كتب/ بليغ الحطابي - < اليمن كسبت الرهان.. فكما نجحت في حشد أقطاب العالم بشرقه وغربه، في تظاهرة عالمية هي الرابعة من نوعها، لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتعزيز مسيرة الإصلاحات في اليمن.. فقد نجحت أيضاً في كسب وإعادة ثقة المانحين ودولهم بحصولها على الوسائل التي تمكنه من تحقيق الانطلاقة الواعدة التي حددها في رؤيته وخططه المستقبلية التي شكلت أبرز وثائق المؤتمر والتي تعتبر بحسب محللين سياسيين، فرصة مهمة لتشابك المصالح اليمنية الخليجية..
ومع تعهدات المانحين وفرها المؤتمر يمكن لليمن ان يختصر المسافات التي تفصله عن غيره من دول المنطقة المجاورة أو البعيدة..كما يمكن لليمنيين اليوم التفاؤل بمستقبل أفضل.. والتطلع إلى آفاق أوسع وفرص حقيقية للنمو والتقدم.. وبواسطة الأدوات التي راهن ويراهن عليها اليمن »في مؤتمر لندن« ستتمكن من الرد على متطلبات الثورة التنموية ومواجهة استحقاقات البناء الاقتصادي الشامل على نحو لايستجيب فقط لاحتياجات تجاوز الصعوبات والمعيقات التنموية والانتقال إلى مرحلة جديدة في مسارات تطوره.. بل ليلبي مقتضيات إيجاد استقرار دائم وشامل في منطقة الجزيرة والخليج ويعطي زخماً للدفع باندماج اليمن في بوتقة إقليمية واحدة من خلال تأهيل اقتصاده وبنيته التنموية والخدمية والاستثمارية إلى مستوى اقتصاديات دول مجلس التعاون..
ولطالما مثَّل اليمن- البلد الفقير- عمقاً استراتيجياً وعاملاً مهماً وجالباً للدعم الدولي والإقليمي.. فبالنظر إلى المؤتمرات الثلاثة التي عقدت لدعم اليمن وتنميته ومواجهة تحديات السوق العالمية..إلاّ أن أهمية هذا العامل الاستراتيجي، كما يقول الكاتب والمحلل السياسي العربي أحمد غراب، قد تضاعفت أهميته ووصلت إلى مقدار غير عادي في ظل التطورات والانعكاسات والصراعات المتنامية والمتباينة التي تشهدها منطقة الخليج العربي والبحر الأحمر والقرن الأفريقي.. ابتداءً من تداعيات الملف العراقي وتطورات الملف النووي الإيراني وصولاً إلى انتشار الغيوم السوداء التي تنذر بحرب قادمة في الصومال.. وكل هذه التطورات، حسب رأيه، ساهمت بشكل مباشر وغير مباشر في وضع أهمية خاصة لليمن ولموقعه ودوره السياسي والأمني لدى الاقطاب الإقليمية والدولية..
تهديد الإرهاب
> ويؤكد غراب ان سياسة اليمن الخارجية الساعية إلى تعزيز أواصر الشراكة القائمة على المصالح والمنافع المشتركة لاسيما مع الولايات المتحدة ودول الخليج العربية في مكافحة الإرهاب وفي جميع الجوانب الأمنية والإقليمية.. الأمر الذي وفر دوراً يمنياً قوياً ومؤثراً حقق أعلى درجات النجاح في الشراكة الأمنية الإقليمية والدولية..
واضطرارها لمنحه الإمكانات اللازمة للقيام بدور أكبر في أمن البحر الأحمر والقرن الأفريقي وعلى رأسها حماية مصالحها المشتركة.. وهو ما أكده فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية في كلمته أمام مؤتمر المانحين بلندن- وهو أن بقاء اليمن خارج محيطه الخليجي والإقليمي ليس في مصلحة المنطقة بل انه يهددها ويزيد من اتساع دائرة الإرهاب والإرهابيين الأمر الذي سيصعب على أي من الدول ردمها أو ايقاف سياستها ما لم يكن هناك تكامل وتعاون دولي وإقليمي لمواجهة هذه الظاهرة وردم بؤرها..
ويضيف: لعل الفقر وما يمثله من خطورة على الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي أشد خطورة بل وعامل مساعد في تنامي ظاهرة الإرهاب.. وهو ما يستوجب توفير فرص عمل للشباب واستقطابهم لأجل خدمة وتنمية الوطن والحفاظ على مقدراته.. وذلك من خلال التكامل فيما بين دول المنطقة.
إرادة سياسية.. وقدرة فائقة
> الاجماع الخليجي الذي حفل به المؤتمر، على ضرورة إدماج اليمن في منظومة مجلس التعاون، حتى وإن كان متأخراً، حسب محللين، إلاّ أنه عكس إدراك قادة دول المجلس على الأهمية الاستراتيجية التي يمثلها ذلك القرار من النواحي الجيوسياسية والعسكرية والأمنية والبشرية والاقتصادية..
فاليمن، وبشهادة خبراء دوليين، لديه اليوم القدرة على الاسهام الفعال في حماية مسيرة مجلس التعاون بطاقاته وإمكاناته المادية والبشرية الذي يشكل وفرة مقارنة بالموارد البشرية لدول الجوار.. وبما يتوافر لديها من ثروات طبيعية مازالت غير مستثمرة حتى الآن إضافة إلى إمكانات سياحية مهيأة لتحقيق استثمارات واسعة.. وهو ما دفع الأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي العربي عبدالرحمن العطية- إلى دعوة رجال الأعمال الخليجيين إلى دعم تمويل مشاريع البنية التحتية في اليمن واغتنام فرصة نجاح مؤتمر المانحين ومشاركتهم القادمة في مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار الذي سيعقد بداية العام المقبل 2007م بصنعاء..
ضمانات حقيقية
> دعوات فخامة الأخ رئيس الجمهورية المتكررة لرؤوس الأموال العربية والأجنبية للاستثمار في اليمن والتي جددها مؤخراً في كلمته لدى مؤتمر المانحين.. مثلت، بحسب خبراء اقتصاديين، ضمانة حقيقية وحيوية لانسياب الاستثمارات الخليجية والأجنبية في اليمن التي من شأنها تعزيز مقدرات الاقتصاد اليمني.. حيث أكد أمين عام مجلس التعاون أن دعوة الرئيس علي عبدالله صالح وترحيبه بالاستثمارات الخليجية يندرج في إطار الحرص الذي تبديه القيادة السياسية ممثلة بفخامته لدعم أطر العلاقات اليمنية الخليجية وفي إطار التوجهات الإصلاحية التي يقودها في العديد من الأصعدة لاسيما في تطوير التشريعات وتوفير المناخات الملائمة للاستثمارات وتحديد الخدمة المدنية ومكافحة الفساد وتعزيز حقوق الإنسان ودعم الممارسة الديمقراطية وتعزيز دورالمرأة ومشاركتها الفاعلة في الحياة السياسية والاجتماعية.
يمن خليجي
> سعت الحكومة إلى بناء القاعدة الأساسية والخدمية لبناء اقتصاد يمكنه من الاندماج مع اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي.. وهي الخطوات التي تجسدت في الخطة الخمسية الثالثة للتنمية ومكافحة الفقر وبرنامجها الاستثماري الذي تبلغ الفجوة المالية له- نحو (7.8) مليار دولار.. ولعل ماتم توفيره عبر مؤتمر المانحين والبالغ نحو خمسة مليارات دولار سيمكن اليمن من إدارة تلك المساعدات وفق رؤية فنية جاءت من أجل معالجات معوقات إدارة المساعدات الخارجية في اليمن واستجابة لخمسة تحديات سيمكن لليمن تجاوزها إذا التزمت بهذه الرؤية..
ويؤكد صندوق النقد الدولي ان توسيع مجلس التعاون الخليجي بانضمام اليمن سيكون له آثار إيجابية ستنعكس على الإقليم تتمثل في تحسين المنافسة وخلق أسواق كبيرة وخفض أو إلغاء تكاليف الدخول والانتقال للأفراد والشركات وكلاهما سيعمل على تشجيع دخول شركات جديدة إلى السوق اليمنية وهو ما سيؤدي إلى تقليص قوة وهيمنة الشركات القائمة في الأسواق المالية.. وفي زيادة للاستهلاك والاستثمار والتوظيف للأيدي العاملة وغيرها.. ولعل أبرزها هو التكامل الاقتصادي الذي سيؤدي إلى زيادة الاستثمار الخارجي المباشر وغيرها..
مشروع الرئيس
> فالرئيس حين يمضي بخطوات واثقة باتجاه حصد دعم خليجي ودولي من مؤتمر المانحين إنما لإدراكه أن الخروج بدعم خليجي ودولي قوي من المؤتمر إنما يعني وضع الوطن على الطريق الصحيح نحو يمن جديد.. مستقبل أفضل.. كما انه يعني في الوقت ذاته دفع اليمن لتخطّي عقبات التأهيل باتجاه الاندماج الخليجي.. فلم يذهب إلى لندن لحصد دعم دولي مجرد ولكنه ذهب ليضع مشروع دولة خليجية ناجحة بكل المقاييس على مائدة الدول المانحة لاستجلاب الدعم لهذا المشروع.. سعى إلى هذا الهدف حاملاً حقيبة دبلوماسية تزخر بالعديد من عوامل النجاح والاستحقاق التي تمنح بلاده دعماً خليجياً ودولياً متميزاً سيكون له أثره في نجاح مشروع النهوض التنموي في اليمن.. وحسب تأكيده فإنه سيمكن اليمن من أن تصبح قوة هائلة بما ستمتلكه من إمكانات، وتصبح أيضاً رقماً يتحدث عنه الآخرون ويعملون له ألف حساب.
بشارات
> »يمن جديد.. ومستقبل أفضل« هذا هو شعار المرحلة القادمة التي يقودها فخامة الأخ علي عبدالله صالح ليختتم مؤتمر لندن لدعم اقتصاد اليمن ببشارات حمل مضامينها.. وبشهادة نائبة رئيس البنك الدولي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا السيدة »دانيلا جريساني« فإن مؤتمر المانحين قدم بوضوح صورة اليمن الجديد برؤى جديدة وتطلعات واثقة وخلفية تاريخية وحضارية وديمقراطية فريدة على مستوى المنطقة.. والتي تتمثل حسب »دانيلا« في إنجازاته المتحققة في الحكم الجيد وبيئة الاستثمار وإصلاح القضاء.. وغيرها على الصعيد التعددي والديمقراطي والإصلاحات..
وماذا بعد؟
> حصل اليمن على وسائل تأهيله اقتصادياً تمهيداً لإدماجه في جميع مؤسسات المنظومة الخليجية.. وبواسطة تلك الوسائل التي يراهن عليها يمكن الرد على الثورة الديمقراطية الصاعدة طرداً مع الاستقرار الذي عم البلاد وتحسن الخدمات الصحية وتوسع المدن واستقرار العيش فيها والإنجازات المهمة في البنى التحتية.. والحد من البطالة ومكافحة الفقر واستقطاب الشباب والأيدي العاملة وغيرها من الوعود التي تحتاج إلى معالجات وخطط مستقبلية، وإرادة في المقام الأول، من الأجهزة والمؤسسات الحكومية وهي المهمة الأبرز للمرحلة القادمة.. وبحسب المحلل السياسي فيصل جلول فإ نه عندما يكون الرهان والتحدي بهذا الحجم، الذي حمل أولوياته رئيس الجمهورية، فإن الأمر يتطلب عزيمة مضاعفة ومسؤولين مخلصين ورقابة لاتلين..
|