمريكية وسعودية، وفي مواجهات مع الجيش الأمن وبعض القبائل، وهناك مصادر تقدر عدد قتلى القاعدة بأكثر من العدد السابق. وليس كل القتلى يمنيين، بل فيهم سعوديون ومصريون وصوماليون وباكستانيون وبنغاليون وجزائريون، فالبلد منذ بداية الأزمة السياسية صار من أهم مراكز تجمع المقاتلين العرب والأجانب. وخلال العام الماضي أيضاً استشهد أكثر من 600 جندي وضابط ومقاتل قبلي ومواطن بريئ على أيدي مقاتلي القاعدة، ومن بين هؤلاء من أشار إليهم خبر وزارة الداخلية عن استشهاد 40 من ضباط وجنود الجيش والأمن وعدد من المواطنين والمقيمين العرب والأجانب في 66 عملية اغتيال نفذها تنظيم القاعدة باستخدام الدراجات النارية.يعني في أقل التقديرات هناك أكثر من ألف يمني أزهقت أرواحهم على أيدي مقاتلي القاعدة واللجان الشعبية والجيش والأمن والطائرات أيضا، وإلى جانب هذه الخسائر البشرية، صارت لدينا مدن مدمرة ومؤسسات مخربة ومنشآت حيوية كانت غرضاً للهجوم والتعطيل.. أفلا توجد طريقة أخرى قليلة التكاليف للقضاء على الإرهاب؟
صرتُ أكثر ميلاً إلى الدعوات التي تنادي بحل هذه المشكلة بوساطة طرق وأساليب فكرية وتربوية وقانونية، وآليات القضاء على منابع التطرف وتجفيف مصادر تمويله، وأن تبقى فعالية الحلول الأمنية والعسكرية حيثما وُجدت الدواعي الضرورية.. وأزعم أن رجال الدين بوسعهم أن يقوموا بالدور الأكبر في هذا الجانب لأن تنظيم القاعدة وأنصار الشريعة من صناعة رجال الدين، وبوسع أصحاب هذه الصناعة إجراء تعديلات على مصنوعاتهم.
تأملوا في مقالات رجال القاعدة وأنصار الشريعة وهم يتحدثون عن رجال الدين السلفيين والإخوانيين، يقولون: هؤلاء مشائخنا ومنهم نأخذ وبهم نهتدي، أي أن رجال الدين هؤلاء يمثلون المرجعية الدينية للإرهابيين، فلماذا لا تقوم هذه المرجعيات بدورٍ من أجل حقن الدماء ووقف الخراب والدمار؟ وبالضرورة هذا الدور يستلزم بروز فوارق فكرية جوهرية بين رجال الدين أصحاب هذه الصناعة، وبين مصنوعاتهم.
إذا تأملنا مواقف رجال الدين حيال جرائم الإرهابيين، وما يحدث للإرهابيين أيضاً سنجدهم إما يصمتون، وإذا تكلموا قالوا هؤلاء شباب الإسلام الذين يسعون لتطبيق الشريعة، هؤلاء مجاهدون ضد أمريكا فلنتركهم يقاتلونها هنا في اليمن، وأضعف الإيمان أن تكف الحكومة عن مقاتلتهم نيابة عن أمريكا.. وإن الغارات التي تشن على الإرهابيين (قَتْل خارج القانون).. حسناً، هل هذا حقن الدماء، وسلمت به البلاد؟ بالطبع لا.. فإلى متى تستمر هذه الدوامة؟