د. علي مطهر العثربي -
يتوهم السائرون في درب الغواية أنهم يمنحون الشرعية لغيرهم، وأنهم من يعطي الفرصة تلو الأخرى، وهؤلاء ومن يسير في نفقهم المظلم يظنون أن الشعب مازال جاهلاً ولم يدرك ألاعيبهم ومكرهم، واستهانتهم بالإرادة الكلية للشعب، وعبثهم بالممارسة السياسية والحزبية التي جعلوا منها غاية وتجاوزوا حدود المعقول، ولم تنفع معهم الموعظة ولم يدركوا أن المكر السيئ لا يحيق إلاّ بأهله، ولم يفهموا بأن الذي يزرع الشوك لابد أن يحصد الندم، ولم يدركوا أن الشعب قد فهم ما يريدون الوصول إليه من خلال مماطلاتهم ونقضهم لاتفاقات كتبوها بأيديهم ابتداءً من يونيو 2006م وحتى اليوم ولم يفِ أحد منهم بما التزم به.
لقد ضاق الشعب ذرعاً بالممارسات الكيدية وحان للشعب أن يقول كلمته من خلال الانتخابات النيابية التي ستجرى في موعدها المحدد في 27 أبريل 2011م، وقد بات من الواجب على مجلس النواب أن يمارس حقه الدستوري ويصوت على مشروع تعديلات قانون الانتخابات العامة والاستفتاء الذي تم مناقشة مواده مادة مادة بحضور كل الكتل البرلمانية في المجلس، وحان الوقت لترشيح 15 عضواً من القضاة ورفعهم الى القيادة لتعيين 9 منهم اعضاء للجنة العليا للانتخابات العامة والاستفتاء، وحان الوقت ليقول القضاء كلمته الفاصلة، وكفى هدراً للوقت.
إن المضي في التصويت على مشروع تعديلات قانون الانتخابات وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات من القضاة يأتي تنفيذاً لمطالب تكتل اللقاء المشترك التي طالب بها منذ وقت مبكر ودخلت في بنود اتفاقات والتزامات وقعتها تلك القوى مع المؤتمر الشعبي العام، وما أن جاء الوقت لتنفيذها حتى انقلب المطالبون بتلك الاجراءات وصاروا ضد الدستور والقانون والقضاء، وضد الارادة الشعبية، ولم يعد لهم من شيء ينقلبون عليه إلاّ أنفسهم المشحونة والمأزومة بالكيد السياسي والتي لا تألف العيش إلاّ في ظل الأزمات السياسية ومحاولة التنكيل بالشعب.
إن على الماضين في النفق المظلم أن يتراجعوا عن صوت التعالي على الشعب والادعاء المعرفي ومحاولة احتقار الشعب وعدم الايمان بقدراته واستيعابه لمتغيرات الحياة السياسية، وعليهم العودة الى الصفوف الشعبية وترك خطاب الاستعلاء والكبر والنزول من البروج العاجية التي وضعوا أنفسهم فيها، وليدركوا أن النعيم الذي ينعمون به هو من خيرات الوطن وقوة الارادة الشعبية وصمودها في وجه العواصف والزوابع التي يثيرونها ضد الوطن والفتن التي يشعلون أورها كلما اتيحت لهم الفرصة، وليعلم المثيرون للفتن أن الشعب أعظم من حقدهم وأقوى من كيدهم.
إن الاتجاه الأكثر أهمية هو صوب الانتخابات النيابية صوب احترام الإرادة الشعبية وصوب المشاركة السياسية، ولا يجوز السير خلف سراب الواهمين الذين يريدون أن تغرق السفينة، ولذلك فإن المسئولية تقع على المؤتمر الشعبي العام بدرجة أساسية كونه الذي حاز على ثقة الشعب وعليه أن يمضي في تحقيق الإرادة الكلية واحترام الدستور والقانون، ولا يجوز التراجع عن هذا الواجب الدستوري، والذين لا يتراجع عنه إلاّ متخاذل ومتآمر على الإرادة الكلية للشعب، ويميل الى من يريدون تعليق الدستور وتعطيل المؤسسات الدستورية لكي يخلو لهم الجو للافساد في الأرض وتحقيق رغباتهم العدوانية ضد الشعب.. إن المحك الأساسي هو احترام ارادة الشعب والنزول عند رغباته وهو ما نحن مقدمون عليه بإذن الله.