موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الزراعة تكشف حقيقة وجود دودة في المانجو - الوهباني يعزي بوفاة الشيخ عبدالرقيب المنيفي - الرهوي يدشن امتحانات الثانوية العامة - 5 شهيدات في غارة لطيران المرتزقة المسير في تعز - صدور كتاب اكثر من (100) شخصية كتبوا عن الاعمال الكاملة للبروفيسور بن حبتور - الأمين العام يعزي الشيخ مبخوت البعيثي بوفاة شقيقه - منظمة دولية: لا مكان آمن في قطاع غزة - حماس ترد على بيان الدول الـ18 - صنعاء.. استمرار الحشود المليونية الداعمة لغزة - 34356 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة -
مقالات
الإثنين, 24-أكتوبر-2011
الميثاق نت -  عبدالرحمن مراد -
< شاع في ثقافتنا الوطنية الثورية موضوع البطل الاسطورة الذي يحدث التوازن النفسي حين نهرب اليه بحثاً عن طموحات «الأنا العليا» في مقابل الشعور المنكسر بالهزائم من الواقع المعيش.. وقد كان سيف بن ذيزن في مفردات الخطاب الثوري الذي قادته الحركات القومية والطلائعية في منتصف القرن الماضي بطلاً اسطورياً بل أصبح رمزاً اسطورياً حاضراً في قوة الخطاب وفي مفردات الكلمة الشاعرة التي ترسم تموجات اللحظة وتنشد وهج الغد من بين ظلمات الماضي وضبابيته وهزائمه المتكررة في الذات وفي الآخر وفي الحضور وفي الغياب وفي الوعي الثقافي والابداعي والاجتماعي بل وفي الوعي الوطني كافة.
وقد كان لي موقف مناهض لتلك الرمزية الاسطورية لسيف بن ذي يزن تضمنه النتاج الابداعي الذي صدر لي بدءاً من مجموعتي الابداعية.. «قراءة جديدة في سفر الاقيال» وانتهاءً بنص مسرحي صدر عن مركز عبادي تحت عنوان «الهزيمة» تناولت فيه تلك الرمزية بقدر من التأصيل والتفصيل والتبرير والتقرير وجل الموضوع يتلخص في القول بانتفاء الرمزية عن سيف بن ذي يزن إذ لا فضل له في أي تحرر وطني كونه أخرج مستعمراً حبشياً ووطّن بدلاً عنه مستعمراً فارسياً وبلغة الجماعات الدينية أخرج موحداً وجاء بعبّاد النار «عبدة الأوثان» وظلت هذه الطريقة منهجاً ثابتاً في التاريخ السياسي الوطني بدءاً بالملك علي بن الفضل الخنفري الذي ذهب الى بغداد مع زميله أبو القاسم المنصور حسن بن حوشب وعادا الى اليمن بأجندة صاحب الدعوة الاسماعيلي ومروراً بالإمام الهادي الذي استعان به اليمنيون على الملك علي بن الفضل وساروا اليه الى الرس وانتهاءً بالحركة الوطنية في ستينيات القرن الماضي التي لم تثمر الا بالعون المصري ولم يعم السلام ربوع الوطن الا بالتوافق المصري السعودي على القضية الوطنية اليمنية.. هذه «العقدة اليزنية» كانت سبباً في تنافر النسيج الوطني وعدم انسجامه في مسارات وسياقات التاريخ، ويكاد الانسان يقرأها في تحركات وأنشطة القوى السياسية التي صنعت واقعاً مأزوماً وصل الى نفق مظلم يتعذر الخروج منه الا بمصابيح الآخر وقناديله.
يقول البردوني: «إن الأزمات في بلادنا بلغت حد الثأر لانعدام المحاولات أمامها وقدرتها على الاتساع والامتداد في فراغ من الانسان وفكر الانسان..» ويقول في مكان آخر «عظماء الرجال يبذلون التضحية لوجه التضحية.. لا لوجه الوصولية وشراء الهتافات الجماهيرية، والانبياء عليهم السلام لاقوا أشد ما لاقوا على أيدي الجماهير المغرر بها.. لكنهم كانوا يجهدون في خدمة هذه الجماهير ولو كابدوا عقوقها، لأنها لم تكن تدري من يقودها الى الهدى أو من يوجهها الى الضلال.. لكن الجماهير تعرف بعد وقت طويل أو قصير من يستهدف نفعها، ومن يبتغي نفع نفسه من توجيهها والتغرير بها..» ويقول ايضاً: «يبدو أن التوسط لم يعد مناسباً ولم يعد خير الامور، فليس هناك الا قوة وضعف أو كمال ونقص، والوسط شيء ملغي من الحساب، فنصف المتعلم أجهل من الجاهل، لأنه يأبى المزيد اقتناعاً بما لديه، والجاهل يقبل التعليم لأنه يحن الى المفقود، وكامل التعليم يحن الى المزيد لأنه يعرف قيمة التفوق، ويعلم أن الزمن لم يقل كلمته النهائية، والوطنية لا تقبل التوسط.. فليس هناك الا وطنية كاملة أو لا وطنية، أما من كان نصفه وطنياً فلابد أن يكون نصفه الآخر عميلاً أو خائناً وقد تتغلب نصف العمالة على نصف الوطنية، لما للعمالة من أرباح مؤقتة، وقد عرف تاريخنا المعاصر كثيراً من أنصاف الوطنيين ومن الوطنيين الكاملين» ويقول: «.. الشعب لم يعد ذلك القطيع الوديع، بعد أن عرف أنه سيد الارض ومصدر السلطة.. بل ان كل سلطة مدينة بوجودها للمواطن الذي أنكر سلطة سيئة، وبحث عن سلطة أفضل لأن كل زعامة سياسية أو قيادة عسكرية لابد أن تكون وليدة ظروف.. لكن هذه الظروف من خلق المواطنين العاديين لكثرتهم وحرارة تجاربهم مع محترفي السياسة.
ومن هنا يتجلى الفرق العملي بين من يصنعون الفرص ومن يستغلونها وبين من يفجرون الاحداث وبين من يصعدون على دخانها.. فالذين ترفعهم أحداث.. تسقطهم أحداث.. والذين تخلقهم فرص تعدمهم فرص أخرى والوسيلة الوحيدة في بقاء أي زعامة هو النزول عند رأي الشعب، مفجر الاحداث، وصانع الفرص»..
هذه الومضات البردونية الآنفة جاءت من ثمار وغيث الاحداث المتوالية التي شهدها الوطن اليمني في النصف الثاني من القرن الماضي ولو كان الذين يديرون الفعل السياسي الوطني يقرأون ما أنتجه هذا المفكر العظيم والشاعر الكبير (عبدالله البردوني) الذي لو كان في غير اليمن لأصبح مزاراً ثقافياً ومحجة فكرية - لعرفوا أنّ الوطن ليس ملهاة وأن الثورة ليست هتافاً وأن الآخر الذي نفاخر بانتمائنا اليه وعمالتنا له لن يصنع نظاماً حديثاً لنا ولن يزرع وطناً آمناً يظلل كل المنتمين اليه بالخير والرفاه.. ولن يتجاوز هذا الآخر الحد النفعي لبلده ذلك لأنه لا يرى في البعد الانساني الا طريقاً واحداً ومشتركاً في حالات يعود بالنفع على بلده ونظامه وليس بالضرورة ان يحقق لك ذات النفع الا بمقدار ما تفرضه عليه الضرورة الحتمية.
ولذلك فالتألُّه الذي وصلت اليه الازمة السياسية الوطنية سببه التيه والامتداد في الفراغ وقد تكون حسنتها الوحيدة هي قدرتها على إحداث التمايز بين عظماء الرجال الذين يبذلون التضحية لوجه التضحية.. فلم يشتغلوا على فقه الثارات بل عادوا - حسب تعبير الرئيس - يحملون غصن الزيتون وحمائم السلام - ومازالوا يجهدون في خدمة الجماهير ولو كابدوا عقوقها، في حين عج غيرهم الى الوصولية وشراء الهتافات الجماهيرية بأثمان بخسة دراهم معدودات وهي وتلك الهتافات تحولت الى بعد عقائدي بقول «دحابة» في الساحات إنها عبادة.. وقد بدأت الجماهير تعرف من يستهدف نفعها ومن يبتغي نفع نفسه وتعرف من نصفه وطني ونصفه الآخر عميل أو خائن لتغلب العمالة على الوطنية لما شاع عنها من أرباح تحدثت وتتحدث عنها وسائل الاعلام المختلفة كما أنها استطاعت التمييز بين أولئك الذين يصنعون الفرص من أجل خدمتها ومن يستغلونها لبناء ذواتهم وأمجادهم وامبراطورياتهم المالية ومن يفجرون الأحداث ومن يصعدون على دماء ودخان الاحداث وتحلق بهم أجنحة الطائرات الى آفاق بعيدة عن كوننا الوطني الذي تركوه رماداً بعد أن عاشوه جدلاً نفسياً مرعباً أو عاشوه جدلاً نفعياً طموحاً.
وفي ظني أن الذين صدمهم الواقع الجماهيري الرافض للنفعية والانتهازية وعمل على جزِ أجنحة الصعود من أنهار الدماء وركام الاحداث ودخانها.. استسلموا للعقدة «اليزنية» التاريخية فأحرقوا علم المملكة وداسوا على كلمة الحق التي فيه، ولم يمنعهم دينهم الذي ارتضوه من الإقدام على شناعة الفعل أو من السقوط الاخلاقي المريع، في حين كانوا يعولون على حتمية النصر لتفوقهم الاخلاقي وقد تناسوا جل المسلكيات التي عملت على تنفير عموم الجماهير الوطنية منهم كالتفاخر بالأنساب ورفع الأحذية في الساحات مع ترديد الشعارات ذات الألفاظ البذيئة والمنحطة والاحتفاء بالاعمال الارهابية والاغتيالات وهي الافعال التي تتنافى مع اخلاقيات المجتمع وقيمه ومبادئه.
لقد أصبح الارتماء في أحضان الآخر والوقوف على أبواب السفارات عملاً مفضوحاً ولا أخلاقياً ولا يمت الى البعد الاخلاقي الوطني بصلة، إذ أكد الآخر والمجتمع الدولي كله على ضرورة ان يكون الحل وطنياً ونابعاً من الخصوصية اليمنية، وبذلك قد يصبح الدوران في متاهات العقدة اليزنية تيهاً لن يفضي الا الى فراغ، كما أن نقل الاعتصامات الى أمام مجلس الأمن الدولي والتماس الحلول هناك تيه آخر في متاهات العقدة اليزنية، ولعل حاملة جائزة نوبل للسلام التي أظهرها أحمد منصور في قناة «الجزيرة» كإمرأة ضحلة التفكير والثقافة لا تحمل تحت خمارها مشروعاً حضارياً نهضوياً قد ظنت حين وقعت جائزة نوبل على .... خطأً لفقدانها للشروط الموضوعية للاستحقاق أنّ الاعتصامات وتأليب المجتمع الدولي على الوطن هو الطريق الامثل للسلام، ولعل هول الصدمة قد أفقدها صوابها فتناست أدوات السلام ومفرداته القائمة على الحوار والتعايش والقبول بالآخر واحترام خياراته وقناعاته ولا سبيل الى السلام الا بصيغة توافقية تكفل حق المواطنة والمشاركة وصناعة المستقبل ووضع الأسس والضوابط التي تكفل الانتقال والنهوض والتنمية وتحد من مناخات الفساد وبيئاته.
ولا أظن أن توكل كرمان حين ترفع عقيرتها بشعار «سلمية سلمية لا للحرب الاهلية» أمام مجلس الأمن الدولي ستمنع بذلك بركة الدم التي تراق في هذا الوطن.. فالسلام اسم الله، ولغة الله، ودعوة الله، وليس صوتاً أو شعاراً يمكن لتوكل أن ترفع عقيرتها به أمام هيئة الأمم المتحدة إذ لابد لها من الاشتغال على السلام كمنظومة متكاملة، فكرية، وثقافية، وأخلاقية، واجتماعية ومثل ذلك يتطلب قدرات هائلة وطاقات أكثر ترتيباً وتنظيماً، ولا أظن أن اهدار الطاقات في المظاهرات والاعتصامات أمر سيجدي نفعاً بقدر تشتيته للقدرات وإفراغه للطاقات بل قد يترك مثل ذلك أثراً سلبياً في الوعي الجمعي ويخل إخلالاً كبيراً بالقانون الطبيعي والنظام العام.
إننا نعيش وطناً خارج دائرة السلام ونوشك أن نؤلب عليه الأمم من حولنا دون وعي بمسافات ومتاهات العقدة اليزنية التي لا تكاد تقنع من مساندة الآخر دون أن تضع رأسها في النطع ليتولى هو التفكير نيابة عنها في الخروج من مأزقها الذي وضعت نفسها فيه، ولذلك تعددت الاتجاهات وتعددت تبعاً لها أسماء المطارات التي استقبلت رموز المعارضة من الباحثين عن الامجاد والسلطة.
إن قضيتنا ليست قضية استبدال ولكنها قضية انتقال، ذلك ان الاستبدال يتطلب سقوط القائم وإقامة الآخر بدلاً عنه، أما الانتقال فهو عملية توافقية بين مختلف القوى تلبي طموحات السواد الاعظم من الشعب بمختلف طوائفه ومذاهبه ومشاربه، الدينية والفكرية، والسياسية والثقافية وهو بمثابة صعود تراتبي من مرتبة الى أخرى تكون أفضل منها وأكثر استيعاباً لمتطلبات المرحلة.. والاستبدال هو هدم القائم والوقوف عند ذات المرتبة بعد تدمير مقوماتها.
إذاً ما يمكن ان يقال ان الذين حلقت بهم الطائرات وهبطوا في المطارات دل المعطى السياسي العام لهم أنهم يبحثون عن استبدال ولا قضية جوهرية مع الانتقال - الا إذا كان يعني نقل السلطة - لأن الانتقال قضية وطنية توافقية لن تأتي من الخارج ولكنها وليدة الحالة الوطنية وتجلياتها وهي موضوع وطني صرف لا معنى للعمالة فيه أو للارتهان لأنهما متاهٌ يزني لابد لنا أن نجتاز عقباته.
خاطرة
يبدو أن تكذيب الاخوة في التجمع اليمني الذي ابتعد عن لغة السياسة ليقترب من لغة التحقير والتقليل قد أوحى بتمجيد الفعل وحمل اعترافاً ضمنياً بالحادث وكشف كم أنهم يضيقون بالآخر.. فشهد لهم حين أماطوا اللثام عن سرائر أنفسهم وكشفوا عن قيمتهم الاخلاقية.
ومضة:
أحين أنضج هذا العصر اعصارا
قدتم اليه عن الثوار «أثوارا»
كيف انتخبتم له إن رام تنقيةً
من كان يحتاج حراثاً وجزارا
أبغية الشعب في التغيير أن تضعوا
مكان أعلى رؤوس العصر أحجارا
وقد يمزقنا غدر الرصاص هنا
أو هاهنا فنروع القتل إصدارا
لأننا ما ولدنا كي نموت سدى
بل كي نجمّل بعد العمر أعمارا
> من نص للشاعر / عبدالله البردوني
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)